«إن التصوف هو أروع صفحة تتجلى فيها روحانية الإسلام وهو تفسير علمى لهذا الدين فيه إشباع للعاطفة وتغذية للقلب» هكذا عبر الدكتور أبو العلا عفيفى عن ماهية التصوف فى كتابه الجديد الذى جاء بعنوان «التصوف الثورة الروحية فى الإسلام» والصادر عن دار أقلام عربية للنشر والتوزيع. الكتاب يتميز بمعايشة صاحبه لفكرة التصوف عبر رحلته الأكاديمية فى تدريس مادة الأخلاق والفلسفة فى الجامعة.ويعتبر ثورة علمية تضاف إلى مكتبة العلوم الإسلامية إذ يجمع فى طياته بين الأصالة فى البحث العلمى والعمق فى الفكرة والعرض الدقيق بشكل يتجاوز كثيرا من الكتابات فى هذا الحقل. بدأ المؤلف عرض الكتاب بتعريفات لمصطلحات تتعلق بعلم التصوف مؤكدا أنه ظاهرة عالمية، ومن ثم ربط بين التصوف وعلوم أخرى مثل الفلسفة والتجربة مبينا العوامل التى أدت إلى نشأة التصوف فى الإسلام. وعرّف المؤلف مدارس التصوف عبر التاريخ الإسلامى والفرق بين الشريعة والحقيقة وطرق مجاهدة النفس من أجل الصبر على ملذات الحياة، مؤكدا الربط بين حقيقة علم التصوف وعلم التوحيد، مبينا أن الصوفى الحق هو الذى تذوب عنده الفوارق بين التوحيد والعبادة والحب الإلهي، لافتا إلى الفرق بين التصوف والزهد، وفى ذلك يقول «ينبغى أن نفرق بين الزهد والتصوف على الرغم من اتصالهما اتصالا وثيقا وندرس العوامل التى ساعدت على نشأة كل منهما وتطوره وانفراده» مضيفا: أن الإسلام لم يعرف الرهبانية مؤكدا أن حقيقة الصوفى هو الملامسة للحياة زاهدا فيها صابرا على الاكتواء بنار القرب مع انقطاع السبب فيها. وأوضح الكتاب أن أداة التذوق هى الأداة الأكثر تأثيرا فى الصوفى متخذا من جناح الذكر وجناح الزهد طريقا للوصول إلى مرتبة الولاية، لافتا إلى الفرق بين السكر والصحو والمشاهد والإشراق والمنح الإلهية مرورا بصفات الأولياء والفرق بينهم وبين الأنبياء والملائكة. واستعان المؤلف بأكثر من 35 مرجعا متخصصا فى علوم التصوف منها ما كتب باللغة العربية وأخرى بالإنجليزية، لكن تبقى التجربة الروحية هى النفس الواضح داخل الكتاب لترفع من شأنه بالمقارنة مع غيره مما تمت كتابته فى المجال نفسه؛ ليؤكد أن التصوف يعيد إلى النفس المعاصرة بريقها الروحى المندثر بفعل سرعة تطور الحياة المدنية تارة والتفسير الخاطئ للدين تارة أخرى، بتأكيد الابتعاد عن اعتبار الدين مجرد طقوس ومراسم لا تنفذ إلى القلب والروح، لافتا إلى الربط التام بين الشريعة والحقيقة فى تناغم لا ينفصلان بإجماع المتصوفة عبر التاريخ الإسلامى ومن ذلك ما يقوله سهل بن عبد الله التسترى «ت 273» (وما من طريق إلى الله أفضل من العلم «يعنى العلم بالشرع » فإن عدلت عن طريق العلم خطوة تهت فى الظلمات أربعين صباحا).