يتوهم الكثيرون أنهم لا يستطيعون الاستمتاع بالحياة بمفردهم، ولكنهم في الحقيقة، إذا أعادوا النظر ودققوا، سيكتشفون أن أكثر الناس من حولهم، هم من يتسببون لهم في الكثير من الآلام، فسخافات الحاقدين من حولك تؤلم قلبك كثيرا، حيث يتعمد هؤلاء الخبيثون مضايقتك؛ لإعادة توجيه سهام الغل والحقد المغروسة في قلوبهم ونفوسهم إلى قلبك ونفسك؛ لتتألم أنت عوضا عنهم أو تتألم معهم على أقل تقدير، دون ذنب لك يذكر.! ويحضرني قول لجورج برنارد شو: "عش لراحة نفسك وابتعد عن كل شيء يؤلم قلبك"، وترن في أذني كلمات لمارك توين "أدر ظهرك لكل من لا يستحقك، فلا غياب إلا غياب راحتك.. ولا فقد إلا فقد ذاتك". لن يستطع أحد فهمك أكثر منك، لن يتعاطف معك أحد بمقدار تعاطفك مع نفسك، لن يسامحك أحد بقدر ما تسامح نفسك، لن تتركك نفسك أبدا سواء بهذه الحياة أو بالحياة الأخرى الأبدية. هذه هى الحقيقة؛ فكيف تشعر بالملل مع أكثر شخص يفهمك ويتعاطف معك ويسامحك ويتمسك بوجودك معه دائما؟!. وما امتع الجلوس بمفردك وأنت تقرأ، بعيدا عن أسئلة المتطفلين، وتجنبا لسخافات الحاقدين. يروق لي معرفة معلومة جديدة عوضا عن إضاعة وقتي وسلب طاقتي في جلسة فارغة لا تدور إلا حول المقارنات والقيل والقال عن الآخرين والذم بهم؛ لغاية واحدة وهى أن يعبر الجالسون معك عن عدم رضاهم وغضبهم من أحوالهم، وهم ينتظرون منك بالطبع مشاركتهم ذم الآخرين لينفسوا عن أحقادهم التي ستتفاقم بذلك وهم لا يدرون والأهم من ذلك. إن ذم الآخرين والسخرية منهم والهمز واللمز من كبائر الإثم التي لا ينتبه إلى خطورتها الكثيرون؛ حيث لا يقبل الله بالجنة إلا أصحاب القلوب السليمة.. وهو ما يتضح فى قول الله تعالى "إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ". ما أجمل العزلة مع القرآن والصلاة لله، ما أروع الوحدة مع كتاب مميز ينير لك الطريق ويجعل أفكارك تنضج معه أو مع رواية شيقة تسافر معها إلى أماكن أخرى؛ قد ترى بها أناسا لا يتواجدون إلا في عالم الخيال والروايات.! لا تصدق من يقول لك المقولة الشهيرة "جنة من غير ناس ما تنداس"، وعليك أن تسأله على الفور مستنكرا بلا تردد: وهل تذهب إلى الجحيم مع الآخرين وتترك جنتك؟!، في الحقيقة يا عزيزي، البعد عن أغلب الناس غنيمة، لا يدركها إلا الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى صحبة الآخرين ليشعروا بالسعادة والرضا. وقد تصادفك بكل أسف سخافات الحاقدين والناقمين على حياتهم من حولك، حتى وأنت بمفردك ورغما عنك؛ في محاولات لجذبك لدائرة طاقتهم السالبة التي يقبعون بها، ولكن كل ما عليك فعله حينها هو تجاهلهم وعدم النظر إليهم للحظة ثانية وعدم القيام بأي رد فعل يشعرهم بقيمة لما يقولونه أو يقومون بفعله؛ وهذا ليس ضعفا أبدا وإنما قوة منك في محافظتك على سعادة نفسك ورضا قلبك وراحة بالك، التي يريدون سرقتها منك.. تذكر جيدا يا عزيزي أن أرقى عقاب للحاقدين الذين يحاولون إحباطك واستفزازك ومضايقتك هو تجاهلهم والاستمرار بحياتك مستمتعا بها، دون الشعور بأي غضب أو انفعال يؤثر سلبيا على نفسيتك أو يظهر على ملامح وجهك. [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي