* القدرات والهوايات والنظرة المستقبلية لسوق العمل أهم المعايير * الكلية التى يتفوق الطالب فى دراستها هى القمة
أخيرا، وبمجرد إعلان نتيجة الثانوية العامة بعد انتهاء المعاناة فى الدراسة والدروس الخصوصية التى استهلكت موارد الأسرة وجهد الطالب، آملا فى الالتحاق بالكلية التى يرغب فيها ، يقع أغلب الطلاب فى مشكلة اختيار الكلية المناسبة وفقا للمجموع دون وضع النظرة المستقبلية للوظيفة المطلوبة فى سوق العمل فى الاعتبار ، خاصة أصحاب المجاميع العالية الذين يتجهون تلقائيا ودون تفكير للكليات المرموقة فى نظر المجتمع، وقد تكون النتيجة هى عدم الحصول على عمل بعد انتهاء الدراسة أوالحصول على عمل غير مجز، لذلك على الطالب أن يكون على يقين من أن الكلية التى يتفوق فيها هى كلية القمة، والأمر لا يرتبط بالمجموع إطلاقا. السطور التالية تقدم خريطة الطريق السليم نحو الكلية المناسبة فى محاولة لمعاونة الطالب والاسرة معا فى هذه المهمة .. بداية يؤكد الدكتور عبدالفتاح محمد هاشم أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة جنوب الوادي، أنه ليس هناك مايسمى كلية قمة ..فهذا المفهوم لا يتناسب مع مفاهيم المستقبل، فالتركيز الآن يجب أن يكون على الكلية التى يبدع فيها الطالب ويتفوق،وأن مفاهيم الأجيال الجديدة مختلفة بدرجة عالية، فالطالب لابد أن يختار المجال المناسب له من حيث إمكاناته العلمية وقدراته الإبداعية والعقلية وحبه للتخصص الذى يرغب فى دراسته لضمان التفوق سواء فى كلية نظرية أو عملية ، فالنظرة الدقيقة إلى التخصصات والكليات التى يبحث عنها الطالب تحدد مستقبله للأفضل، وهنا يكون دور أولياء الأمور هو التوجيه والنصح من خلال خبراتهم وإرشاد الطالب الى معايير اختيار ما يناسبه في مجال الدراسة والتخصص .. كما أن مكان الجامعة والكلية له تأثير فى الاختيار وفق التنسيق ، فربما لا يناسب البنات السفر أو المبيت بعيدا عن الأسرة، وقد لا يهتم البعض بمعاناة وعبء السفر فيختارون كليات فى محافظة غير التى يقيمون فيها ، ومنهم من يفضل اختيار الجامعة المعروفة عالميا للعمل بالخارج فيما بعد التخرج فضلا عن جودة التعليم وإتاحة أنشطة المهارات فى البحث العلمى والإبداع وهناك فئة تفضل الكلية النى يوفر تخصصها فرصة العمل والتى تفضل الشركات خريجيها ، فالشهادة المتميزة تتيح فرصة أكبر للحصول على عمل.. وهناك كليات توفر فرص التدريب العملى من خلال الجامعة فى الهيئات الحكومية والخاصة، وتمتلك المعامل والامكانات المادية، فضلا عن التكنولوجيات المختلفة، كما يجب مراعاة مستوى إمكانات الأسرة عند الالتحاق بالكلية حكومية أو خاصة. المجموع ليس المقياس وأضاف أن على الطالب أن يدرك أن المجموع ليس مقياسا للمستقبل الجيد، لأن كل شخص يمتلك إمكانات وطاقات ومميزات متنوعة، سواء علمية أو صحية أو نفسية تنتظر حسن استغلالها..إضافة للظروف الاجتماعية والأسرية التى تحيط به..فلا داعى للانسياق وراء الأحلام غير الواقعية، فيجب على الطالب التعرف بوعى على احتياجات سوق العمل ومستقبلها فى السنوات القادمة لأن هناك مهنا مهددة بالانقراض ولا مستقبل لها ، بينما هناك مجالات أخرى مهمة للمستقبل مثل الدراسات المرتبطة بالكمبيوتر والتكنولوجيا ومطورى البرمجيات، وتطبيقات الموبايل ومحللى نظم المعلومات والكمبيوتر، إضافة لوظائف الطب والجراحة، والتمريض ثم المحاسبة والتخطيط. الدكتور عبد الراضى عبد المحسن عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة يرى أن أسس اختيار الكلية لدى الطالب وأسرته يجب أن تعتمد على عدة عوامل مهمة جدا، فإذا كانت لديه هواية فنية بجيدها يمكنه الاتجاه للكليات الفنية المرتبطة بالرسم أو الموسيقى أو النحت أو التمثيل فيتجه لكليات الفنون الجميلة أو التربية الموسيقية أو معهد السينما وغيرها، مع الحرص على اختبار القدرات بها وهو مفتوح حتى 23 يوليو الحالى . وإذا كان الطالب من هواة الرياضة والألعاب الجماعية والفردية والبدنية ويتطلع إلى البطولات عليه بكليات التربية الرياضية، وهناك اختبار قدرات مفتوح أيضا.. أما الراغبون فى الخدمة الوطنية والدفاع عن الوطن برا وبحرا وجوا فعليهم بالكليات العسكرية كالشرطة والفنية العسكرية والحربية والجوية والبحرية، ويتطلب ذلك استعدادا بدنيا ونفسيا ، ويتجه محبو التدريس ومهنة التعليم إلى كليات دار العلوم والتربية بأنواعها، بينما نجد الفائقين فى علوم التقنية والرياضيات، والحاسبات، والعمارة، والهندسة بأنواعها يتجهون بالطبع إلى كليات الهندسة بأنواعها وأقسامها، وفى المقابل هناك الحالمون بالعمل السياسى والدبلوماسي، فطريقهم مرسوم إلى كليات وأقسام الاقتصاد والعلوم السياسية، ويتجه بعض الطلاب إلى التخصصات الإدارية والمالية والتجارية بكليات التجارة والأكاديميات البحرية والعربية وأكاديمية السادات وفق إمكاناتهم ، وتأتي فى القمة حسب اعتقاد البعض الكليات الطبية من بشرى وأسنان وصيدلة وطب بيطري.، وهناك من يطمع للعمل الحر فى المحاماة أو الالتحاق بسلك النيابة والقضاء وتكون دراستهم فى كليات الحقوق. ومن يرغب فى العمل الصحفى والإذاعى والتليفزيوني فالأنسب له كليات الإعلام، فإذا كان مجموعها أكبر يمكن أن يتوجه لكليات الآداب التى بها أقسام صحافة أو إعلام . كليات القمة لم تعد باهرة وأضاف أن بعض كليات القمة الشهيرة لم تعد مبهرة ..فالجامعات تقبل نحو 20 ألف طالب بالطب سنويا، ومثلهم تقريبا فى الهندسة إضافة لطلاب الكليات بالجامعات الخاصة..بينما السوق أصبحت تطلب التخصصات المتميزة والنادرة ..وقد يلتحق الطالب بكلية تقبل مجموعا أقل من مجموعه ويتفوق فى دراستها ويصبح متميزا فالعبرة بالنهاية، فقد يصبح عالما أو أستاذا جامعيا، وتكون له مكانة عالمية ومفيدا لنفسه ولأسرته ووطنه، وربما يصبح رجل أعمال ناجحا .. لذلك يجب أن يكون الاختيار موضوعيا ودقيقا تجاه المستقبل باختيار الكلية التى تعطي الفرصة الأفضل لإظهار إمكاناته وإبداعاته. ويشير الدكتور على جودة أستاذ المناهج بتربية بنها إلى أن على الطالب قراءة ما تحتاجه سوق العمل من التخصصات النوعية واختيار الكلية التى تحقق ذلك وتتناسب مع مجموعه، وفى ضوئه يختار الأقرب إلى ميوله واهتمامه، وقدراته حتى يتفوق فيها وتلبى طموحاته المستقبلية. طلاب الجامعات فإذا أجبرته ظروف مكتب التنسيق على كلية لا يفضلها حسب مجموعه فلا يتوهم أنها لن تلبى طموحه ، فإن كانت أقل من مستواه فيسهل عليه التفوق فيها وتعويض طموحاته السابقه، ويضع التفوق هدفا له، واضعا فى اعتباره عند الاختيار أيضا فكرة التوزيع الجغرافى والقرب من محل الإقامة للظروف الاقتصاديه والإجهاد، ومع ذلك فالطالب يجب أن يوجه نفسه للدراسات النوعية النادرة أو القريبة جدا لاهتماماته، فقد لا يدخل الطب لأن مجموعه لا يتناسب معها فيدخل كلية العلوم لدراسة تخصص محبب اليه وشغوفا به أو الزراعة أو الطب البيطري. احترام اختيارات الأبناء أما الدكتورة سعاد الفجال أستاذة تطوير المناهج بالمركز القومى للامتحانات فتنصح الأسرة والآباء باحترام إمكانات وقدرات أولادهم ، فالطالب له قدرات ومميزات معروف بها، لذلك لا يجب وضعه فى مقارنة مع غيره ، فالطالب الذى يتميز بالذكاء العالى والقدرة على الابتكار يفضل فى التخصصات الفنية المناسبة لطبيعته. ومنها تخصصات التكنولوجيا والإلكترونات وكذلك مجالات الإدارة والتسويق وربما يصلح معه مجالات العلوم الطبية، وكذلك فى حالة تفضيل كليات التربية الرياضية فالحالة الصحية مهمة جدا، ليمكن للطالب تحمل الضغوط والإجهاد، وفى غير ذلك يتجه الطالب وحسب ظروفه لكليات الآداب والتجارة والتربية التى تحتاج كثيرا من الجهد الذهني، كما يجب على الطالب الاستجابة لظروف أسرته فإذا كان الوالد طبيبا لديه عيادة يحتاج أن يكون ابنه طبيبا لمشاركته فى إدارة عيادته، وإذا كان صاحب صيدلية يحتاج ابنه فى التخصص أيضا.. وكذا رجل الأعمال مالك مصنع أو مشروع تجارى يحتاج جهد ابنه فى نفس المجال، وإذا كانت الأسرة تعانى الفقر فهى تحتاج عمل ابنها سريعا لسد احتياجاتها .. حتى ولو كان مجموعه عاليا يؤهله لدراسة الطب، فربما بالتحاقه بكلية ليس عليها إقبال يصنع منها معجزة بالتفوق الدائم، ويحصل على أعلى المستويات الدراسية والبحثية التى تفتح له آفاق المستقبل، ويجب أن يدرك الطلاب أن نتيجة الثانوية العامة ليست مقياسا لاختيار الكلية بصفة عامة، بل إن الكلية التى يفضلها والتى تتناسب مع قدراته وإمكاناته هى الأفضل ، فالمجموع لا يدل أبدا على التفوق العقلى أو العلمي.