سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السيسى صوت العالم الثالث فى الأمم المتحدة.. كيف نلوم عربيًا يواجه بلده الانهيار أو مواطنًا إفريقيًا يعانى الفقر؟..
الرئيس يطرح رؤية عملية شاملة لاستعادة مصداقية المنظمة الدولية
"كيف نلوم عربياً يتساءل عن مصداقية الأممالمتحدة وما تمثله من قيم فى وقت تواجه فيه منطقته مخاطر التفكك وانهيار الدولة الوطنية لمصلحة موجة إرهابية وصراعات طائفية ومذهبية تستنزف مقدرات الشعوب العربية، أو يتساءل عن عدم حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة للعيش بكرامة وسلام فى دولة مستقلة تعبر عن هويته الوطنية وآماله وتطلعاته؟.. وهل يمكن اعتبار الإفريقى مغاليا إن شكا من انعدام فاعلية النظام العالمى، بينما تعانى قارته نظاما اقتصاديا يكرس الفقر والتفاوت، ويعيد إنتاج الأزمات الاجتماعية والسياسية، ولا يتيح آفاقا للتطور أو التقدم؟".. هكذا نقل الرئيس عبدالفتاح السيسى صوت شعوب الدول النامية إلى قادة العالم، ليضعهم أمام مسئولياتهم، وذلك فى كلمته الجامعة والتاريخية التى ألقاها الليلة قبل الماضية أمام اجتماعات الدورة ال73 للأمم المتحدة. لم يكتف الرئيس بمجرد إيصال شكاوى وأنين مئات الملايين من مواطنى العالم الثالث بالرغم من أهميتها وضرورة الاستماع إليها، بل كان الضمير الذى نبه إلى المشكلات ووضع الرؤية المناسبة لمواجهتها، وهى المشكلات التى فشلت الأممالمتحدة على مدى عقود طويلة فى التعامل معها، مما أفقدها المصداقية لدى غالبية سكان الأرض. رؤية مصر التى طرحها الرئيس تتلخص فى 3 مبادئ و3 قضايا يتوجب إعطاؤها الأولوية لكى تستعيد الأممالمتحدة فاعليتها ودورها. المبدأ الأول: تفعيل النظام الدولى لن يتم إذا كانت وحدته الأساسية، وهى الدولة الوطنية القائمة على مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة مهددة بالتفكك. المبدأ الثانى: الالتزام بإيجاد حلول سلمية مستديمة للنزاعات الدولية. وهذا الالتزام – يؤكد الرئيس – هو المبرر الأساسى لنشأة الأممالمتحدة. المبدأ الثالث: الالتزام بتحقيق التنمية الشاملة المستديمة بوصفها الشرط الضرورى لنظام عالمى مستقر، وأفضل سبل الوقاية من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية. ولم يتردد الرئيس فى الإعلان صراحة أن هذه المبادئ الثلاثة لم تتحول إلى واقع يحسه الإنسان العادى. فالدول تتفكك – خاصة فى منطقتنا العربية- وجهود الأممالمتحدة فى هذا الصدد لم ترتق إلى المستوى المأمول. كما أن جهود الأممالمتحدة فيما يتعلق بإيجاد حلول سلمية مستديمة للنزاعات الدولية مازالت قاصرة – يقول الرئيس. والمثل الساطع على هذا القصور بل الفشل، هو عجز النظام الدولى عن إيجاد الحل العادل المستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة للقضية الفلسطينية، والذى يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية. أما فيما يتعلق بتحقيق التنمية المستديمة، فأمام العالم شوط كبير قبل أن تتحقق التعهدات الواردة فى خطة 2030 التى توافق العالم عليها فى إطار الأممالمتحدة. وطبقا لهذه المبادئ الثلاثة نحتاج من أجل تطبيقها إلى إيلاء الاهتمام بثلاث قضايا: أولاها تعزيز الشراكة بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية. وثانيتها استكمال العمل لإنفاذ المبادرة التى أطلقتها مصر خلال عضويتها فى مجلس الأمن لإيجاد إطار دولى شامل لتطوير السياسات وأطر التعاون لمكافحة الإرهاب. ثالثة القضايا حسب الرؤية الشاملة للرئيس هى معالجة أوجه القصور الكبير فى تعامل المجتمع الدولى مع قضايا حقوق الإنسان،هذه "روشتة" مصر لعلاج قصور الأممالمتحدة فى معالجة أمراض العالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وقد أعلنها الرئيس السيسى بأكبر قدر ممكن من الوضوح والصراحة والجرأة. وإذا أرادت المنظمة الدولية، التى كانت عند تأسيسها قبل ما يقارب ثلاثة أرباع القرن حلما طال انتظاره للبشرية جمعاء، أن تستعيد مصداقيتها بل مبرر وجودها، فإن عليها أن تشرع فى تنفيذ هذه الرؤية الجامعة على الفور وإلا فإنها تجازف بأن تكون مثل عصبة الأمم، التى فشلت فى حل أزمات العالم فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى، فأصبحت أثرا بعد عين.