ربما تكون المرة الأولى التى تبادر فيها جهة رسمية إلى التنبيه ولفت الأنظار لدى فئة بعينها قبل بدء العمل، من أجل ضمان سير الأمور فى الطريق الصحيح بعيدا عن الاعوجاج الذى ينتج عن النرجسية وحب الذات والبحث عن الانفراد وفق توصيفهم له وهو أبعد مايكون عن حقيقته، أما الجهة الرسمية فهى لجنة ضبط الأداء الإعلامى الرياضى التى يترأسها الرائد الاذاعى الكبير فهمى عمر ومعه نخبة من أساتذة وقادة الإعلام أمثال الإذاعى عادل ماهر والدكتور حمدى حسن والكاتبان الصحفيان حسن المستكاوى ومحمد سيف والمستشار هشام أبو علم، وأما التنبيه فكان فى صورة بيان أصدرته اللجنة يحمل أملا فى أن يكون الموسم الرياضى الجديد وفى القلب منه مسابقة كرة القدم عماد المنظومة الرياضية وصاحبة الشعبية الجارفة نموذجا يحتذى به، خصوصا بعد دخول منابر إعلامية جديدة للساحة، ما يعنى أن المنافسة ستكون ساخنة جدا من خلال محاولة كل منبر إثبات ذاته أمام الآخرين وجذب أكبر عدد من المشاهدين الى شاشاته، وأهابت اللجنة فى بيانها بجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والاليكترونية أن تتوخى الدقة وتلتزم الحيادية وقواعد المهنية وأن تتخذ من الموضوعية عنوانا رئيسيا فى تناولها القضايا الرياضية، وأن تكون منابر تثقيف وتوعية للمشجعين من خلال أداء إعلامى واع ورصين يراعى المصداقية ويحترم عقول المتابعين، وان تتجنب تلك المنابر الدخول فى المناطق الشائكة التى تشعل الفتن وتذكى نار التعصب، حتى لاتعيد إنتاج ما تعرضت له الملاعب من ازمات لاتزال تدفع ثمنها حتى الآن، وبالتالى فعليها أن تغلق أبواقها أمام هواة الشهرة والإثارة الذين يعشقون التراشق بالألفاظ الخارجة التى تقتحم الآذان ويسعون إلى الفرقة وشق الصف، وتطرق البيان الى تذكير الإعلاميين بمدونة السلوك الإعلامى الرياضى التى أصدرتها اللجنة ورعاها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفى الكبير مكرم محمد أحمد، وأجمع عليها الإعلاميون بعد عرضها فى مؤتمرعام تبنته وزارة الشباب والرياضة قبل عدة شهور. الشاهد أن هذا البيان أثلج صدرى وكثيرين مثلى ممن يحبون وضع النقاط فوق الحروف، وتحديد المسار الذى يجب أن يسلكه كل من يمتهن الإعلام بعد أن أصبح الإعلام مهنة من لامهنة له، حتى أن كثيرين تسللوا إليها وتصدروا لأسباب عدة واجهتها وهم لايحملون مؤهلا جامعيا، ويفتقرون للثقافة العامة ، وحتى عندما يتشدقون بجملة أو عبارة مأثورة قرأوها أو سمعوها، سرعان ما تظهر حقيقتهم «بعدم فهمهم» معانيها، وبدا واضحا أنهم يرددون العبارات كالببغاء، وهو ما أسقطهم فى مشكلات عدة، ولعب سعيهم لزيادة قاعدة المشاهدة إلى اعتماد الإثارة والتعرض لخصوصيات الناس، والزعم بامتلاك المعرفة وحدهم دون غيرهم، فكل مايصدر عنهم انفراد، وكأن مايقولونه لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهم يعرفون كل كبيرة وصغيرة يقلبها هذا المسئول وذاك اللاعب فى عقله قبل أن ينطق بها، ومن أسف أن هناك من يعشق هذه النوعية من الأخبار فيهللون لهم، ويظن هؤلاء أنهم على صواب ،ولنا فى المداخلات الهاتفية التى يعرف القاصى والدانى أنها معدة سلفا، وهى تشيد بهذا المذيع وشياكته وأناقته وطلته البهية خير دليل على ذلك، ما اعطى الفرصة لهؤلاء المذيعين المتسللين الى الإعلام دون دراسة أو رخصة، ليواصلوا إثارتهم وتأليب الجماهير وإشعال الفتن وتأجيج نار التعصب، من خلال عبارات أقل مايمكن أن توصف به أنها غير لائقة ولايمكن أن تخرج من بوق إعلامى يعرف للشاشة دورها وللمتابع حقه فى إعلام واع ورصين، بعيدا عن تصفية الحسابات بين أطراف لا يهم المتلقى أمرهم، لكن وجب هنا أن نتوقف أمام الظاهرة التى تسببت فى هذا العبث ألا وهى ظاهرة تأجير الوقت فمن يملك عشرة آلاف جنيه يمكنه استئجار ساعة هواء يقول فيها ماشاء، وهنا تكمن الخطورة التى ينبغى أن يوليها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام الأهمية اللازمة لوضع الضوابط قبل أن تتحول الشاشات إلى ما يشبه الإذاعات المحلية التى عرفتها مصر مطلع القرن العشرين، وإلى أن يتم وضع تلك الضوابط يأتى دور لجنة ضبط الأداء الإعلامى الرياضى ليكون الضابط لهذا العبث والموجه والمصوب لتستقيم الحال، وتسير الأمور سيرتها الطبيعية ويعود الإعلام إلى نهجه الأول وفلسفته التى انشئ من أجلها وهى التثقيف والتوعية، فكم من أناس فى وطننا لم ينالوا حظهم من التعليم لكنهم مثقفون بالفطرة، ويملكون معينا ثقافيا رائعا يمكنهم من إدارة حوار مع كبار المثقفين بعد أن علموا انفسهم وصقلوا معلوماتهم من خلال الإذاعة التى كانت ولاتزال منبر التثقيف الأول فى الدين والرياضة والفن والتاريخ والصحة وغيرها من المعلومات العامة للفلاحين والعمال وربات البيوت. لمزيد من مقالات أشرف محمود