قنبلة جديدة فجرها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل أيام من معركة التجديد النصفى للكونجرس بإعلانه الرغبة فى إلغاء الحق فى اكتساب الجنسية الأمريكية لكل طفل يولد فى الولاياتالمتحدة ، الأمر الذى تسبب فى إثارة جدل قانونى كبير حول مدى قدرة الرئيس على إلغاء حق يكفله الدستور الأمريكى بجرة قلم على مرسوم رئاسي. وينص التعديل 14 للدستور الأمريكى الذى يمنح حق الجنسية بالميلاد على أن «جميع الأشخاص المولودين فى الولاياتالمتحدة أو الحاملين لجنسيتها والخاضعين لسلطاتها يعتبرون من مواطنى الولاياتالمتحدة ومواطنى الولاية التى يقيمون فيها. ولا يجوز لأية ولاية أن تضع أو تطبق أى قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطنى الولاياتالمتحدة». واستنادا إلى ذلك يؤكد أغلبية خبراء القانون أن مرسوما رئاسيا بإلغاء هذا الحق سيعد انتهاكا حقيقيا لعدة نصوص دستورية وقانونية أخرى تتعلق بحقوق المواطنة، كما أنه سيمثل خرقا للبند الثانى بالدستور والذى يقول «إن رئيس أمريكا يجب أن يضمن تنفيذ القوانين بإخلاص تام». ويؤكد الخبراء أنه إذا تم الأمر عبر قرار رئاسى فإن كل بنود الدستور الأمريكى ستكون معرضة ببساطة للإلغاء بمراسيم رئاسية. وبالتالى فإنه من المؤكد أنه إذا مضى ترامب قدما فى خطته فإن قراره سيصطدم بعقبات قانونية كبيرة وسيواجه بدعاوى قضائية تصل فى النهاية إلى المحكمة العليا للبت فيها. ولكن حرمان الملايين الحالمين بالجنسية الأمريكية لأطفالهم قد يتحول إلى حقيقة واقعة إذا ما أصر ترامب على تنفيذ خطته ولكن هذا المرة باللجوء إلى الكونجرس من خلال التصويت على تعديل دستوري، وهى رحلة طويلة يتخللها الكثير من المصاعب خاصة مع حالة الغموض بشأن انتخابات الكونجرس المقبلة إذ إنه من المتوقع فى حالة فوز الديمقراطيين أن تواجه خطط ترامب بشأن الهجرة عقبات جمة قد تنتهى بالفشل، كما أن المشهد قد يتغير برمته إذا اختار الأمريكيون تغيير رئيسهم « الشعبوي» فى انتخابات 2020. ويشار إلى أن التعديلات الدستورية عادة ما يطرحها الكونجرس أو المجالس التشريعية للولايات للبحث، ويصبح التعديل جزءا من الدستور بعد المصادقة عليه إما من قبل المجالس التشريعية لثلاثة أرباع الولايات على الأقل أو من قبل تجمعات استفتائية تعقد فى ثلاثة أرباع الولايات على الأقل . والمتابع لتصريحات ترامب فى هذه القضية يجد أن بها الكثير من التناقضات، ففى الوقت الذى أكد فيه قدرته على إلغاء هذا البند من خلال قرار رئاسي أشار إلى أنه سيعود للكونجرس لتمرير تشريع يلغى هذا الحق الدستوري، وقال إنه يفضل أن يتم ذلك من خلال الكونجرس لضمان الإبقاء على هذا الإلغاء بشكل دائم. ويقول ترامب إن التعديل رقم 14 لا يكفل الحق فى الجنسية بالميلاد، مستشهدا بعبارة فى نص التعديل تقول الحق فى الجنسية يمنح لمن يخضعون ل «سلطات الولاياتالمتحدة»، أى أن المهاجرين غير الشرعيين - أو من وجهة نظر ترامب «غير الخاضعين للسلطات الأمريكية» - لا يحق لمواليدهم الحصول على الجنسية. كما أن سياسيين محافظين من المعسكر الجمهورى يقولون إن التعديل ال 14 معنى بالأطفال المولودين لأبوين يحظيان بإقامة دائمة فى الولاياتالمتحدة، وليس أبناء المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يملكون أوراقا تثبت تواجدهم على الأراضى الأمريكية بصورة قانونية، أو الذين يزورون الولاياتالمتحدة لفترة قصيرة. وقد تتسبب هذه الجملة فى جدل تاريخى فى القضاء الأمريكى حول المهاجرين المعنيين بالإلغاء المزعوم خاصة أن نص الدستور الأمريكى لم يشر بالتحديد إلى هوية آباء المواليد على الأراضى الأمريكية سواء كانوا مهاجرين شرعيين أو غير شرعيين.