سقط النظام ولملم أوراقه ورحل وترك خلفه ذيول الفساد.. ممتدة.. في كل قطاعات الدولة.. تتواصل تداعياتها في صور واشكال مختلفة لم تكلف الأجهزة الرقابية نفسها عناء البحث في مشروعية وقانونية تعاقدات كثيرة أبرمت علي أساس فاسد وتكبدت الدولة في سبيلها خسائر مالية فادحة. في الماضي كان التزام الأجهزة الرقابية للصمت أمرا مقبولا أمام سطوة ونفوذ أصحاب التعاقدات لعلاقة مشبوهة ووثيقة بأركان النظام.. أما الآن فقد انفرط عقده وأطلقت يد الأجهزة المكبلة بالقيود ولم يعد لديها ما يبرر استمرار الصمت تجاه المخالفات القانونية الصارخة.. موقف يدعو للدهشة فمازال فساد الماضي ملء السمع والبصر.. يدنس صفحة الحاضر ناصعة البياض. صورة صارخة للفساد تتجسد في واقع مخيف وصمت رهيب.. كصمت أهل الكهف.. تبدأ وقائع القصة في ضوء ما سطره تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي كتبه مراقب الحسابات خالد شهدي ورصد فيه الآثار المترتبة علي تنفيذ العقد المبرم بين شركة القناة لتوزيع الكهرباء وشركة جلوبال للطاقة التي يملكها محمد مجدي حسين راسخ صهر علاء مبارك. تعاقدت شركته في 19-2-2002 علي توريد الطاقة الكهربائية منفردة بمنطقة نبق السياحية بشرم الشيخ بقدرة10 ميجاوات ونص العقد علي بيع عدد4 حلقات تغذية المنشأة بمعرفة شركة القناة مقابل4.1 مليون جنيه تم سدادها بالتقسيط والتصريح بإعادة بيع التيار الكهربائي للمستثمرين بالمنطقة بأسعار تفوق ما حدده مجلس الوزراء لبيع الكهرباء للمستهلكين الأمر الذي أدي إلي تحقيق جلوبال أرباحا طائلة بلغ ما أمكن حصره في ضوء تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات نحو238مليون جنيه ناتجة عن إعادة بيع1624 مليون كيلو وات. أماط تقرير المركزي للمحاسبات الستارعن إجراءات غاية في الخطورة.. حيث رصد موافقة رئيس مجلس ادارة شركة القناة لتوزيع الكهرباء في 17-1-2001علي مد شبكات الجهد المتوسط بمنطقة نبق علي جانب من استثمارات الشركة لإمداد المتقدمين بالطاقة المطلوبة كونها المنوط بها توزيع الكهرباء بالمنطقة وفي سبيل ذلك قامت بشراء4 قطع أراض إجمالي مساحتها55593 م2 تسلمتها في يوليو وأكتوبر2001 وخصصتها وزارة السياحة لإقامة لوحات توزيع لخدمة مشروعات التنمية السياحية مقابل دور لكل متر مربع وشيدت علي إحدي قطع الأراضي سورا بتكلفة794 ألف جنيه وأنشأت4 حلقات تغذية240/3 مم جهد300/81 ك. ف بطول26 كم لاستخدامها في تغذية المشتركين. كل ذلك ذهب سدي أدراج الرياح.. فقد دفع التعاقد مع شركة جلوبال التي يملكها مجدي راسخ الي تخلي شركة القناة لتوزيع الكهرباء عن مشروعاتها في المنطقة وباعت ما تم تنفيذه علي أرض الواقع لها فظلت قطع الأراضي دون استخدام منذ تسلمها مما قد يعرض الشركة لإلغاء قرار التخصيص الصادر لها. وبحسب ما دونه تقرير المحاسبات فإنه في مايو2003 أنهت الشركة المصرية لنقل الكهرباء إنشاء محطة محولات نبق جهد22/66 ك. ف بتكلفة34 مليون جنيه وأطلق التيار في 24-5-2003 وتم تغذية شركة جلوبال منها عن طريق4 خلايا خروج بالمخالفة للمادة الرابعة من العقد والملحق رقم2 منه والتي تنص علي أن تكون التغذية من شركة القناة بعدد2 خلية فقط, والخليتين الآخريين من التوليد الخاص بشركة جلوبال والتي لم تقم به لعدم إنشائها أية محطات توليد بالمنطقة. امتداد المخالفات وامتدت المخالفات إلي المادة135 من اللائحة التجارية للشركة بشأن تحصيل تأمين الاستهلاك والتي تنص علي أن يتم إبرام عقد توريد الكهرباء بين الشركة والمنتفع طبقا للعقود النمطية التي أقرها جهاز التنظيم ولا يجوز توريد الكهرباء للمنتفع قبل توقيع عقد التوريد وسداد تأمين استهلاك يعادل قيمة استهلاكه التقديري بحد أدني شهرين يحصل منه عند التعاقد وقبل إطلاق التيار الكهربائي طبقا للمحدد بعقد توريد الكهرباء وهذا التأمين غير قابل للتحويل ولا يستحق عليه عائد ولا يتم رده إلا في حالة إنهاء التعاقد وبعد خصم ما يكون مستحقا للشركة.. لكن ذلك لم يتحقق علي أرض الواقع وقامت الشركة بتحصيل250 ألف جنيه فقط بينما قيمة التأمين المستحقة تبلغ21,4 مليون جنيه وإمعانا في الفساد وافق رئيس مجلس الإدارة في27-4-2004 علي منح جلوبال فترة سماح90 يوما لسداد إصداراتها بمتوسط18.6 مليون جنيه دون وجود أية ضمانات. يكشف البند الثالث عشر من العقد والملحق رقم3 كيفية حساب الضريبة المستحقة علي جلوبال بواقع3 قروش/ ك. و. س علي10% من الاستهلاك فقط وحساب الضريبة علي باقي الاستهلاك بواقع0,6 قرش/10 ك. و.س وهي الضريبة المستحقة علي التيار المبيع لقطاع الصناعة وذلك بالمخالفة للمادة رقم69 من القانون111 الخاص بضريبة الدمغة الأمر الذي أضاع علي مصلحة الضرائب نحو 42.72مليون جنيه وكذلك الحال بالنسبة لرسم الاذاعة حيث تم حسابه علي10% من استهلاكات الشركة مما ترتب عليه اضاعة نحو1,462 مليون جنيه علي خزانة الدولة. وفي ضوء ما رصده تقرير المركزي للمحاسبات.. فقد ساهم جهاز حماية المستهلك في إمعان وحماية فساد جلوبال.. حيث صرح لها في بداية عام2005 بمزاولة نشاط إنتاج الكهرباء وتجديده علي مدي ستة أعوام منذ عام2006 وحتي نهاية العام الماضي.. إلا أنها لم تنتج طاقة كهربائية واعتمدت علي شراء احتياجاتها من شركة القناة لتوزيع الكهرباء بالمخالفة للعقد المبرم وأفاد جهاز حماية المستهلك في كتابيه رقم973 و1462بتاريخ 3-4-2011 و519 بعدم أحقية شركة القناة لتوزيع الكهرباء بإنشاء شبكات توزيع داخل النطاق الجغرافي لمنطقة نبق السياحية وهو ما يتعارض مع نص المادة01 من اللائحة التجارية لشركات التوزيع والتي تقضي باعتبار المهمات المركبة لتوصيل التغذية الكهربائية للمنتفع مخصصة للمنفعة العامة وللشركة الحق في إمداد الغير منها حتي ولو كان داخل مبني المنتفع ولا يجوز رفعها أو تعديل موضعها أو ترميمها إلا بمعرفة الشركة وبعد سداد المنتفع للتكاليف المقررة وبالتالي فإن الشبكة المقامة بمركز نبق والتي اشترتها جلوبال تعتبر مخصصة للمنفعة العامة وفقا للائحة التجارية لشركة القناة ويحق لها استخدامها وتوصيل الكهرباء عن طريقها لأي عميل دون أي مقابل خاصة في ظل تجاوزها لقدرتها التعاقدية وللقدرة المحددة باللوائح المقررة. لم تستطع شركة القناة في ضوء واقع أقره تقرير المحاسبات تركيب الأجهزة اللازمة لمنع جلوبال من تجاوز القدرة التعاقدية البالغة20 ميجاوات وتبين قيام القناة بتنفيذ توسعات لجلوبال بلغت جملتها نحو4,6 مليون جنيه وتضمنت4 خلايا خروج أخري من محطة محولات نبق22/66 مقابل760 ألف جنيه ليصل عدد الخلايا المخصصة لها إلي8 بتجاوز قدره6 عن التعاقد في ذات الوقت الذي قامت فيه الشركة المصرية للنقل بإنشاء محطة محولات جديدة ذات جهد أعلي22/66/220لمواجهة الأحمال الزائدة نتيجة لتجاوزات جلوبال تكلفت نحو67مليون جنيه. احتكار وفي 18-6-2009 أطلق التيار بمحطة نبق الجديدة ليتم إمداد جلوبال بالطاقة منها دون غيرها وتغذية محطة نبق القديمة والمخصصة بنسبة كبيرة لإمداد جلوبال.. حيث خصص لها عدد2 مغذي خروج لم تقدم بسداد قيمتهما وكذلك تقاعست شركة القناة عن تحصيل فرق القدرة المستحق علي مقدار التجاوز والذي يبلغ نحو22,248 مليون جنيه. وترسيخا للفساد الذي يضرب بجذوره في عقد يدوس بأقدامه القانون وحقوق الدولة.. فقد وجد تقرير المحاسبات وضعا غير مفهوم بجلوبال في ظل إقصائها لشركة القناة وإقدامها علي التعامل مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء.. مما نتج عنه عدم قيام جلوبال باي اسهامات في تخفيف الاعباء الملقاة علي عاتق الدولة في توليد أو إنتاج الكهرباء وألقت بأعباء جسيمة علي الشبكة الكهربائية لم تعد تتحملها. وتحمل المستثمرون في نبق فرق السعر الممنوح لجلوبال من سعر البيع المصرح به من جهاز حماية المستهلك الذي يفوق الأسعار المقررة بكثير. وكشف تقرير المركزي للمحاسبات عن سخاء بلا حدود حصلت عليه جلوبال من القناة.. حيث أبرمت معها عقدا آخر باريخ 12-6-2004 لبيع طاقة كهربائية بقدرة8 ميجاوات للقري السياحية بطابا برغم عدم امتلاكها لأية لوحات توزيع أو شبكات هناك والأخطر من ذلك قيام شركة القناة بتوصيل التيار للفنادق المتعاقدة مع جلوبال مباشرة ويتم محاسبتها بالسعر الرسمي بينما جلوبال تحصل علي السعر المحدد من قبل جهاز حماية المستهلك لتحصد أرباحا طائلة دون وجه حق. الغريب في الأمر أن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات خضع للتحقيق بمعرفة النيابة الإدارية في شرم الشيخ وفجأة اكتشف المحاسب خالد شهدي الذي أعد التقرير أن مجريات التحقيق تسير في اتجاه مغاير لا يحقق العدالة أو يضمن حقوق وأموال الدولة المهدرة. ولم يتمكن أحد من معرفة القرار الذي اتخذته النيابة الإدارية بشأن التعامل مع وقائع الفساد التي حملها التقرير في ثناياه حول العقد المبرم مع شركة جلوبال للطاقة. عقد جديد يعتنق حمدي طاووس رئيس مجلس ادارة شركة القناة لتوزيع الكهرباء وجهة نظر مغايرة عن تلك التي طرحها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات قائلا.. إن كل ما جاء في التقرير لا يعد مخالفات قانونية كما تم تصويرها وإنما يمكن وصفها بأنها وجهة نظر بناها علي وقائع غير مكتملة المعاني وعموما كل تلك الملاحظات التي احتواها تقرير المحاسبات درست بعناية ونفذنا منها ما وجدنا أنه يخالف القانون ويهدر علي الدولة الأموال وأهمها ما يتعلق بمشكلة الضرائب واحتكار الشركة لمسألة توزيع الكهرباء وألزمناها بإنشاء محطة محولات خاصة بها وأصبحت جاهزة للتشغيل. وبحسب ما أوضحه رئيس مجلس إدارة شركة القناة لتوزيع الكهرباء بأن مسألة منح التراخيص لشركة جلوبال للعمل وفق النظام السائد حاليا يعد مسئولية أصيلة لجهاز حماية المستهلك وليس هناك دور للشركة تؤديه في هذا الشأن وقد تلاشت كل المشاكل التي سادت طوال الفترة الماضية في نظام عمل الشركة وبقيت مشاكلها الراهنة مع أصحاب الفنادق والقري السياحية. ووفق ما يؤكده حمدي طاووس فإن الثغرات التي وجدت في العقد القديم لم تعد موجودة الآن وتم تصحيح كل الأوضاع بعقد جديد تصاغ نصوصه بما يحقق العدالة ويضمن حقوق الدولة ويمنع إهدار أموالها ولذلك تتحمل الشركة المسئولية عن ضبط إيقاع الأداء في هذا الشأن وتتخذ من التدابير ما يكفي للقضاء علي أي مشاكل تنشأ من استمرار العقد. مبالغة اتخذ حافظ السلماوي رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك موقفا مدافعا عن الإجراءات التي اتخذها تجاه التراخيص والموافقات الممنوحة لشركة جلوبال للطاقة قائلا ليس هناك مايخالف القانون في التراخيص التي حصلت عليها الشركة لكونها جاءت في ضوء الشروط العامة المقررة بمعرفة الجهاز وتنطبق جميعها علي نظام عملها وما دونه تقرير المركزي للمحاسبات فيه مبالغة وعدم فهم للقواعد المتبعة والمعمول بها في معظم دول العالم.. حيث يعد منح الشركة أحقية توزيع الكهرباء في المنطقة منفردة نوعا من تحقيق الانضباط وحماية للاستثمارات في هذا الشأن لأنه ليس من المنطقي أن تأتي شركة لتضخ استثمارات كبيرة ثم تأتي شركة أخري لتقيم ذات النشاط.. هذا يفتح الباب لهروب الاستثمارات في المجال.. لابد من توفير مظلة حماية لها وبرغم ذلك هناك ضوابط في تلك العملية لضمان حقوق المستهلك وعدم استغلاله. وتأتي عملية تحديد أسعار بيع الكهرباء عبر الشركة في ضوء ما يؤكده حافظ السلماوي رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك بأنه يتم وفق قواعد معلنة تتعلق بمقابل استغلال الشبكة وتكلفة التشغيل والصيانة واستهلاك الأجهزة والمعدات وعائد الاستثمار.. كل ذلك يأتي علي أساسه تحديد السعر الذي تبيع به الشركة للمستهلك.. المسألة لا تتم بشكل عشوائي وإنما تخضع إلي قواعد حاكمة. أما مسألة حصولها علي ترخيص في طابا.. فإنه جاء وفق طلب تقدم به المستثمرون في المنطقة وطلبوا الحصول علي الخدمة من خلال الشركة وعندما استوفت الشروط تم منحها الموافقة بالعمل. تناقض تحدث رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك عن ضمانات تحول دون احتكار جلوبال لتوزيع الكهرباء لكن الواقع يحمل في ثناياه شيئا آخر وهذا ما يؤكده كامل أبو علي صاحب إحدي القري السياحية حيث طلب من الجهاز التعاقد مع شركة القناة بشكل مباشر للهروب من الأسعار المبالغ فيها والتي حددتها جلوبال بصورة تمثل عبئا علي كاهل شركات السياحة ولم يتحرك الجهاز صوب شكواه وأجبره الحصول علي الكهرباء من جلوبال باعتبارها صاحبة الامتياز الوحيد في المنطقة. أصحاب القري السياحية:تعاقدنا مجبرين للحصول علي الكهرباء دون قواعد شفافة شرم الشيخ من هاني الأسمر: أكد عبد الرحمن أنور عبد الرحمن صاحب أحد الفنادق بمنطقة نبق السياحية بشرم الشيخ ونائب رئيس جمعية الفنادق العائمة أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن شركة جلوبال للطاقة تزيد أسعارها ب10 قروش للكيلو وات الواحد مقارنة بشركة القناة بسعر24 قرش, مما يكلفنا مبالغ طائلة نلتزم بسدادها شهريا رغم تراجع معدلات السياحة. ويضاف الي ذلك قيام جلوبال بفرض قسط شهري ثابت يبلغ9 آلاف للتعاقد علي أمدادنا بعدد400 كيلو/وات في الساعة شهريا ومحاسبة الفنادق والقري والشركات السياحية علي قيمة الحد الأدني من الاستهلاك وتبلغ89902 جنيه شهريا لذلك اعترضنا علي مطالبتنا بسداد كل هذه المبالغ علي خلفية المخالفات التي تحدث مقابل امداد شركات أخري بالتيار الكهربائي من نفس الفندق. وكشف أن السبب الرئيسي وراء تعاقد الفنادق والمنشآت السياحية الواقعة بمنطقة نبق السياحية مع شركة جلوبال للطاقة هي احتكارها لتوزيع الكهرباء بالمنطقة نظرا لامتلاكها شبكات الكهرباء التي أقيمت خلال تولي النظام السابق مقاليد السلطة بمصر, حيث تم الاتفاق مع شركة القناة بإقامة شبكة كهرباء تحتية, بالإضافة الي محطة كهرباء عملاقة تغطي هذه الشبكة لكننا فوجئنا ان جلوبال تعاقدت مع شركة القناة لإمدادها بالكهرباء لتوزيعها علي القطاع الخاص بفرق سعر يزيد علي20%. من جانبه أكد حسام عطية صاحب أحد الفنادق علي ارتفاع قيمة كيلو/وات الكهرباء عن قيمته الحقيقية واختلافه من فندق لآخر فهناك فنادق تقوم بسداد32.5 قرش للكيلو/وات وأخري تسدد38 قرشا, رغم أننا تعاقدنا عليه خلال الفترة الماضية بقيمة28 قرشا فقط, مما يزيد من أعباءنا.