كانت الصين تتصدر دول العالم من حيث عدد الفقراء، ولكنها أيضا من أولى دول العالم التى تبنت برامج وطنية لمكافحة الفقر. إن حماية من يقعون فى خطر ومساعدة المحتاجين وتحسين معيشة الشعب، كلها تقاليد صينية حميدة مستمرة منذ آلاف السنين. منذ تأسيسه قبل سبعة وتسعين عاما، تظل رسالة الحزب الشيوعى الصينى هى تحقيق سعادة الشعب ونهضة الأمة. ومنذ تأسيس الصين الجديدة فى عام 1949، صارت خدمة الشعب من صميم القلب مفهوم الحكم والهدف الأساسى للحزب الشيوعى الصيني. وقد أرسى النظام الاشتراكى فى الصين الذى تأسس قبل تسعة وستين عاما الأساس للتخلص من الفقر. أما بعد تطبيق الإصلاح والانفتاح، وخاصة منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين، بدأت الصين تساعد الفقراء بشكل نظامى ومخطط. بعد المؤتمر الوطنى الثامن عشر للحزب الشيوعى الصينى فى نوفمبر 2012، أدرجت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى وفى القلب منها شى جين بينج، التخلص من الفقر فى إستراتيجيتى “العناصر الخمسة المندمجة” و”الشوامل الأربعة”، واتخذت انتشال السكان الفقراء من الفقر مهمة أساسية ودليلا لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعى الصيني، وطفقت فى تطبيق إجراءات التخلص من الفقر بحزم وعزم فى أنحاء الصين، فى مؤشر على دخول الصين إلى مرحلة جديدة للتخلص من الفقر فى العصر الجديد. الجهود المشهودة التى بذلها الحزب الشيوعى الصينى والمجتمع الصينى دفعت مهام التخلص من الفقر فى الصين إلى تحقيق تقدم حاسم. لقد حققت الصين أفضل نتيجة حول التخلص من الفقر فى تاريخها، إذ تم انتشال 685.3 مليون فرد فى المناطق الريفية من الفقر منذ المؤتمر الوطنى الثامن عشر للحزب الشيوعى الصيني، وانخفاض عدد الفقراء فى المناطق الريفية بمعدل 70% من نهاية عام 2012 إلى نهاية عام 2017؛ من 989.9 مليون شخص إلى 304.6 ملايين شخص؛ وانخفاض نسبة حدوث الفقر من 10.2% فى نهاية عام 2012 إلى 3.1% فى نهاية عام 2017؛ انتشال 13.7 مليون شخص من الفقر سنويا بين عامى 2012 و2017، ما يعادل أكثر من ضعفى المعدل السنوى بين عامى 1994 و2010. وقد وصل معدل الزيادة السنوية لدخل الفقراء فى المناطق الريفية الفقيرة إلى 10.7%. وفى الفترة ما بين عامى 2013 و2017، ارتفع نصيب الفرد من الدخل الحقيقى فى المناطق الريفية الفقيرة بنسبة 10.4% سنويا، وهو أعلى من المعدل الوطنى للمناطق الريفية بنسبة 2.5 نقطة مئوية. ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل لسكان المناطق الريفية الفقيرة عام 2017 بنسبة 7.7 نقاط مئوية بالمقارنة مع عام 2012 وما يعادل 69.8% من متوسط نصيب الفرد من الدخل لسكان المناطق الريفية، وتقل تدريجيا الفجوة بين المستوى فى المناطق الريفية والمستوى فى المناطق الريفية الفقيرة، وانخفض عدد المحافظات الفقيرة، وتخلصت 28 محافظة صينية من الفقر فى عام 2016. وقد شهدت الصناعات المتفوقة والمتميزة للمناطق الفقيرة تطورا سريعا، فحقق التخلص من الفقر من خلال تنمية السياحة وصناعة الألواح الضوئية والتجارة الإلكترونية إنجازات ملحوظة. التخلص من الفقر من خلال حماية البيئة الإيكولوجية وإعادة توطين الفقراء وتحويل الأراضى الزراعية إلى غابات يحسن البيئة الإيكولوجية للمناطق الفقيرة، أرسى أساسا لتحقيق الاندماج بين حماية البيئة والتخلص من الفقر. وتساعد الاستثمارات الكبيرة الحجم على تحسين الظروف الأساسية ورفع مستوى الخدمات العامة بشكل ملموس. إن التخلص من الفقر بتدابير دقيقة وهادفة يساهم فى رفع مستوى إدارة المناطق الفقيرة. القوة الداخلية للسكان الفقراء والمناطق الفقيرة تعد الأساس لضمان إقامة آلية التخلص من الفقر بشكل مستقر وطويل المدى، والدافع الجوهرى للسكان الفقراء للتخلص من الفقر، كما أنها مسألة يواجهها العالم كله فى مكافحة الفقر. يدعو الرئيس شى جين بينج إلى الجمع بين مكافحة الفقر وتحفيز القوة الداخلية ورفع المستوى الثقافى للفقراء، ومن خلال تحفيز حماسة الفقراء، نسعى إلى تغيير مفاهيمهم التقليدية البالية. وتدل التجارب على أن إجراءات مكافحة الفقر تفيد فى تشكيل أجواء لمساعدة الفقراء فى أنحاء المجتمع وتربية مفهوم القيم الجوهرية الاشتراكية وتهيئة أجواء تنموية أكثر انسجاما. التعاون بين شرقى وغربى الصين فى مكافحة الفقر، ليس مجرد مساعدة شرقى الصين لغربى البلاد، وإنما يتيح لشرقى الصين آفاقا أوسع للتطور ويجسد هدف المجتمع الاشتراكى المتمثل فى تحقيق الثراء المشترك. ومن خلال مكافحة الفقر بين الهيئات الوطنية والأماكن المحددة، تقدم الهيئات الوطنية أموالا ومفاهيم جديدة وتقنيات حديثة وسوقا جديدة للمحافظات المحددة، فى حين تصبح تلك المحافظات منصة هامة لدى الهيئات الوطنية لمعرفة أحوال الأرياف الصينية وتعميق العلاقة بين الكوادر والجماهير وإعداد الكوادر. كما أن تشجيع الشراكات غير الحكومية والمنظمات الاجتماعية وعامة الشعب على المشاركة فى مساعدة الفقراء، يفيد فى دفع تحقيق التناغم فى المجتمع. فى رسالة التهنئة التى بعث بها إلى المنتدى العالمى لتخفيف الفقر والتنمية لعام 2017 الذى أقيم فى بكين فى التاسع من أكتوبر عام 2017، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «إستراتيجية مساعدة الفقراء بشكل دقيق وهادف طريق وحيد لمساعدة السكان الفقراء على تحقيق الهدف الطموح فى أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.» وقالت آنا باولا دى لا أو كامبوس، وهى من أعضاء مشروع تخفيف الفقر بمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة: «حققت الصين نتائج ضخمة فى مكافحة الفقر، وذلك يرجع إلى أن الصين تضع أعمال مكافحة الفقر فى مكانة هامة ولديها هدف ملموس فى هذا المجال. لقد قدمت الصين قدوة للدول الأخرى فى مجال مكافحة الفقر.» وقال الاقتصادى الفرنسى المشهور ميشال أغليتا: «تجارب الصين الناجحة فى مكافحة الفقر جديرة بتعميمها.» كل ذلك يدل على أن إستراتيجية شى جين بينج لمساعدة الفقراء بتدابير دقيقة وهادفة طريق وحيد لحل مسألة الفقر فى العالم، وصارت إجماعا دوليا فى المجتمع الدولي. إن مساعدة الفقراء وتخليصهم من الفقر لا تجسد الثقة الذاتية فى الطريق ذى الخصائص الصينية والنظرية والنظام والثقافة فحسب، وإنما أيضا أصبحت تجربة يحتذى بها فى قضية مكافحة الفقر فى العالم.