نقلة نوعية فى العلاقات الثنائية والاستراتيجية بين البلدين، حققتها الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى روسيا، لخصها الرئيس السيسى فى العبارة التالية : «إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع روسيا ستكتب فصلا جديدا على درب التعاون بين البلدين وستفتح آفاقا ممتدة، للارتقاء بمستوى علاقاتنا الثنائية، وشراكتنا الاستراتيجية». أطلقت الزيارة التاريخية مرحلة جديدة، أكثر تطوراً بين مصر كدولة كبرى فى منطقتها وأمتها وقارتها، وروسيا الدولة العظمى التى يتعزز دورها فى السياسة والاقتصاد العالميين. وأكد تحليل سياسى أعدته الهيئة العامة للاستعلامات عن حصاد زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا والتى استمرت ثلاثة أيام من 15 إلى 17 أكتوبر الجارى ، أن هذه الزيارة تختلف فى وقائعها ودلالاتها ونتائجها عن الزيارات السابقة للرئيس السيسى على مدى الاعوام الأربعة الماضية ، لسبب جوهرى ، وهو أنها كانت حصاداً لمجمل ماحققته هذه الزيارات ، وتتويجاً لتطورات إيجابية هائلة وخطوات كبيرة تحققت فى مسيرة العلاقات المصرية الروسية منذ عام 2014 ، كما أنها تعبير عما طرأ من تطورات إيجابية ملموسة على مكانة مصر الإقليمية والدولية ، ومدى الثقة فيها وفى دورها وأهميتها وقيادتها، نتيجة ماحققته من استقرار سياسى وأمني، ومن تطور وإصلاح وانطلاق اقتصادي، ومن دور إيجابى يتعاظم تأثيره. لفتات روسية ودية رصد تقرير هيئة الاستعلامات عدداً من البوادر الإيجابية الودية من الجانب الروسى التى عبرت عن مدى التقدير الذى تحمله روسيا لمصر ولزعيمها، بدأت هذه اللمحات قبل أسبوع من الزيارة عندما استبق الرئيس الروسى الزيارة بالحديث عن حرصه على إهداء الرئيس السيسى بعضاً مما يفخر به من إنتاج روسيا الزراعى خاصة التفاح الروسى فى مناسبة زيارة بوتين لاحد المشروعات المتطورة فى هذا المجال. ثم كانت الدعوة الروسية للرئيس السيسى لإلقاء كلمة أمام مجلس الفيدرالية الروسى وهو الغرفة الأعلى للبرلمان هناك ، كأول رئيس لدولة أجنبية يمنح هذه الفرصة. ثم تعددت أشكال الود والضيافة رفيعة المستوى من الرئيس بوتين للرئيس السيسى فى مدينة سوتشى سواء فى الجولة المشتركة فى طرقات وعلى كورنيش المدينة ، أو فى حلبة سباق السيارات ، أو اصطحاب الرئيس الروسى للرئيس السيسى فى سيارته التى قادها بنفسه وعبر عن سعادته بشرح مزاياها كمنتج روسى لضيفه الكبير، كما كان الاهتمام السياسى والاعلامى الروسى فى أعلى درجاته طوال أيام الزيارة. فى المقابل أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى عن سعادته البالغة بلقائه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بمنتجع سوتشى. نقلة استراتيجية فى العلاقات على الصعيد السياسى والاستراتيجى يقول تقرير هيئة الاستعلامات إن الزيارة سجلت تطوراً هائلاً تمثل فى خطوات عديدة فى مقدمتها التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتعاون الاستراتيجى بين مصر وروسيا والتى ستنقل علاقات البلدين الثنائية نقلة كبيرة خلال الفترة المقبلة. فى الوقت نفسه كانت الزيارة فرصة لعرض السياسات والمواقف المصرية سواء بشأن العلاقات الثنائية أو الملفات الإقليمية على نحو ما عبر عنه الرئيس السيسى فى كلمته أمام المجلس الفيدرالى الروسى وفى المؤتمر الصحفى مع الرئيس بوتين. من جانبه أكد الرئيس السيسى «قوة العلاقات التاريخية الوثيقة التى تربط بين مصر وروسيا ، معرباً عن بالغ سعادته، بالزخم الكبير الذى اكتسبته العلاقات المصرية الروسية ، على مدار الأعوام الأربعة الماضية ، والإنجازات التى تحققت فى مختلف المجالات». وفى كلمته أمام المجلس الفيدرالى الروسى أكد الرئيس السيسى أن «العلاقات الوطيدة بين مصر وروسيا، التى نحتفل هذا العام بمرور خمسة وسبعين عاماً على تأسيسها، دائماً ما تميزت بالعمق والخصوصية، وهو ما تجلى فى وقت الأزمات والشدائد، فقد كانت روسيا دائماً، شعباً وحكومةً ، أول من قدم يد العون لمصر لاستعادة الأرض المحتلة ، كما أن مصر لن تنسى مساهمة روسيا فى معركتها للبناء والتعمير، حينما ساعدتها على بناء السد العالى ، وغيره من المشروعات الكبرى ، خلال حقبة مهمة من تاريخها الحديث». وفى الإطار السياسى أيضاً ، وبالاضافة إلى مباحثات الرئيس السيسى مع الرئيس الروسى فقد أجرى مباحثات مهمة أيضاً مع ثلاث من أبرز القيادات الروسية. حيث عقد الرئيس السيسى، جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء الروسى ديمترى ميدفيديف فى موسكو لبحث مشروعات اقتصادية مشتركة كبرى فى قطاعات الطاقة والصناعة والزراعة وغيرها. كما اجتمع الرئيس السيسى مع تيجران ساركسيان رئيس المفوضية الاقتصادية للاتحاد الأوراسى، الذى يضم فى عضويته دول روسيا، وكازاخستان، وقرغيزستان ، وأرمينيا، وبيلاروسيا ، حيث بحث معه اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوراسي. وكان الرئيس السيسى قد اجتمع فى بداية الزيارة مع فالنتينا ماتفينكو رئيسة مجلس الفيدرالية الروسية وأكد أن السنوات الخمس الماضية شهدت تطورا كبيرا فى مسيرة التعاون ودعم العلاقات فى مختلف المجالات بين مصر وروسيا. الاقتصاد والطيران وأوضح تقرير هيئة الاستعلامات أن الجانب الاقتصادى كان من بين أبرز جوانب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لروسيا، حيث أكد البيان الرسمى أن مباحثات الرئيسين تناولت أهم ملفات العلاقات الثنائية ودفعها فى إطار العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين مصر وروسيا ، وتوسيع التعاون المشترك فى مجالات الاقتصاد والتبادل التجارى والاستثمار والقطاع السياحى. كما أشار السيسى فى المؤتمر الصحفى إلى «مشروع التعاون الضخم بين البلدين، المتمثل فى اتفاقية إنشاء المحطة النووية بالضبعة، الذى يعد بدون شك عنواناً لنقلة نوعية فى مستوى التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد». كما تمت مناقشة مسألة استئناف رحلات الطيران بين البلدين، حيث أشار بوتين إلى قرب استئناف رحلات الطيران من روسيا إلى شرم الشيخ والغردقة ، مما يعد مؤشراً إيجابياً لقطاع السياحة المصري. عام ثقافى مصرى روسي قال الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفي، «تجدر الإشارة إلى اتفاقى مع الرئيس بوتين على إعلان عام 2020 عاما ثقافيا بين مصر وروسيا، حيث نأمل أن يشهد هذا العام العديد من المناسبات الاحتفالية التى تعكس التواصل الثقافى والحضارى والفنى بين البلدين والشعبين الصديقين». تعاون فى مكافحة الإرهاب وأضاف تقرير هيئة الاستعلامات، أن مصر لديها تجربة ناجحة فى مكافحة الإرهاب خاصة فى السنوات الأربع الاخيرة، لذلك كان هناك اهتمام بالتعاون المشرك فى هذا الشأن خلال زيارة الرئيس لروسيا، حيث أكد الرئيس السيسى أنه اتفق مع الرئيس «بوتين» على أهمية تعزيز تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة ، اتصالاً بجهود التصدى للإرهاب. القضايا الاقليمية على الصعيد الاقليمى ، يقول تقرير هيئة الاستعلامات عن زيارة الرئيس السيسى لروسيا ، إن مكانة وتأثير ودور كل من مصر وروسيا فى القضايا الاقليمية كان دافعاً لمزيد من التقارب والتفاهم المشترك بشأن قضايا منطقة الشرق الأوسط ، خاصة فى سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية .