16 ألف بحث علمى لا يتم الاستفادة منها.. وتسهيل تسجيل الأبحاث يفيد صانع القرار مع اعتراض الرئيس عبد الفتاح السيسى على مشروع قانون البحوث الطبية والإكلينيكية وتكليفه مجلس النواب بإعادة مراجعة بنوده بما يضمن توفير بيئة داعمة للبحوث الطبية والحفاظ على حقوق وسلامة المرضى نلقى الضوء على عدد من مواد القانون الخلافية والتى أثارت غضب العديد من أساتذة الجامعات خاصة فيما يتعلق بتشكيل المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية وضعف تمثيل أساتذة الجامعات والمراكز البحثية بالإضافة إلى تغليظ العقوبات على الباحثين بما يحد من إجراء البحوث الطبية وبالتالى التأثير سلبيا على أى فرص لتطوير الخدمات الطبية والصناعات الدوائية فى مصر. ويعد قانون التجارب السريرية من أهم القوانين التى تتعلق بتنظيم الحماية الدستورية للأفراد ، ويختص بوضع الضوابط التى تكفل لهم الحفاظ على الجسد بما لا يتعارض مع حرية البحث العلمى ، ومع وجود ملاحظات على بنود القانون يتفق العلماء مع الأخذ بها ويطالبون البرلمان بسرعة التصديق عليها حتى يخرج القانون بلا ثغرات بما يصب فى مصلحة المريض المصري. فى البداية يقول د. هانى سليم الأمين العام لشبكة أخلاقيات البحث العلمى: بعض المواد التى تم رفض القانون بسببها تتعلق بالمجلس الذى سيتم إنشاؤه والخاص بأخلاقيات البحوث الطبية والذى من المفترض أن يشرف على الأبحاث، والاعتراض ليس على وجود المجلس نفسه ولكن على الوظائف المنوط بها وسياق العمل. فخطاب الرئيس كان واضحا فى ضرورة التفرقة بين أبحاث الماجستير والدكتوراه وهى أبحاث قليلة المخاطر، وبين أبحاث التجارب الدوائية ذات المخاطر الأعلي، وهذه الجزئية تحتاج إلى إعادة صياغة للتفرقة بين كلا النوعين من الأبحاث. وأكد أن تسهيل عملية تسجيل الأبحاث سيفيد صانع القرار فى مصر فى اتخاذ القرارات المناسبة حيث يوجد لدينا 16 ألف بحث علمى لا يتم الاستفادة منها. وأشار إلى نقطة العقوبات التى تعد قاسية جدا على الباحثين وفى بعض الأحيان غير واضحة حيث تخلط بين الإهمال الجسيم والمتعمد وبين الآثار الجانبية للدواء والتى ربما تصل لمراحل خطيرة، وهذه النقطة لابد من توضيحها لأنها اخافت الكثير من الباحثين من العقوبة التى قد تصل للسجن، ما سيجعل الباحثين يتوقفون عن أبحاثهم، وعندنا مشكلة كبرى وهى عدم وجود قانون للمساءلة الطبية وعندما وضع القانون استمد فقرة العقوبات من القانون الجنائى العادي. فلابد من تعريف واضح للعقوبات وتقنينها بما لا يخيف الباحثين. وأشار كذلك إلى أن العملية البحثية فى مصر غير معرفة وربما يحاسب طبيب ويجرم لانه يجرى بحثا لذا فوجود القانون فى غاية الأهمية. ولاشك أن وجود القانون ايجابى جدا للمجتمع حيث سيفيد المريض والباحث وأيضا شركات الدواء الوطنية لأنه لا يوجد عندنا أدوية مصرية حديثة. كما أن قانون التجارب سيجذب الاستثمار الأجنبى مما سيكون له مردود اقتصادى وتوفير أدوية حديثة، وأكد على دور وزارة الصحة وضرورة التركيز فى القانون على التوازن بين دور وزارة الصحة ودور وزارة التعليم والبحث العلمى لأن وزارة الصحة هى التى يتم التطبيق فى مستشفياتها وهى التى تشرف على الجهات الرقابية الدوائية وتشرف أيضا على لجنة أخلاقيات البحوث وفى نفس الوقت هى الجهة التى سيتم من خلالها تسجيل الدواء. ويقول الدكتور علاء غنام خبير السياسات الصحية ومدير برنامج الحق فى الصحة ان هدف القانون الأمثل هو تشجيع البحث العلمى والذى يرتبط جزء لا يتجزأ منه بالتجارب السريرية مع ضمان عمل توازن وعدم الإخلال بحقوق من تجرى عليهم التجارب ، لذا كانت الأهمية لتعديل بعض البنود قبل الموافقة النهائية على القانون، كما يجب على البرلمان الإسراع فى عمل تلك التعديلات حتى تاخذ البحوث الطبية مكانها فيما يصب فى مصلحة المريض المصري، ويرى أن أهم تلك الملاحظات هو تداخل جهات عديدة فى الموافقات على البحث العلمى وهو الأمر الذى يصعب معه اجراء البحوث العلمية بسهولة ويسر وخاصة مع وجود لجنة اخلاقيات البحث العلمى، ويرى ان نحو 80% من بنود القانون سليمة ولا ينقصه سوى اجراء التعديلات على الملاحظات المذكورة حتى تتحقق قفزات نوعية فى العلاج والطب فى مصر. ويرى ان القانون ينظم المساءلة الطبية فيما يتعلق بعلاقة الأطباء وغيرهم بالأخطاء المهنية وتكييفها القانونى والمحاسبة عليها فى إطار العلاقة غير المنصفة بين المريض والمؤسسات الطبية عموما والتى تترك المريض فى مهب الريح بلا حماية نرى ضرورة وضع ميثاق قانونى ملزم لحقوق المرضى على نحو تشاركي، والإشارة بهذا الميثاق واحترامه وتنفيذه لضمان الحقوق فى مجمل التشريعات المتعلقة بالصحة عموما . وفى جانب قانون المساءلة الطبية كانت هناك ضرورة لتقنين دقيق لمفهوم الأخطاء المهنية الطبية وتحديد أطر المساءلة لضمان حقوق المرضى من الأخطاء والإهمال الطبى وضمان الاستجابة العاجلة لمطالبهم وتزويدهم بالمعلومات الكاملة عن حالتهم وتطورها وإمكانية العلاج وبدائلها وتكاليفها بوضوح وتوفير التعويض الملائم لهم عند وقوع أى ضرر يقع عليهم بسبب أخطاء مقدمى الخدمة، إلى جانب حماية مقدمى الخدمة أنفسهم من مخاطر العمل بتلك المهنة الحرجة المتعلقة بالحق فى الحياة. وفى مجال تحديد وضبط المسئولية الطبية ، من المعروف علميا أن الطبيب مطالب ببذل أقصى عناية وليس بتحقيق نتيجة ، وهذا منطقى وطبيعي، كما أن المسئولية تدور حول محورين أساسيين أحدهما المسئولية الأخلاقية والأدبية التى يجسدها قسم الطبيب ولكنها تدخله تحت طائلة القانون، وترجع فقط كما هو معروف لضميره وقيمه الأخلاقية العامة والذاتية، كذلك فإن المسئولية القانونية التى يجب أن تقنن بشكل أكثر وضوحا والتى قد لا يتم التحقق منها إلا بوقوع الضرر. وحول المواد العقابية الواردة فى القانون والتى لا تأخذ فى الإعتبار طبيعة البحث العلمى وتساوى بين المخالفات فى كافة انواع البحوث، وهو الأمر الذى يتسبب فى رعب لدى الباحثين وإغراض البحث العلمى فى مصر يرى الدكتور خالد سمير أستاذ جراحة القلب بطب عين شمس أن تلك مسألة جوهرية لابد أن يأخذها البرلمان فى الاعتبار قبل إصدار القانون، بالإضافة إلى عدم واقعية النص المتعلق بمنع تحليل عينات المصريين فى الخارج ، حيث أن القانون ينص على أن إرسال عينات بشرية للخارج يترتب عليه عقوبات بالحبس او الغرامة بما يضمن عدم العبث بالجينات المصرية ، ويرى ان تلك الملاحظة على القانون تتناقض مع تحفيز الجامعات على اجراء البحوث العلمية المشتركة، وتمنع الاستفادة بالاجهزة العالمية التى لا تتوافر محليا. ويوضح ان القانون نص على انشاء مجلس أعلى للبحث العلمى فى مصر يكون المسئول الأوحد عن جميع العمليات الرقابية والتنفيذية للبحوث العلمية هو امر عمليا لا يمكن تطبيقه ولا الاعتماد عليه بأى شكل من الاشكال، والمفترض أن يختص هذا المجلس بإقرار اللوائح وتفعيل البحث العلمى والتحقيق فى الشكاوى ومراقبة تطبيق قانون البحث العلمى، ويرى وجوب وضع نص تأمينى ضد مخاطر البحث العلمى يؤمن للباحث حقوقه وتلك نقطة لم يتطرق إليها القانون.