تزداد فى كل يوم المؤشرات الدالة على أن انتخابات التجديد النصفى التى ستُجرى فى الولاياتالمتحدة فى بداية نوفمبر المقبل ستكون الأهم فى تاريخ هذه الانتخابات منذ أكثر من نصف قرن، كما وصفتُها فى اجتهادات 14 أغسطس الماضى تحت عنوان: أهم تجديد نصفي. يزداد الجدل حول ما إذا كان ممكناً أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات فى مسار الاتهامات الموجهة إلى الرئيس دونالد ترامب فى حالة انتزاع الديمقراطيين الأغلبية, وهل يؤدى ذلك إلى فتح الباب أمام عزله. لكن مصير ترامب لا يرتبط تلقائياً بتوازن القوى بين الحزبين فى الكونجرس, حتى إذا انتزع الديمقراطيون الأغلبية. فربما لا يكون الأعضاء الديمقراطيون جميعهم راغبين فى ذلك. كما أن تحقيق الديمقراطيين أغلبية ليس سهلاً، رغم أن حزب الرئيس يخسر فى العادة مقاعد فى انتخابات التجديد النصفي. احتمال انتزاع الديمقراطيين الأغلبية فى مجلس النواب أكبر منه فى مجلس الشيوخ. يحتاج الديمقراطيون إلى انتزاع 24 مقعداً يمثلها جمهوريون الآن لتحقيق الأغلبية فى مجلس النواب. وهذا ممكن، ولكنه ليس سهلاً. ورغم أن انتزاعهم الأغلبية فى مجلس الشيوخ يتطلب انتزاع مقعدين فقط من الجمهوريين، إلا أن الوضع أكثر تعقيداً. عليهم، أولاً، المحافظة على 26 مقعداً من بين 43 ستُجرى الانتخابات عليها. ومعظم هذه المقاعد التى يتعين عليهم الاحتفاظ بها فى ولايات حقق ترامب فوزاً كبيراً بها فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة. والأهم من ذلك أن الديمقراطيين يحتاجون إلى أغلبية الثلثين فى مجلس الشيوخ لكى يتمكنوا من عزل ترامب. فالحكم يصدر فى هذا المجلس بأغلبية الثلثين عند التصويت على إقالة الرئيس. ومع ذلك تظل الانتخابات النصفية بالغة الأهمية لسبب أكبر هو أنها يمكن أن تحدد اتجاه المستقبل فى الولاياتالمتحدة، أى مصير الأمريكيين عموماً، وليس ترامب فقط. احتفاظ الجمهوريين بالأغلبية فى المجلسين سيكون، حال حدوثه، مؤشراً مهماً إلى أن الشعبوية التى تستهين بالمؤسسات الدستورية تلقى قبولاً، وأن فوز ترامب قبل ما يقرب من عامين لم يكن لحظة عابرة، وأن الأمريكيين يتجهون لفترة قد لا تكون قصيرة فى اتجاه مغاير لذلك الذى أتاح للولايات المتحدة أن تصبح القوة الأكبر فى العالم. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد