مصر الآن في يد الإخوان. فالرئاسة,والحكومة, والإعلام, والمؤسسة العسكرية, وأجهزة الأمن في قبضة الرئيس الذي ينتمي الي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. قد يقول قائل إن هذا أمر طبيعي, ومنطقي, لكن ذلك غير صحيح, بل وخطير! فلا يوجد دستور يحدد صلاحيات الرئيس, وشكل الحكم هل هو رئاسي أوبرلماني ؟ ولا يوجد برلمان يراقب أعمال الحكومة, ويسن القوانين والتشريعات, والرئيس يملك في يده السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد صدور قراراته بإحالة كل من المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان إلي التقاعد, وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل. أما المؤسسة القضائية, فمازالت حتي هذه اللحظة تقاوم محاولات السيطرة عليها من خلال ما يجري بشأنها في الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور. هذا هو حال مصر الآن. فهل سيكرر الإخوان المسلمون أخطاء الحزب الواحد الذي عاني منه المصريون طوال ستين عاما ؟ وهل ستدفعهم نشوة استحوازهم علي مفاصل الدولة إلي رفض القوي الوطنية الأخري مشاركتهم مسئولية الحكم ؟ لو ظن الإخوان انهم يستطيعون وحدهم إدارة شئون البلاد, فإنهم يقعون في خطأ جسيم. ولو ظن الإخوان أن الأكثرية التي حصلوا عليها في انتخابات مجلس الشعب المنحل, ومجلس الشوري المهدد هو الآخر بالحل تعني أن المصريين راضون عن توجهاتهم وأفكارهم فإنهم واهمون. ولو ظن الإخوان أنهم وحدهم يمثلون الثورة المصرية فإنهم يرتكبون جريمة سياسية لن يغفرها لهم التاريخ. ولو ظن الإخوان أن تأييد أمريكا الظاهر لهم, ووقوفها إلي جانبهم, وسعيها إلي مساعدتهم,فإنني أقول لهم إن المتغطي بأمريكا عريان. إن مصر دولة كبيرة, ومشاكلها ضخمة وثقيلة, ولن يقدر علي حلها- مهما أوتي من قوة أو سلطة فصيل واحد, أو حزب واحد. من هنا, فإنني أدعو رئيس كل المصريين الذي أتي به صندوق الانتخابات أن ينسي رداءه السابق, وأن يحتضن كل القوي الوطنية والثورية علي اختلاف توجهاتها والتي شاركت في الثورة, وأن يدرك أن نجاحه في إدارة شئون البلاد لن يتحقق بغير ذلك, وأن نجاحه في حل مشكلات مصر المستعصية سياسيا واقتصاديا يتوقف علي تجميع كل المصريين مؤيدين ومعارضين في منظومة متكاملة هدفها أولا وأخيرا خير مصر. المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد