"هم يبكي وهم يضحك" مثل رأيته متحققا بجوارحي المتهالكة نتيجة ساعات معاناة لأني من القليلين الذين نفذوا على ما يبدو قرار وزير المالية الدكتور محمد معيط، حيث قررت التوجه لفرع مصلحة الضرائب العقارية لمنطقة المقطم لمعرفة التصرف الضريبي لشقتي، بعد مد مهلة سداد الضريبة العقارية حتى منتصف يوليو، ثم جاء المد الأخير على لسان وزارة المالية حتى أغسطس المقبل دون توقيع أي غرامة تأخير، لأرى بعيني المبكيات المضحكات للمأموريات. الهم المبكي بدأ بصعوبة الوصول إلى مقر مأمورية المقطم، وهو عبارة عن مبنى متهالك يجمع مأموريات الخليفة والبساتين والسيدة زينب، ومكون من دورين وحجرتين ضيقتين بكل دور لا تزيد مساحتهما عن 30 مترا، بلا نوافذ، ومكاتبها تشتكي التهالك، وتغطيها دفاتر الممولين، والأتربة تلون كل شئ، تقريبا "كهف حكومي"، وطبعا طبقا للقانون المفترض إرسال إخطارات لأصحاب "الشقق والفيلات والقصور والمولات والمحلات التجارية وغيرها" لمحاسبتهم على الضريبة العقارية أو الإعفاء لمن يستحق إذا لم يتجاوز سكنه الخاص حد المليونى جنيه. كان لابد من كتابة إخطار لي نظرا لأنه لا توجد بيانات لأي من سكان المنطقة وإنما العقارات مسجلة بعدد الشقق دون بيانات لأصحابها، ثم تصوير الإخطار والبطاقة وعقد التمليك وكتابة طلب للهيئة وصورتين للموظف المختص التي تكسوه مثل الجميع المتكدس في الحجرة علامات الضيق من سوء تهوية المكان، والعمل يدوياً مع قلة عدد الموظفين ودون كراسي كافية لهم، ودفاتر خالية من معلومات العقارات التي تقدر بمئات مليارات الجنيهات بحي المقطم، مما يعد إهدارا للثروة العقارية، فتبعا لحصر بدأ مع تطبيق القانون في 2010 كشف أن حجم الثروة العقارية 33.3 تريليون جنيه، يخضع منها بين 10 إلى 15٪ فقط للضريبة، يعني أن الإيراد المتوقع 10 مليارات جنيه، والآن بعد 8 سنوات ارتفعت هذه الثروة لنحو 100 تريليون جنيه يتحصل عنها 2 مليار جنيه، أى ما يمثل 5٪ من الضريبة المتوقعة. والهم الأكثر سخرية هو عدم وجود حصر دقيق للملكيات العقارية "بيع وشراء"، رغم اتجاه غالبية المواطنين للاستثمار العقاري كملاذ آمن يتحرك صعودا فقط نظرا للارتفاع المتوالي لأسعار الأراضي ومواد البناء الذي نتيجته وجود المضاربة والمغالاة في أسعار العقارات، فأصبح نشاط تجاري مجهول للدولة بلا إيراد ضريبي، فضلا عن ارتفاع وصعوبة التسجيل الشخصي، وتجاهل فكرة إنشاء "السجل العيني" منذ 1902 لتضارب البيانات بين المحليات والهيئات العمرانية وكثرة المناطق العشوائية.. المضحك عدم إدراك الدولة ذلك أو المواطن الذي ربما لا يدرى أن تسجيل العقار يجلب الخير، ولهذا حديث آخر. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ