كرم ديننا الحنيف المرأة, وكان الرسول عليه الصلاة والسلام, معلم الأمة وقدوتها وهاديها يوصي دائما بالنساء خيرا, ولديه من الأحاديث الكثيرة ما تبين ذلك. فهو يقول في حديث شريف له: ما أكرمهن إلا كريم, وما أهانهن إلا لئيم. كما يقول في حديث شريف آخر: رفقا بالقوارير, أي رفقا بالنساء كما أنه يعظم دور المرأة في الحياة حين يقول في حديث شريف له: النساء شقائق الرجال فالنبي دائما ما يحتفي بالمرأة ويحث علي احترامها, فماذا فعلت مسلسلات رمضان, هذا الشهر الكريم, شهر العبادة والتقرب إلي الله بالمرأة؟ والتي كنت حريصة علي مشاهدة معظمها لأن ذلك يدخل في صميم تخصصي, أن أحللها وأربطها بظواهر اجتماعية أخري في المجتمع, كانت تعاد مرة ثانية بعد عدة ساعات في اليوم, فساعدني ذلك علي المتابعة المنتظمة. إن مسلسلات رمضان التي سنعرض لها بداية من مسلسل الزوجة الرابعة إلي مسلسل مع سبق الاصرار مرورا بمسلسل البلطجي ومسلسل رقم مجهول يلزم التنويه أنها عينة ممثلة لمسلسلات التليفزيون في رمضان. وتتميز هذه المسلسلات بانها بلا استثناء ترفع شعار ضرب المرأة, وجرها من شعرها, وسحلها علي الأرض وسب المرأة, وإهانتها إلي أقصي حد, والاكثار من مشاهد الرقص في كل مسلسل بغرض الاثارة فقط والمتاجرة بجسد المرأة والاستهانة بها ومعاملتها كجسد وليس كانسان له جسد. فهي التي تفعل المستحيل في مسلسل الزوجة الرابعة كإحدي زوجات الحاج لترضي زوجها بأية وسيلة فهي تقبل اهاناته وضربه حينا, وترقص له كغانية حينا آخر حتي تفوز بالليلة. وفي هذا المسلسل أيضا, يظهر في افتتاحيته البطل وهو الحاج فواز وهو يسبح باسم زوجاته علي المسبحة فيقول دلال, سميحة, هدي, بدلا من أن يسبح بالله في الشهر الكريم, وبخاصة أن المسلسل يذاع في الشهر الكريم. أما في مسلسل البلطجي فحدث ولا حرج انك لا تسمع في هذا المسلسل سوي أصوات المرأة, مضروبة, صارخة, مجروحة, أو فاضت روحها إلي بارئها بعد ضربها بسكينة, أو شومة, أو رصاصة من مسدس. أما مسلسل مع سبق الاصرار فيعرض المرأة بلا قيم, ولا أخلاقيات, تبيع لمن يدفع أكثر, و يتميز المسلسل كسابقه بكثير من العنف ضد المرأة, لاسيما العنف البدني. وإذا كان هذا المسلسل أو غيره قد استهل المسلسل بالاعتذار عما فيه من ألفاظ غير لائقة, وسلوكيات نابية, فان هذا الاعتذار لا يساوي أبدا الاضرار الجسيمة التي وقعت من هذه المسلسلات علي أطفالنا طوال شهر رمضان الكريم. والغريب أن هذه المسلسلات تظل تعاد وتعاد خلال اليوم الواحد, كما ذكرت آنفا, وبذلك يعمم تأثيرها السلبي وينتشر, ويبدو أن الموقف الذي تعرضه هذه المسلسلات, ليس نتاج الدعامات البيولوجية لادوار الجنسين وحدها. ولا هو حصيلة التفاوت الذي تفرضه وتصر عليه نظم المجتمع ومؤسساته المختلفة فقط انما يرجع التمييز والتفرقة بين الرجال والنساء إلي المعتقدات الاجتماعية والثقافية والاتجاهات السائدة في المجتمع. ويظهر ذلك التداخل أيضا, في العنف ضد المرأة التي أبرزتها المسلسلات كالعنف البدني, والضرب والقتل, أهمية التحديات التي تواجه وقاية المرأة من العنف وتهددها وهي الفرق بين ما يقال وما يمارس. هناك كلام جميل يقال عن المرأة لكن ما يمارس يختلف ويناقض ما يقال ولدينا آلاف من الأمثلة علي ذلك من القانون ومن الدين. ففي الدين علي سبيل المثال نصوص رائعة تحض علي معاملة المرأة معاملة حسنة, وكذلك في القانون ولكن التطبيق غير ذلك تماما, فمن المهم إذن أن يتطابق القول والممارسة في معاملة المرأة. المزيد من مقالات د. سامية الساعاتى