مهما كشفت التصريحات الرسمية الصادرة عن الرياض أو أنقرة عن ملابسات أحاطت بمقتل الصحفى جمال خاشقجي، ستظل القضية تحفل بالكواليس الغامضة التى ربما احتفظ خاشقجى وحده بأسرارها. ينتظر البعض ظهور الجثة لاستبيان الدلالات التى تقود لمعرفة الطريقة التى أودت بحياة خاشقجي، ولإشباع حالة التربص التى أظهرها الإعلام المعادى للسعودية بحثا عن وقائع اللحظات الأخيرة للصحفى داخل قنصلية بلاده بأسطنبول بالرغم من أن نفس هذا الإعلام لم يظهر نفس الحماسة عند اختفاء الإمام موسى الصدر فى ليبيا عام 1978،أو حين اغتال عملاء إسرائيل القيادى فى حماس الفلسطينية محمود المبحوح فى دبى وغيرها من حوادث الاختفاء القسرى أو الاغتيالات السياسية. التعاطف الإنسانى مع خاشقجى والرغبة فى استجلاء الحقيقة لا يمنع من إثارة تساؤل حول دور خطيبته التركية خديجة فى تضخيم الحادث ودفعه بقوة نحو أقصى درجات التسييس الذى تلاعبت بخيوطه عواصم كبري، خاصة أن السيرة الذاتية لخديجة تحمل من علامات التوجس والشكوك الكثير، ومنها أنها بعد أن استكملت دراستها العليا فى سلطنة عمان توجهت إلى قطر وعملت هناك لفترة ويعتقد اتصالها بعناصر إخوانية فى الدوحة وتورطها فى شبكات تتخفى خلف أنشطة نسائية لإحراج خصوم الجماعة الإرهابية. تعتقد دول كبرى أن المذبح قد أعد كى تدفع السعودية ثمن تصديها لموجات (الخريف العربي) الذى كاد يعصف بالخليج بدءا من بوابة البحرين لولا أن هرعت الرياض لإنقاذها، مثلما ساندت بعد ذلك مصر فى حماية ثورة 30 يونيو، لكن الأمر الذى يبعث على الارتياح أن التحالف العربى الذى تقوده مصر والسعودية لديه حساباته الخاصة المطمئنة شعبيا لوأد أى تحرك معاد يستهدف التلاعب بمنظومة الأمن العربى رغم ما اعتراها من بعض الضعف خلال السنوات القليلة الماضية. أخيرا..ربما لن تشبع الذئاب الجائعة مهما ألقى إليها من طعام لكنها لن تقبل بدخول وحوش أخرى إلى الغابة تهدد سطوتها، ولهذا أتوقع أن تبقى واشنطن وحلفاؤها على هذه القضية عند حدود معينة حتى لا تتهدد مصالحها بالمنطقة على يد قوى أخري!. [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين