برغم معاناة أهالى الشيخ زويد بسبب الإرهاب والفكر الظلامى فإن أبناء هذه المنطقة المستنيرين يفكرون خارج الصندوق ويبذلون جهودا كبيرة فى تعليم الفتيات وحماية الاطفال من الجهل ويحاولون تغيير الصورة الذهنية التى صنعتها الاحداث خلال السنوات الماضية بالمدينة، بعد ان تخلص رجال القوات المسلحة من العناصر الإرهابية. وخلال تلك الفترة كان يراودهم حلم العودة وبينهم حملة درجات علمية كبيرة من ماجستير ودكتوراة ليبدأوا فى تنمية مجتمعهم بالشيخ زويد، ولكل منهم قصة وحكاية فى التحمل والصبر. ففى البداية التقينا بنت الشيخ زويد الدكتورة امل سلامة، التى تروى قصتها مع الكفاح، بعد ان تركت منزلها بالشيخ زويد وعادت الية مرة أخرى وهى تحمل درجة الدكتوراه، لتبدأ خطوة جديدة فى تعليم أهالى الشيخ زويد، ومبادرات عديدة وبعض المسابقات والجوائز للمتعلمين. كما تقول الدكتورة امل إن الإرهاب والتطرف انتشر فى قرى ونجوع سيناء بسبب الجهل والافكار الخاطئة فقط، وان محاربته لابد ان تكون بالتعليم. وتضيف: تركنا المكان منذ بداية الحرب على الإرهاب لرصاصة الاعمى والعشوائي، وقررت ان اقوم بالالتحاق باحدى الجامعات للتسجيل للدراسات العليا، فتقول انا بدوية من الشيخ زويد من قبيلة السواركة، وقد حصلت على درجة الدكتوراه، وتم تعينى مدرس باحدى جامعات سيناء. وتابعت: لم أنس للحظة واحدة القرى التى دمرها الارهاب بالشيخ زويد، واعلم جيدا معاناة البنات من ابناء قبيلتى خصوصا القرى التى تبعد عن مدينة الشيخ زويد بعشرات الكيلو مترات، فالبنات لديهم مشكلة فى التعليم لبعدها عن المدينة وبعض العادات الراسخة فى المجتمع القبلي، مما ادى الى عزوف اهالى كثيرة عن تعليم ابنائهم من الاناث واضافت قررت ان اعمل ايضا بالتدريس فى هذه المدارس من خلال جمعيات بالشيخ زويد. وقالت الدكتورة أمل: قررت ان اخوض معركة التعليم للفتيات بصحراء سيناء، ولأننى ابنة المكان فاعلم جيدا ان قرى جنوب الشيخ زويد بها عقول كبيرة قابلة للتعلم وهناك معاناة كبيرة للفتيات، ومن هنا اطلقت مبادرة جائزة الفتاة الأكثر تميزا بقرى جنوب الشيخ زويد ورفح، ووضعت بعض الشروط لهذه الجائزة منها ان تكون الفتاة حاصلة على الثانوية العامة وقيمة الجائزة مبلغ مالى كبير تحصل عليه الفتاة الأكثر تميزا بهذه القري، وكانت اول جائزة من نصيب لفتاة من قرى رفح لتميزها الشديد فى التعليم والتحصيل وهكذا استمرت الجائزة لحث ابناء الشيخ زويد ورفح على التعليم. وأضافت: سرعان ما تطورت الفكرة لإنشاء مؤسسة تعليمية متكاملة تعمل على تقديم خدمات تعليمية وثقافية للذكور والاناث داخل القرى البعيدة بالشيخ زويد، وان اهم اهداف هذة المؤسسة هو التعليم للاطفال بالقرى البعيدة كبداية للتعلم الحقيقى لنحلق بهذة الاجيال من ان يغزوا عقولهم افكار متطرفة. وأكدت أن هذا العمل اقوى رد للإرهابين والمتطرفين باننا نحلق بجيل كامل متعلم لايستطيع احد ان ان يؤثر على افكاره، وأن هناك الكثير من الفتيات اللاتى يرغبن فى التعلم حتى ان بعضهما وصل لسن الثلاثين ويرغب فى استكمال تعليمهم، مشيرة إلى انه بالإضافة إلى هذه الجائزة هناك انطلاقة اخرى تتم حاليا بالشيخ زويد وهى مبادرة الاهتمام فى تعليم الفتاة البدوية التى تركت الدراسة منذ فترة وترغب فى استكمال تعليمها خاصة فى القرى النائية وتقليل عزوف الفتاة عن استكمال تعليمها. واضافت ان نجاح هذة المبادرة اعتمد بالدرجة الاولى على ان المبادرة انطلقت من فتاة بدوية متمثلة فى شخصى وحصولى على درجة الدكتوراه ايضا جعلت الاقبال كثيفا من اهالى قرى الشيخ زويد على التعليم وانتقلنا الى الدكتور خالد زايد من ابناء الشيخ زويد لنتعرف على قصته وكفاحه فى التعليم ليعود حاملا درجة الماجستير من القاهرة ومسجلا لدرجة الدكتوراه ليخدم اهل بلدته. وحول معاناة اهالى الشيخ زويد، قال خالد إن الحياة فى الشيخ زويد بعد الارهاب والرصاص الاعمى اصبحت غاية فى الصعوبة ولكن تركها فى هذا الوقت كان امر اصعب بكثير واضاف ان الحرب على الارهاب يجب ان تكون بتعليم الاجيال القادمة ليتمكنوا بانفسهم من محاربة الافكار المتطرفة، ولهذا كان هدفنا الأكبر كخدمة اهالينا خاصة اننى بدوى ومن قبائل الشيخ زويد ولم نستسلم للارهاب. وأضاف: قمنا بتنفيذ العديد من برامج تدريبية للسيدات بواقع 15 متدربة فى كل تدريب باجمالى 45 مشاركة من الاسر على الكليم الطبيعى فى ثلاث مناطق مختلفة بمركز ومدينة بئر العبد وكذلك تدريب الفتيات على الاكسسورات والهدايا بواقع 15 سيدة فى كل ورشة باجمالى 30 مستفيدة فى التدريبات، وتم الاستعانة بمدربين متخصصين فى هذا المجال ممن لهم خبرة طويلة ومتميزة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة مشروعات التراث. وتابع: كان لابد ان نهتم بالجانب الاقتصادى للاسر ايضا فقمنا بتدريب الأسر على صناعة وتعليب وتعبئة العجوة فى مناطق مختلفة بمركز وهى قرى السادات، سلمانة، التلول، بمركز بئر العبد، وتم الاستعانة بمدربين متخصصين لهم، وكان هناك اقبال كبير من الفتيات على حضور التدريبات وتم اختيار المشاركات حسب اولوية التقديم وجدية المشاركة واضاف ان المنتجات البئية السيناوية فى هذة الظروف التى تمر بها بلادنا فى الحرب على الإرهاب، كان لابد من استغلالها جيدا ومنها تدريبات على صناعة الاعلاف من منتجات النخيل، وتم تنفيذ ذلك مع 15 شاب فى كل وكذلك صناعة الكراسى والاقفاص من منتجات النخيل والارابيسك من وتم ذلك لأهالى الشيخ زويد ورفح. واضاف: لم نقف عند هذا الحد ايضا فقد قمنا ايضا بالدعم العينى للسيدات المشاركات فى تدريبات للاكسسورات والهدايا والكليم الطبيعى من خلال توزيع الدعم العينى للفتيات المشاركات فى التدريبات المتمثل فى 40 كيلو لكل مشاركة من الخيط الصوف من الالوان المختلفة بالاضافة الى نول يدوى لكل مشاركة، كما تم توزيع الدعم العينى لتدريبات الاكسسورات والهدايا المتمثل فى 4.5 كيلو لكل مشاركة. وقال خالد: إننا لم نكتف بهذه المساهمات للتغلب على الظروف الحالية فقد قمنا بتقديم 50 ألف جنية كمساعدات طبية لمعظم الأسر بالشيخ زويد، وانهى حديثة بان التعليم ثم التعليم هو السبيل الوحيد لمحاربة التطرف ونحن نسعى لذلك بمجهودتنا الشخصية ومساعدة الدولة لنا بكل امكانياتها والتى لاتدخر جهدا فى بناء المدارس والمؤسسات التعليمية بالشيخ زويد ولكن ينبغى على المجتمع المدنى بالشيخ زويد مساعدة الدولة بالمجهود الشخص ايضا للنهوض بها. اما القصة الثالثة للدكتور محمود يوسف، الذى يقول اننى عدت الى الشيخ زويد بعد ان حصلت على الماجستير لتعليم ابناء قريتى بالمناطق البعيدة ونزرع فيهم الثقافة الحقيقية ليتمكنوا بانفسهم فيما بعد من محاربة التطرف. اما الدكتور اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء فيقول ان الحياة امنة بالشيخ زويد وجميع المدارس تعمل بانتظام. واضاف اننى ذهبت بنفسى الى هناك وترجلت فى معظم شوارعها وجلست مع المواطنين بالشوارع واستمعت الى مطالبهم وشكواهم وجميعها فى حيز التنفيذ حاليا، مشيرا إلى ان اهالى الشيخ زويد تحملوا الكثير والكثير خلال الايام السابقة وكانوا صامدين ويقفون بكل عزم واصرار مع دولتهم فى محاربة التطرف الدخيلة على المجتمع السيناوى الاصيل. وأكد ان نهاية العام باذن الله ستكون كل سيناء امنة تماما وستبدأ عهد التنمية الحقيقى فى كافة المجالات والتطوير القادم سيكون شاملا لكل مناحى الحياه وابرزها حاليا هو مشروع تطوير ميناء العريش البحرى لتعد من الموانى العالمية فى التصدير والاستيراد، وستكون فاتحة خير لمصر خلال أشهر قليلة. واضاف ان الأوضاع الأمنية فى تحسن كبير وان جميع المواطنين يمارسون عملهم اليومى بشكل طبيعى فى العريش ورفح والشيخ زويد حتى القرى البعيدة. وفى النهاية فإن صمود ابناء الشيخ زويد بالتعليم ساهم بقدر كبير فى محاربة الفكر المتطرف على يد ابنائها بجانب اجهزتها الامنية التى قضت على الإرهاب فالجميع يحارب الفكر الدخيل بأسلحة مختلفة.