يعد قانون الخلع من أهم مكتسبات المرأة المصرية التى حصلت عليها فى السنوات الأخيرة بحكم الدين والقانون والدستور، لكن على أرض الواقع يرفض الرجل أن يطلق عليه لقب «الرجل المخلوع» وفى الوقت نفسه يرفض الطلاق.. يواجهه العديد من الأعداء والتحديات مما يشكل عبئا جديدا ضد المرأة. فالبعض ينظر إلى حق المرأة فى الخلع على أنه إهانة كبيرة للرجل المخلوع، إلى حد أن وصل الأمر إلى الحكم بالإعدام على مدرس قتل زوجته فى الصعيد، لأنها قامت بطلب الخلع. تقول عبير فؤاد عاملة 41 سنة لقد أخذت قرار خلع زوجى بعد زواج 11 سنة من المشكلات ومحاولات الإصلاح أو الانفصال بالتراضي، لكن دون فائدة أو استجابة وبعد التأكد من استحالة الحياة الزوجية وطردنا من الشقة بعد تراكم الديون علينا، كان زوجى طوال الوقت إما نائم وإما جالس على المقهى وأوقات كثيرة يظل بلا عمل فهو فنى نقاشة، وعندما يعمل ينفق دخله على نفسه وعلى البرشام والإدمان، كما كثرت شكوى الجيران من التحرش بهن ووجدت أنى اتحمل جميع المسئوليات بالكامل بل يأخذ مصروفا يوميا مني، ولما علم أهلى أيدونى فى طلب الخلع الذى استمر 6 أشهر وعدت وبناتى لبيت والدي، وأعمل الآن وأنفق على بناتى ولا أفكر إلا فى مستقبلهن. صحيح أن الخلع سلب منى حقوقى ولكن يكفى أننى سعيدة بعد أن حصلت على حريتي. يقول صديق زوج مخلوع إن صديقى مدير تسويق لإحدى كبرى شركات الأدوية وقامت زوجته بخلعه وهو ما اعتبره أمرا مهينا جدا له وسبب له معاناة وضررا نفسيا كبيرا. ما رأى الخبراء المهتمين بقضايا المرأة والقانون والاجتماع؟ د.انتصار السبكى عضو اللجنة التيسيرية العليا لمناهضة العنف ضد المرأة تقول: الحقيقة إن قضايا الخلع ليست بالصورة السهلة التى يروج لها الإعلام، ويتم فيها الحكم بسهولة رغم تنازل المرأة عن جميع حقوقها حتى أصبحت تشكل عبئا وعنفا جديدا يمارس ضدها بشهادة المجتمع، بل إن قضية الخلع تأخذ نفس وقت قضايا الطلاق وأحيانا تحتاج إلى بعض التوصيات نتيجة لزيادة عدد القضايا وقلة عدد القضاة.. فهل فى الإمكان أن تقوم وزارة العدل بزيادة عدد القضاة وفتح باب جديد لدخول القاضيات وزيادة عددهن. د.هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع والخبير التنموى تقول: نريد تفعيلا للقوانين التى تعد إحدى أدوات تحقيق العدل، لقد حصلت المرأة على العديد من الحقوق الشرعية على مدى عقود وهى حقوق أصيلة ومشروعة مستمدة من الشريعة الإسلامية، أهمها القوانين المنظمة للأحوال الشخصية، ووثيقة الزواج الجديدة، وللأسف هناك أعداء للمرأة وهم ينسبون المكتسبات التشريعية لزوجات رؤساء الجمهورية مثل قانون جيهان وسوزان ويحاولون نزع هذه الحقوق منها، وعدم التوعية بالقوانين المرتبطة بالأحوال الشخصية مما يفقد المرأة التمتع بها، وأيضا التفاف بعض المحامين حول بعض البنود الضعيفة فى القانون لسلب حقوق الزوجة والأم، لذا أطالب الجمعيات الحقوقية النسوية بزيادة حملات توعية المرأة بحقوقها والآليات الصحيحة للمطالبة بهذه الحقوق وبصفة عامة تحتاج الأسرة إلى ترميم الإطار الأخلاقى الذى تعيش داخله لاستعادة دفء المشاعر والتعاطف والتراحم داخلها حيث تعد الأسرة هى الخلية الأولى للمجتمع. ياسر يحيى المحامى بالنقض يقول: تعريف مصطلح الخلع فى اللغة هو أن يطلق الرجل زوجته على فدية منها، أما الخلع فى الشريعة الإسلامية فهو مستمد من الآية قول الله تعالي: «الطلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» والخلع قانونا هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه وخشيت ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض. والخلع يقتضى افتداء الزوجة لنفسها برد مهرها وتنازلها عن جميع حقوقها الشرعية (مؤخر الصداق، نفقة المتعة ،العدة) وترد له مقدم الصداق الثابت فى عقد الزواج دون المساس بحق أولادها منه، وقد نظم المشرع الخلع بموجب نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض إجراءات وأوضاع التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية، وإذا توافرت أسباب الخلع وهى أن تبغض الزوجة الحياة مع زوجها وأن تفتدى الزوجة نفسها وبعد محاولة المحكمة الصلح بين الزوجين وذلك بندب حكمين تحكم المحكمة بالتطليق خلعا غير قابل للطعن عليه، كما أن الطلاق خلعا يعد طلاقا بائنا سواء بينونة صغرى أو بينونة كبرى إن كانت هى الطلقة الثالثة، وفى الحالتين لا يستطيع الزوج مراجعة مطلقته إلا بعقد جديد ومهر جديد، ودعوى الخلع لن تستغرق أكثر من 6 أشهر عكس دعاوى التطليق للضرر التى تمكث سنوات وهو يعد من أهم مكتسبات المرأة التى حصلت عليها ولا يمكن بأى حال عدم تفعيل قانون الخلع كما يروج البعض، وهناك العديد من الدعاوى أمام المحاكم لا تستغرق أكثر من 6 أشهر.