هل يستعيد المتحف اليونانى الرومانى شبابه بعد 123 عاماً قضاها فى إثراء الحياة الثقافية والأثرية بالإسكندرية ؟ سؤال طرحتها الأهرام على المثقفين والأثريين بالمدينة .. تقول الدكتورة منى حجاج أستاذ الأثار اليونانية بكلية الأداب جامعة الاسكندرية ورئيس جمعية الأثار بالمدينة إن الأيام القادمة سوف تشهد مفاجأت إحياء مشروع ترميم المتحف حيث قامت الدولة لأول مرة بتخصيص (120) مليون جنيه لاستكمال أعمال ترميم وتطوير المتحف وقد تم إسناد العمل فيه الى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وهو الأمر الذى اثلج الصدور وبعث الطمأنينة فى نفوس السكندريين بنجاح المشروع وعودة الروح الى المتحف بعد إغلاق إستمر لأكثر من 13 عاماً حيث تم اغلاقه فى سبتمبر 2005ً نظرا لإحتياجه الى عمليات إصلاح وترميم بعد ظهور تصدعات فى بعض الأسقف وتهالك البنية التحتية بالإضافة الى ضيق المساحة المخصصة للعرض، كما كان يعانى تكدس المخازن بالقطع الاثرية النادرة فى بيئة غير سليمة مما كان له الاثر السلبى على تلك الكنوز الاثرية .. وقد توقف العمل بالمتحف نظرا لعدم توافر الامكانيات المادية بوزارة الاثار مما أصاب السكندريين بالإحباط حتى جاء القرار بإستكمال اعمال الترميم والتطوير ونتمنى أن ينتهى العمل سريعاً ليعود المتحف للحياة بعد طول غياب. ويقول الأثرى أحمد عبدالفتاح أن المتحف اليونانى يُعد أعظم متاحف حوض البحر المتوسط ويضم أضخم مجموعة متخصصة فى العصور اليونانية والرومانية تصل الى 40 الف قطعة أثرية نادرة وقد تم إنشائه على مراحل، ففى عام 1892 تم إختيار مبنى عبارة عن شقة مكونة من خمسة حجرات بشارع رشيد – فؤاد حاليا – وضعت فيها الاثار الناتجة عن عمليات الحفائر الى جانب مجموعات أثرية مهداه من عدد من الشخصيات من مواطنى الإسكندرية فى مقدمتهم جون أنطونيادس وجليمو نوبولو وعائلة زغيب باشا، وفى عام 1895 إفتتحه الخديو عباس حلمى الثانى فى مبناه الحالى . جانب من مقتنيات المتحف ويضيف عبدالفتاح أن المتحف يحتوى على أثار بالغة الأهمية لأنها تمثل نتاج تلاقى الفكر المصرى والغربى وترجع الى الحقبة التاريخية الواقعة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثالث بعد الميلاد وتغطى العصر الفرعونى والفترة البطلمية والرومانية ....هو حقا خزانة كنوز لاتقدر بثمن تضم العملات والتماثيل والموميات ومجموعات من تماثيل رائعة لسيدات وفتيات يطلق عليها مجموعة التناجرا وهى مصنوعة من طمى النيل .وقد تسبب اغلاقه طوال هذه الفترة فى صدمة للمجتمع السكندرى والسائحين المترددين عليها . ويقول محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بمنطقة الإسكندرية والساحل الشمالي، إن أعمال الترميم والتطوير استؤنفت فى شهر فبراير الماضى بعدما وصلت المخصصات المالية اللازمة بلغت 120 مليون جنيه، مشيرًا إلى أنه خلال الأشهر الستة الماضية تم الانتهاء من 25% من أعمال الترميم. وأضاف «متولي» إن العمل يسير على قدم وساق للانتهاء من كافة الأعمال فى الوقت المحدد خلال عام من الآن، مؤكدًا أن عرض القطع الأثرية سيتم عقب تطوير المتحف على أحدث الطرق العالمية، ليصبح المتحف مركزا علميا وثقافيا لحضارات البحر المتوسط ويجذب آلاف السياح. وأوضح «متولي» إن مخططات التطوير تشمل قاعات عرض حديثة، وحديقة متحفية، ومركز لحفظ وترميم الآثار، ومركز لبحوث العملة، وأخر للبحث العلمى يضم قاعات للدراسة والمؤتمرات ومكتبة وورشة طباعة، وقاعات وسائط متعددة، وأيضًا مدرسة للتربية المتحفية لتنمية الوعى الأثرى للأطفال، كما تجرى حالياً مفاوضات لبحث إمكانية إنشاء جراج أو أماكن ترفيهية فى الأرض المجاورة للمتحف للمتحف. وأضاف محمد متولى أنه خلال العمل على تطوير المتحف تم العثور على خبيئة أثرية فى الحديقة تحتوى على 500 قطعة من الأوانى الفخارية مختلفة الأحجام والأنواع والاستخدامات ترجع لعصور وأزمنة مختلفة بعضها يرجع للعصر الإسلامي. وأشار «متولي» إلى أن أعمال الترميم والتطوير لمبنى المتحف اليونانى الرومانى تتم بمعرفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تحت إشراف منطقة آثار الإسكندرية والساحل الشمالى ضمن عدد من المشاريع القومية فى إطار بروتوكول التعاون بين وزارة الآثار والهيئة الهندسية للقوات المسلحة. وأضاف متولى أنه فى إطار إهتمام الدولة بمشروع المتحف فقد قام الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية بزيارة موقع العمل للاطمئنان على استكمال أعمال الترميم وأشاد بالدور الرائع الذى يقوم به فريق العمل بالمتحف والجهد الذى يبذلوه لاكتشاف والتنقيب عن القطع الأثرية التى تعود لعصور مختلفة مؤكدا أن هذه الاكتشافات الهامه من شأنها اثبات للعالم أجمع مكانه الاسكندرية الحقيقة وحضارتها التى تمتد لآلاف السنين.