انتهت الدورة البرلمانية الحالية لمجلس النواب دون أن يناقش القانون الجديد للإدارة المحلية ويصدره كما كان متوقعاً. وهذه هى الدورة الثالثة لمجلس النواب دون أن يصدر هذا القانون المهم، مع أن اللجنة البرلمانية المختصة داخل المجلس قد انتهت من مناقشته وإعداده للعرض على المجلس لإصداره. أهم ما يشتمل عليه قانون الإدارة المحلية، هو أن يكون لكل وحدة محلية مجلس شعبى يتم عن طريق الانتخاب. فيكون هناك مجلس محلى للقرية ومجلس للمدينة ومجلس للمركز أو القسم ومجلس للمحافظة. والمفروض أن قانون الإدارة المحلية هو الذى سوف يحدد التفاصيل بشأن عدد أعضاء كل مجلس من هذه المجالس المحلية واختصاصاته وعلاقاته بالإدارات الحكومية. لكن الدستور فى المادة 180 تحدث بالتفصيل عن المرشحين الذين يحق لهم الترشح لإنتخابات هذه المجالس المحلية، فاشترط فى المرشح ألا تقل سنه عن 21سنة، وأن يخصص ربع عدد مقاعد المجلس المحلى للشباب دون سن 35 سنة، وربع العدد للمرأة، وألا تقل نسبة العمال والفلاحين فى كل مجلس عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلاً مناسباً للمسيحيين وذوى الإعاقة. وهكذا يتضح أن الدستور يريد مجالس محلية شعبية حقيقية تمثل كل فئات الشعب تمثيلاً مشرفاً بعدالة وديمقراطية. ولن يتأتى هذا التمثيل الشعبى الحقيقى إلا إذا كان للعمال والفلاحين - الذين يمثلون الغالبية العظمى من ابناء الشعب - خمسين بالمائة من مقاعد هذه المجالس. وأعطى الدستور المجالس المحلية نفس أدوات الرقابة التى أعطاها لمجلس النواب لمراقبة الإدارات والأجهزة الحكومية، وهذه الأدوات هي: الاقتراحات، وتوجيه الأسئلة، وطلبات الإحاطة، والاستجوابات، وحق سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية. ومعنى هذا أن الدستور يريد أن يكون هناك برلمان فعلى فى كل قرية أو مدينة وفى كل مركز وفى كل محافظة. والأمر المؤكد أن وجود هذه المجالس المحلية على جميع المستويات فى كل أنحاء الجمهورية يدعم ويقوى النظام الديمقراطى الذى ننشده ونتمناه لبلدنا. ولنا أن نتصور مجلساً محلياً لإحدى القرى وهو يراقب ويناقش المسئولين عن الوحدة لهذه القرية فيما يقومون به من خدمات حكومية لهذه القرية. وهذا نفس ما يحدث على مستوى مجلس المركز ومجلس المحافظة. وهذا هو صميم النظام الديمقراطي. الشعب يراقب الحكومة فيما تقدمه من أعمال وخدمات للمواطنين. والمجالس المحلية لا يقتصر عملها على مراقبة الأجهزة التنفيذية، وإنما هى شريك أساسى متضامن معها فى محاولة الوصول لأعلى جودة للخدمات التى تقدم لأبناء الشعب.. فالجميع - المجالس المحلية المنتخبة والإدارات التنفيذية - هدفهم الأساسى هو خدمة المواطنين من أبناء الشعب وتقديم أحسن ما يمكن تقديمه من خدمات لهم. وهذه هى الديمقراطية فى أسمى معانيها. وسوف يعود مجلس النواب لبدء دورته الرابعة فى اوائل أكتوبر القادم، والجميع ينتظر بفارغ الصبر أن يكون أول أعماله فى الدورة المقبلة، هو إصدار القانون المهم للإدارة المحلية، ثم البدء فى تنفيذه بإجراء انتخابات المجالس المحلية على كل المستويات مع بداية العام المقبل. لمزيد من مقالات فؤاد سعد