على أن أعترف!! لقد فقدت السيطرة على مكتبتى بت أعتقد أن كتبا تحب كتبا أخرى، فهى تترك أماكنها حيث وضعتها وتذهب خلسة إلى ما تهوى كأن جلسات سمرٍ تتم فى الليل، بعيدا عنى! بدأ كل هذا فجأة، عندما أردت إن أعيد قراءة «مائة عام من العزلة» إذ بعد يومين من البحث وجدتها فى صحبة «إزهار الشر» و«فصل فى الجحيم»، و«رسالة الغفران». لم أنم ورحت أراقب المكتبة، وأرهف السمع لأى نأمة تصدر عنها، مع ذلك كانت سنة من النوم، أو انحناءة، فقط، أشعل فيها سيجارة، كافية لأن تضحك الكتب فى سرها، وتغير أماكنها، كأنها تراقبنى كما أراقبها!! هذه الكتب، التى أحببتها، أصبحت شريرة، على الأقل أصبحت محبةُ مؤلفيها الآخرين أقوى من محبتها لى، أنا الذى أكرمتها، وجمعتها كأطفال الشوارع ورصصتها، بعناية صانع تورتات، على رفوف مكتبتى. ولكن، وبالرغم من هذه الفوضى المتكررة، بالرغم من تأثيرها على برامجى للقراءة، إلا انه عليّ الإقرار بأنها اقترحت عليّ برامج أخرى، بعضها كان أكثر إثارة وإمتاعا، قلت لصديق، صديق واحد فقط، وهو بالمناسبة لا دخل له بالكتابة، بريء من هموم الثقافة، قام إلى المكتبة، وراح يتأملها، ماشيا ببطء بحذائها مع الجدران الثلاثة شرد قليلا، مبحلقا فى مروحة السقف ثم قال و كأنه عائد من رحلة فى أرض السحر والعجائب، : لماذا لم تفكر فى تسجيل محادثات السمر هذه، المحادثات التى تدور بين مؤلفى الكتب!! فوجئت بالفكرة كمن لسعته سيجارة، وسخرت منه باعتبارها دعابة، لكننى فى الحقيقة، كنت قد عزمت على تنفيذ ذلك. لمزيد من مقالات فريد أبوسعدة