* تماسك الفرنسيين فى مواجهة التفوق الخططى ل «البلجيك»..وسرعة الإنجليز تتحدى «دهاء وذكاء» الكروات قبل الحديث عن مباراتى الدور قبل النهائي، يتعين على النظر أولا إلى دور الثمانية، كان المنتخب البلجيكى أكثر من أثار إعجابي، وكان الفوز على البرازيل (2/1) إحدى أفضل المباريات فى كأس العالم الحالية، شهدت المباراة كل ما تريده من كرة القدم - الكفاح والمهارة والدراما، انتصار بلجيكا لم يكن مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، أكد فوزهم مرة أخرى سمة هذه النسخة من كأس العالم، المنتخبات التى يفترض أنها صغيرة فرضت نفسها على تلك المنتخبات الكبيرة. كان هذا هو مصير المنتخب البرازيلى الرائع مثلما كان الحال تماما بالنسبة للمنتخب الألمانى حامل اللقب ونظيريه الأرجنتينى والإسباني، إذا كان هناك من توقع قبل البطولة أنه لن يكون أى من هؤلاء الأربعة فى الدور قبل النهائي، كنا سنهز رأسنا فقط، ولكن يجب القول الآن إن كل منتخبات المربع الذهبى فرنساوبلجيكاوإنجلتراوكرواتيا استحقت بلوغ هذا الدور، قدموا مستويات عالية وبشكل ثابت. لقد فازت الجودة والكفاءة فى هذه النسخة من بطولات كأس العالم، المنتخب الإنجليزى وصل بلاعبيه أصحاب السرعة وكرواتيا بذكاء وحنكة لاعبيها وفرنسا بوحدة وتماسك فريقها وبلجيكا بتفوقها الخططي. البرازيليون سقطوا أمام التغيير فى خطة بلجيكا بتحريك روميلو لوكاكو للهجوم من الجانب الأيمن واستغلال كيفن دى بروين كمهاجم غير صريح، الدفاع البرازيلى لم يستطع التعامل مع هذا. كانت تحفة خططية من المنتخب البلجيكى امتزجت مع المهارة الفنية للاعبيه وفعالية الفريق، لكن هذا هو سر نجاح الفريق. لا يمكنك لوم أو تأنيب البرازيليين، تركوا الملعب ورءوسهم مرفوعة عاليا، أمام بلجيكا لم يكن المنتخب البرازيلى الفريق الأسوأ، وخسر فى النهاية أمام فريق بلجيكى قوي، على النقيض من منتخب ألمانيا بطل العالم الذى خسر أمام فرق متوسطة المستوى مثل كوريا الجنوبية والمكسيك. أما بالنسبة للمنتخب الإنجليزي، كشفت البطولة عن الإمكانيات العظيمة التى يتمتع بها العديد من اللاعبين الشباب فى صفوفه مثل جون ستونز وهارى كين، أحب كين ليس فقط بسبب أهدافه الستة، ولكن أيضا لأنه يعمل لفريقه ويقوده كقائد للفريق، هناك شيء ما يتطور هنا كما يمكن رؤية المنتخب الوطنى الشاب فى إنجلترا ورعايته الشاملة للمواهب الشابة، استفاد المنتخب الإنجليزى أيضا من الدورى الإنجليزى القوى الذى يشهد مشاركة مجموعة من أبرز نجوم العالم ومدربين بحجم جوزيه مورينيو وجوسيب جوارديولا ويورجن كلوب، يجب التركيز على إنجلترا فى البطولات المقبلة. كل من مباراتى الدور قبل النهائى تتسم بالتكافؤ، لا توجد أفضلية واضحة لأى من الطرفين فى كل من المباراتين (فرنسا مع بلجيكا أو إنجلترا مع كرواتيا)، يمكن تخيل فوز إنجلترا أو كرواتيا بشكل جيد للغاية على فرنسا أو بلجيكا فى المباراة النهائية، من بين المنتخبات الأربعة، كان منتخب فرنسا هو الوحيد الذى كان مرشحا من قبل للفوز بالمركز الثانى أو الثالث أو الرابع فى هذه النسخة، لم يكن هذا هو الحال مع المنتخبات الأخري. يذكرنى المنتخب الكرواتى نسبيا بالمنتخب الأرجنتينى فى مونديال 1990 عندما شق الفريق الأرجنتينى طريقه إلى النهائى من خلال الفوز فى مباراتين بركلات الترجيح. المنتخب الفرنسى يتمتع قبل أى شيء بأنه فريق موحد ومتماسك، يمتلك فريقا منظما وملتزما للغاية، وهو أمر يثير بعض الدهشة بالنسبة لهذا الفريق الشاب، ورغم وجود لاعبين استثنائيين فى صفوف الفريق، فإن فرنسا تلعب بمزيد من الوحدة أكثر من البلجيكيين، الذين يتمتعون بنجوم أفضل من منافسهم فى خط الهجوم. وفوق كل شيء، أنا مسرور بالمهاجم روميلو لوكاكو، ليس فقط بسبب أهدافه الأربعة، ولكن أيضا بسبب الجهد الذى يبذله فى صفوف منتخب بلجيكا ولجهده الوفير ووجوده الهائل ويشكل لوكاكو ودى بروين وإيدن هازارد ثلاثيا يتمتع بإمكانيات هجومية أفضل نسبيا من الهجوم الفرنسي. وفى منتخب فرنسا، يلعب جنبا إلى جنب مع كيليان مبابى وأنطوان جريزمان، لاعب الوسط أوليفيه جيرو المهم للغاية لتمريراته السريعة، ولكنه لا يمتلك القدرات الفردية التى تبدو واضحة فى الثلاثى البلجيكي، ورغم هذه الاختلافات البسيطة بين الفريقين، يتوقع أن تكون المباراة بينهما متكافئة إلى حد بعيد للغاية وأن تحسم من خلال أحد هؤلاء النجوم فى صفوفهما. بالنسبة للاعبين على المستوى الفردي، إذا كنت لأختار فريقا من نجوم هذه البطولة، فربما لن أختار الأرجنتينى ليونيل ميسى أو البرتغالى كريستيانو رونالدو أو البرازيلى نيمار، تركوا جميعهم المسرح فى وقت مبكر للغاية، ورغم تقديم بعض لحظات التألق، لم يتمكن أى منهم من ترك بصمته فى البطولة. المستوى المتوقع كان عاليا للغاية بالنسبة لهم، ومن هذا المنطلق، يمكن التوصل لنتيجة نهائية بأن ما قدمه ميسى كان خيبة أمل بشكل كبير، رونالدو كان مقنعا فقط أمام إسبانيا، ونيمار كان ظاهرا فى العديد من الأشياء ولكن ليس دائما بسبب إمكانياته الكروية، شهدت البطولة لاعبين أفضل منهم مثل مبابى وهازارد ولوكاكو ودى بروين وكين والكرواتى ماريو ماندزوكيتش. ولهذا، فإن الأسماء الجديدة والفرق الجديدة تشكل هذه النسخة من بطولات كأس العالم، ويرجح أيضا أن تؤثر البطولة على اختيار الفائز بجائزة أفضل لاعب فى العالم لعام 2018، إذا توج مبابى بطلا للعالم مع فرنسا وسجل هدفا أو هدفين آخرين، أتصور أن الفيفا سيعلن فى 24 سبتمبر المقبل عن اسم جديد للفائز بجائزة الأفضل فى العالم بعدما احتكرها رونالدو وميسى فى السنوات العشر الماضية، حتى أننى أعتقد أن أحد المهاجمين الثلاثة بمنتخب بلجيكا أو كين، مع المزيد من الأهداف والفوز بلقب كأس العالم، يمكن أن يفوز بهذه الجائزة. سجل رونالدو العديد من الأهداف لمساعدة ريال مدريد على الفوز بلقبه الثالث على التوالى فى دورى أبطال أوروبا، ولكنه أنهى الموسم فى المركز الثالث بالدورى الإسبانى وودع كأس العالم من دور الستة عشر. لا أستطيع على الإطلاق تخيل فوز نيمار بجائزة أفضل لاعب فى العالم لهذا العام بعد خروجه من دور الثمانية بالمونديال، وقبل كل شيء تمثيله على أرض الملعب والذى لم يكن مفيدا بالتأكيد.