لا يخلو جدل عن مستقبل الصحافة من الحديث عن مستقبل ومصير الصحافة المطبوعة، بعد التوسع الهائل فى مجال الإعلام الرقمى، وسيطرة شبكات التواصل الاجتماعى، وظهور ما يطلق عليه "صحافة المواطن"، التى جعلت مليارات من سكان الأرض مراسلين صحفيين بالمجان فى خدمة هذه الشبكات، ينقلون الخبر بالصورة والفيديو لحظيا فى شتى أنحاء العالم عبر حساباتهم الشخصية، وتشبع رغبتهم فى تسجيل ونشر ما يروق لهم من أخبار وأحداث. وأصبحت هذه الشبكات لا تؤثر على الصحافة الورقية فقط، بل أصبحت خطرا أيضا على طوَّق النجاة الذى رأى فيه البعض مخرجا للمؤسسات الصحفية، من خلال النسخة الرقمية للمطبوعة أو البوابات الإلكترونية اللحظية، للاستفادة من المحررين والكتاب الذين يعملون فى الصحف الورقية، حيث أصبحت تلك المواقع تعانى من منافسة شبكات التواصل لها فى سوق الإعلانات، الذى كان يخطط البعض له كمسار بديل لتعويض الدخل الذى تأثر بانخفاض الإعلانات، وأصبحت المواقع تكلفة استثمارية جديدة وعبئا وليس حلا للمؤسسات. والمفاجأة التى أكدتها قيادات بشركة عالمية متخصصة مؤخرا هو ارتفاع عدد الورق المطبوع، بسبب التقدم الكبير فى تكنولوجيا الطباعة الرقمية، التى جعلت من عملية الطباعة أسرع وأسهل وأقل تكلفة من ذى قبل، بسبب حلول وعدم نمطية ما يتم طباعته وخلق خصوصية لكل ورقة مطبوعة عن غيرها، مثل ما يحدث فى فواتير العملاء لشركات المحمول وكذلك الحسابات البنكية للعملاء. وبتطبيق ذلك على المطبوعات الصحفية نجد أن توسعا كبيرا فى المجلات والصحف الدعائية لسلاسل المحلات والصحف الإقليمية والمتخصصة، التى تخاطب مكانا أو فئة أو جمهورا مستهدفا لحدث، فقط أصبح من السهل التصميم والطباعة دون المرور بعمليات متعددة، وتخفيض التكلفة من خلال إلغاء مراحل من الطباعة مثل الأفلام والزنكات بل وطباعة الكميات حسب الطلب. وأصبح على الجريدة الورقية التقليدية الاستجابة لمتغيرات العصر، والاستفادة من تطور الطباعة الرقمية بتغيير المحتوى الذى يتناسب مع التنافس الحالى، بأن يكون هناك نسخة منها موجهه لكل إقليم، وهو ما يستلزم التحالف بين المؤسسات الصحفية بأن يكون مطابع إقليمية لطباعة نسخ خاصة يوميا من كل جريدة تتناسب مع الحيّز الجغرافي، وتقديم ما يطلق عليه بالجريدة حسب الطلب لجمهور هذا الإقليم، فتختلف نسخة الجريدة القومية التى تقدم للقاهرة عن نسختها بالصعيد عن نسخة مدن القناة أو الإسكندرية والدلتا وهكذا. فالطباعة الرقمية وفرت الحلول لأن تتميز الجريدة الورقية لكن بشكل ومضمون جديد، ولابد من توجيه الدعم للمؤسسات القومية وإعادة هيكلتها من أجل استمرار الصحيفة التقليدية. [email protected] لمزيد من مقالات شريف عبدالباقى