«ارتبطت قناة السويس طوال تاريخها بنضال الشعب المصرى من أجل الحرية والتقدم، حتى يعد تاريخ القناة فصولًا متصلة من النضال» . بهذه العبارة الدالة افتتح د. هانى محمد عبد الرازق كتابه «قناة السويس الجديدة البوابة الذهبية» الصادر عن دار النخبة، والذى عاد فيه إلى الماضى وفحص الحاضر بعين متخصص خبير ليستشرف المستقبل، وذلك برصد ما ألمَّ بالقناة من تطورات منذ الشروع فى حفرها وحتى الآن، ليستشرف القارئ من خلال ذلك مستقبل القناة بعد البدء فى المشروع العملاق للقناة الجديدة، حيث يصفها الكاتب بأنها بمثابة الترياق السحرى لأمراض الاقتصاد المصرى، ويصف الكاتب المشروع القومى الحالى لتنمية القناة الذى دشنه الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم 5 أغسطس 2014 لتبدأ عملية شق قناة جديدة موازية للقناة التى حفرها الأجداد من المصريين، ويصفه بأنه مشروع طموح يمثل فصلًا جديدًا فى تاريخ القناة، وأنه لن يكون الأخير ما دامت لمصر مكانتها، وللقناة أهميتها فى هذه المنطقة الحساسة من العالم، ويصف القناة الجديدة بأنها مركز عالمى يمكن تطويره فى مجال النقل واللوجستيات، فى ضوء القوانين المنظمة للعمل البحرى، ويقع الكتاب فى ثلاثة فصول وخاتمة ونتائج وتوصيات، بالإضافة إلى مقدمة ضرب المؤلف خلالها فى أعماق التاريخ ليرصد أهم المحطات فى تاريخ قناة السويس منذ حفر قناة سيزوستريس حتى الآن، مستعرضًا النزاعات والصراعات التى دارت حول القناة على مدى التاريخ، والتحديات التى واجهتها منذ افتتاحها، وفى الفصل الأول «الخبرات العالمية فى تصميم وإدارة منظومة النقل واللوجستيات» يتناول الكتاب مبحثين مهمين، هما: منظومة النقل واللوجستيات متعدد الوسائط والنقل المائى فى دول العالم «ميناء دبى نموذجًا» وفيهما يستفيض الكاتب فى الحديث عن خصائص النقل متعدد الوسائط بأساليبه المختلفة، وأهميته على مستوى العالم، ومزاياه وأبرز الاتفاقيات والمعاهدات التى وقعت بشأنه، والمشكلات التى تواجهه فى الدول النامية، ثم يتحدث عن النقل المائى وأهميته العالمية، مستعرضًا واقعه فى دول العالم، ويضرب مثلًا تفصيليًا فى هذا الشأن بميناء دبي، مقدمًا وصفًا تفصيليًا لظروف العمل بهذا الميناء. وفى الفصل الثانى «نشأة وتطور قناة السويس فى ضوء القوانين والاتفاقيات الدولية» يخصص الكاتب حديثه عن قناة السويس من خلال مبحثين، هما: إقليم قناة السويس فى ضوء القوانين والاتفاقيات الدولية، وفيه يستخدم الأرقام والإحصائيات لتوضيح أهمية إقليم قناة السويس وملامحه وتركيبه السكاني، وموارده والأنشطة المهنية والاقتصادية والصناعية والزراعية التى تمارس فيه، وغير ذلك من الملامح المهمة للإقليم، وفى المبحث الثانى «قوانين النقل البحرى بقناة السويس فى ضوء الاتفاقيات الإقليمية والدولية» يتتبع الكتاب تطور قوانين النقل البحرى منذ بدايات القرن الثانى عشر، عندما بدأ الناقل بتسليم الشاحن إيصالًأ يعترف فيه بتسليم البضاعة، ليقوم بدوره بإرسال هذا الإيصال إلى المرسل إليه، وهو ما كان بداية لظهور سند الشحن فى القرن الرابع عشر، ويسرد المعاهدات والاتفاقيات التى وقعت لتنظيم النقل البحرى على مستوى العالم،أما الفصل الثالث، وهو بعنوان «لوجستيات الشحن بالقناة فى ضوء الرؤية المستقبلية» فيتناول الإطار والقوانين المنظمة لعمل قناة السويس فى إطار عمل الاتفاقيات الدولية المنظمة للملاحة البحرية، وذلك من خلال مبحثين، هما: ماهية ووظائف سند الشحن البحرى فى ضوء لوجستيات القناة، وقناة السويس الجديدة بين الواقع والمأمول، ويستعرض ظروف حفر القناة الجديدة، منذ أن قام الرئيس السيسى بتوقيع وثيقة الحفر وتقديمها للفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس لتنفيذها، ويتطرق إلى مزايا المشروع، مشيرًا إلى أنه إن صحت التوقعات بشأنه، فلن يكون فقط حلًا لما قد يجابه القناة من تحديات مستقبلية، ولكنه أيضًا سيكون بمثابة الترياق السحرى لأمراض الاقتصاد المصرى التى طال العهد بها، ويفرد الكاتب السياق فى هذا الأمر من واقع البيانات والأخبار ونص وثيقة بدء المشروع الذى تلاه الرئيس السيسى بعد توقيعه، ومن خلاله يستخلص الكاتب النتائج المأمولة من المشروع، والتى يدعم معظمها بالأرقام التى يستعرضها بنظرة متفائلة للغاية للنتائج المستقبلية للمشروع.