في وسطنا الفني والأدبي العديد من الأبناء الذين حذوا حذو آبائهم ممن اعتبرهم البعض دخلوا مجال آبائهم بالزج والدفع القهري والوساطة رغم أن هذه المجالات الخاصة بالمواهب لا يمكن مضاهاتها بالمهن والوظائف التي يسري عليها المثل القائل «ابن الوز عوام». أما في مجال الفنون فالأمر يختلف لأنه يتعلق بجينات الموهبة التي لا يمكن ترويضها وإنما تصلح فقط للتنمية والإنضاج، وهي أيضا متوارثة ولكنها توارث جيني، إذ قد تتشابه موهبة الابن مع أبيه وقد تختلف، فمن الممكن أن يكون ابن المطرب مخرجا، شأن علي الحجار وابنه الذي يدرس الإخراج، أو ابن الموسيقار رساما، مثل دكتور فوزي الشامي عميد الكونسرفتوار السابق عازف الفاجوت وابنته مي الفنانة التشكيلية، وقد يتشابه الجين قليلا كما في حالة النحات عبد البديع عبد الحي وابنه الفنان التشكيلي شريف عبد البديع. والجينات كما يصرح الدكتور«شريف البدري» الأستاذ بقسم الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي تؤثر في اختياراتك في الحياة والعمل، مما يجعلها تجذبك نحو الشخص المماثل لك أو المطابق، والتي نطلق عليها «هارموني» او تناغما فيما بينهما لذلك تجد الفنان يتزوج فنانة قد تكون في نفس مجاله أو تمارس نوعا آخر من الفن. والمهم أنه ينجذب نحو التناغم الكيميائي الذي ينتج بدوره ذرية تلتقط بعضا من هذه الجينات ليخرج الأبناء موهوبين بالفطرة، ولا يبقي سوي اكتشاف الموهبة وإنمائها وتوجيهها نحو الخروج لأرض الواقع في الصورة التي خلقت لها، والتي قد تتشابه مع أحد الآباء او تختلف تماما.