عاش سكان الواحات بالوادى الجديد ليلة مرعبة على ضوء النيران التى التهمت مزارع النخيل.وامتدت ألسنتها لتأكل قلب قرية «الراشدة» الأخضر.وفيما بين بُعد المسافات وصعوبة الإنقاذ وحركة الرياح وهروب الفئران والنيران ممسكة بجسدها كانت تتزايد مساحات الحرائق..ومع احتراق النخيل الأخضر كان يحترق قلب البسطاء..ورغم صعوبة الطرق وظلام الليل الحالك إلا أن الدولة والقوات المسلحة تحركت وتمت السيطرة على الحريق الذى التهم أكثر من 100 فدان تضم نحو 10 آلاف نخلة.. «الاهرام» قضت ليلة أمس الأول فى قرية حريق النخيل، الذى تسبب فى اخلاء عدد كبير من المنازل بعد تخوف الاهالى من امتداد النيران التى غطت سماء الراشدة وتوابعها بالكامل. وقرية «الراشدة» تقع على طريق الداخلة الفرافرة على بعد نحو 30 كيلو مترا من مركز موط، ولها عدد من التوابع والعزب ويصل تعداد سكانها إلى نحو 50 الف نسمة غالبيتهم يعملون بالزراعة حتى الموظفون منهم. ومع غروب شمس يوم الجمعة بدأت أشعة دخان حريق وسط زراعات الراشدة بمنطقة عين الرحمة، ثم تصاعدت ألسنة اللهب إلى مناطق أخرى مجاورة من الناحية البحرية، ووصلت قوات الشرطة والاسعاف والاطفاء للموقع وتعاملت مع الحادث لكن النيران بدأت فى الامتداد، وبدأت سيارات الوحدات المحلية تطوف شوارع البلدة لحث المواطنين على ترك المنازل تحسبا لامتداد النيران لها. لحظات الاشتعال وعلى الفور وبعد إبلاغ المحافظ اللواء محمد الزملوط بالحريق انتقل إلى موقع الحادث الذى يبعد عنه 300 كيلومتر، رغم أنه كان موجودا قبل سويعات قليلة برفقة وزير الاوقاف الذى زار الداخلة نهار الجمعة، وتم تشكيل غرف عمليات وإجراء الاتصالات اللازمة واستدعاء جميع سيارات الاطفاء والاسعاف بالمحافظة وبلغت اكثر من 20 سيارة اطفاء ومثلها إسعاف بالإضافة إلى 30 سيارة إطفاء أخرى من محافظاتاسيوط وقنا وسوهاج والاقصر للتعامل الجاد مع الحريق، هذا بخلاف استدعاء عربات فناطيس المياه بالوحدات المحلية للمشاركة فى إخماد النيران وقامت اجهزة وزارة الرى بتشغيل جميع الآبار لمزارع النخيل مكان الحادث فى محاولة لإيقاف الحرائق.. كما تم تجهيز طيران للتدخل حال استمرار زحف النيران، وأعلن المحافظ السيطرة على الحريق بفضل رجال الاطفاء واهالى الداخلة الذين استطاعوا قطع احد الطرق قبل ان تمتد النيران الى مزارع النخيل المجاورة من الناحية الشرقية. وقرر المحافظ عقب السيطرة على الحريق تشكيل لجنة من المعنيين بالشئون الزراعية لحصر الخسائر ومعرفة ملابسات الحريق ومساعدة الاهالى الذين تركوا منازلهم تحسبا لوصول النيران إليها فى عودتهم مرة اخرى، لافتا إلى أن كل الحالات التى أصيبت جراء الحريق كانت حالات اختناق وتم نقلها للمستشفيات والوحدات الصحية فى حينه وتم إسعافها وعودتها لمنازلها مرة اخرى وبلغ عددها تقريبا 21 حالة. وفى كلمات سبقها انهمار الدموع من عينيه، طالب عماد سبع من سكان البلدة بلجان لحصر التلفيات من الأراضى المنزرعة ونفوق الثروة الحيوانية جراء الحريق، مؤكداً أن الاهالى عاشوا فى رعب أكثر من 10 ساعات، كانت النيران امام اعينهم تقضى على زراعات لعشرات الافدنة، وساعد فى اشتعالها أكثر الرياح الشديدة والطيور والفئران والحشرات الاخرى، مشيراً إلى الجهود التى بذلها المحافظ ومدير الامن ورجال الشرطة والاطفاء والاسعاف فى إطفاء الحريق. ويضيف برديسى ادريس عضو مجلس النواب عن دائرة الداخلة وابن القرية أن السبب الرئيس لامتداد النيران بهذا الشكل جاء نتيجة قلة المياه الزراعية لاشجار النخيل منذ فترة مما حوله من اخضر الى يابس فجعله شديد الاشتعال، لافتا إلى أن المنازل التى أخلاها أصحابها لم تتضرر وسيعودون إليها عقب عملية التبريد الجارية لموقع الحريق وعددها نحو 50 منزلا. بنيما طالب الحاج محمود سعيد أحد سكان الراشدة بلجان للمرور على الزمامات، وأى زمام غير نظيف وبه حشائش وأشجار يابسة يتم التعامل معه وتحرير محاضر لأصحابه حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث، وضمها لزمام الحكومة حيث سيكون ذلك أخف ضرراً مما حدث أمس الأول. وأوضح الدكتور مجد المرسى وكيل وزارة الزراعة أن الزيارة شملت 3 مواقع بمنطقة الحريق خاصة الاماكن القريبة من الكتلة السكنية وشاهدوا على الطبيعة اثار الحريق والخسائر التى جاءت فى اشجار النخيل والزراعات، مشيرا بان التقديرات الاولية تشير إلى تضرر حوالى 150 فدانا وعدد اشجار النخيل المضارة من 18 الى 20 الف نخلة تقريبا و4 عشش للدواجن والارانب ونفوق بقرتين، بالإضافة إلى 3 منازل خالية من السكان، وتواصل اللجنة المختصة بالحصر أعمالها. واضاف المرسى ان نجاح الاهالى فى اخلاء المنازل بما فيها من امتعة كان السبب فى عدم وجود خسائر بشرية، مرجحاً أن سبب الحريق هو امتداد العشوائيات وعدم الاهتمام من الاهالى بنظافة اشجار النخيل. ووجه عدد كبير من اهالى الوادى الجديد الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى ولأبطال القوات المسلحة لاستجابتهم السريعة ومدهم يد العون لأهالى الراشدة والدفع بالطيران لاخماد حريق القرية التى تخرج فيها أساتذة كبار وضباط وعلماء و ومستثمرون كبار ومسئولون كبار فى الدولة.