على الرغم من ادعاء قيادات جماعة «الإخوان» السوريين بقيامهم بالدور الأعظم وإشعال فتيل الصراع عام 2011، فإنه ما من سورى عاصر تلك الأحداث أو أجبرته الظروف على ترك بلاده إلا ويعلم أن هذا مجرد إدعاء. فالإخوان لم يكن لهم أى دور فى بداية الأحداث على الأرض، بل تركوا ما يسمى ب«الجيش الحر» الذى ضم فى البداية بعض قيادات الجيش السورى المنشقة يتصدر المشهد، إلى أن تأتى اللحظة المناسبة ويدعون أنهم من دعا وشجع وأطلق الشرارة الأولى لما سمى بالثورة السورية، كما فعلوا فى ثورة 25 يناير بمصر. لم يكن للإخوان وجود مع اندلاع الأحداث فى سوريا، بعد أن استبعد حزب البعث ما تبقى منهم، بعد أحداث العنف التى اندلعت فى حماة فى ثمانينيات القرن الماضي، وسرعان ما أصبحوا أول الأحزاب التى بدأت تدشين مقرات لها فى المدن التى وقعت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، ولم يكتف الإخوان بذلك فقد كانوا متحمسين للانتقام من السلطات السورية، التى نفت كثيرا منهم إلى خارج سوريا، ودخلوا معها فى نزاع طائفي، فاقتحموا الميادين وأغرقوا العمل المدنى والإعلامى والعسكرى بشتى أنواع الدعم الذى يصلهم من الخارج فى أشهر قليلة وربطوا بهم الجماعات والتشكيلات المدنية والعسكرية التى أظهرت استعدادا للتماشى مع الرؤية الإخوانية، بما فى ذلك السلفيون الجهاديون وأتباع تنظيم القاعدة وباقى التشكيلات المسلحة. واستعان إخوان سوريا بعناصر من تنظيم القاعدة بشكل خاص فى المعارك التى دارت فى البداية مع الجيش السورى لما لعناصره من باع طويل فى حرب الشوارع فى أفغانستان، وبالفعل رجح التنظيم كفة الإخوان فى كثير من المعارك التى دارت وقتها غير مبالين باختلاف توجهات التنظيم ومبادئه عن الجماعة وتنوع جنسيات عناصره. إلا أنه ومع تحقيق تلك المكاسب بدأ صراع من يحكم على الأرض يفرق هذا الحلف الهش، فاختلف الحليفان على السلطة ليبدأ فصل آخر من النزاع بين التنظيم والجماعة من جهة وبين الجماعة والجيش السورى من جهة وبينها وبين الجيش الحر من جهة أخري. وكعادة الجماعة لم يختلف منهجها فى التعامل مع الأحداث فى سوريا عن غيرها من دول ما يسمى بالربيع العربي، فاستخدمت فى البداية شعارات الحرية والعدالة، ثم بدأت بعد تمكنها فى تكفير الآخر والمطالبة باستبعاده من الساحة السياسية، وهو ما ظهر جليا بعد سنة من قيام الثورة عندما بدأ التكفير يستشرى بين أهل السنة، قبل أن يصبح تكفيرا مطلقا لباقى الطوائف والأديان فى سوريا.