الليل.. والعشوائيات.. هما دائما الزمان والمكان المناسبان لتجارة المواد البترولية في السوق السوداء!في النور تجدون مشاجرات بين السائقين, وعمال المحطات.. زحام شديد أمام المحطات.. سيارات توقفت عن العمل.. سائقون رفعوا تعريفة الركوب. تجار في السوق السوداء يبيعون بأزيد من السعر المقرر. أصحاب سيارات مهددون بالسجن لعدم قدرتهم علي الوفاء بالتزاماتهم, وسداد الأقساط المستحقة عليهم.. وفي الظلام, نشأت سوق سرية, استباح أصحابها الدعم, وتاجروا في الممنوعات! كما السرطان, شاعت بين ضعاف النفوس, ومعدومي الضمائر, تجارة المنتجات البترولية المدعمة, بدءا من اسطوانات البوتاجاز, مرورا بالسولار, وانتهاء ببنزين80, الذي دخل السوق السوداء من أوسع أبوابها في مختلف المحافظات, وإن كانت أجهزة الرقابة تصل إلي عدد كبير من المتلاعبين, وتقدمهم للمحاكمة, فإنه من المؤكد أن هناك من يفلتون من المساءلة القانونية, للاستفادة من فرق السعر, الذي يصل إلي35 قرشا في اللتر المبيع من بنزين80 في السوق السوداء. الجيزة نفسها, كانت مسرحا لإحدي عمليات تخزين بنزين80 المدعم أخيرا, حيث ضبطت مديرية التموين بالجيزة نحو149 ألفا و600 لتر, قامت محطة تموين بمنطقة خاتم المرسلين بالعمرانية, ليس لديها ترخيص ببيع بنزين80, بتجميعها, تمهيدا لطرحها للبيع في السوق السوداء خلال الفترة المسائية, بأسعار تفوق السعر المحدد.. لكن الصفقة سقطت في قبضة الرقابة التموينية. هنا يقول عبد الله بدوي وكيل وزارة التضامن بالجيزة, إن الضبطيات التي تمت في الفترة الأخيرة, والتي سبقتها, جاءت بتوجيهات من اللواء مهندس سيد عبد العزيز محافظ الجيزة بشأن تكثيف الرقابة علي محطات البنزين, لضمان عدم التلاعب في البنزين المدعم, وغيره من المنتجات البترولية الأخري, وفي الواقعة الأخيرة, والتي تم فيها ضبط149 ألف طن و600 لتر من بنزين80, وقد أمر محافظ الجيزة بتوزيع الكمية المضبوطة علي محطات أخري بنفس المنطقة, وتابعة لنفس الشركة, لمواجهة الزحام الذي تسببت فيه السيارات الراغبة في التزود ببنزين80 من هذه المحطة, مما أدي إلي غلق وتعطيل حركة المرور في الشوارع المحيطة بالمحطة, وقد تم تحرير محضر للمدير المسئول عن المحطة, وأحيلت الواقعة إلي النيابة العامة. 300 محضر في الجيزة وبشكل عام, تقوم مديرية التموين بالجيزة, بمتابعة محطات البنزين للتأكد من توافر المنتجات البترولية المختلفة بالأسعار المقررة, ومنع أي محاولة لاستغلال أو احتكار البنزين المدعم, أو السولار, لطرحه للبيع في السوق السوداء, حيث يجري تنظيم الحملات التفتيشية المفاجئة علي المحطات للتأكد من حصولها علي ترخيص ببيع بنزين80, وكذلك لضمان طرحه للجمهور بالسعر المقرر, والوقوف في وجه المتلاعبين, حيث يوجد في الجيزة77 محطة بنزين, منها27 محطة لديها ترخيص ببيع بنزين80, مشيرا إلي أن المديرية حررت أكثر من300 محضر للمتلاعبين في المنتجات البترولية المدعمة( اسطوانات البوتاجاز, والسولار, والبنزين), وتنحصر معظم المخالفات في البيع بأزيد من السعر المقرر, وتهيب مديرية التموين بالجيزة بالمواطنين الإبلاغ عن أي محاولة للتلاعب في المنتجات البترولية سواء, بتخزينها لايجاد أزمة في العرض, في مواجهة زيادة الطلب, وبالتالي رفع الأسعار, أو ايجاد سوق سوداء لتجارة البنزين والسولار, كما تتلقي محافظة الجيزة الشكاوي من خلال الاتصالات التليفونية علي الخط الساخن, الذي يحمل رقم154. طوابير العذاب أمام المحطات تتزامن عمليات التلاعب في بنزين80, لطرحه للبيع في السوق السوداء بأسعار تفوق السعر المقرر, مع طوابير العذاب أمام محطات البنزين في مختلف المناطق بسبب زيادة الطلب, ونقص المعروض,.. وتوقفنا أمام إحدي المحطات بشارع فيصل, وجدنا طابورا طويلا من السيارات لمسافة تزيد علي50 مترا, مما أعاق المرور في الشارع المؤدي إلي الشارع الرئيسي.. هناك كانت أعداد كبيرة من السيارات الملاكي, والأجرة المتجهة إلي الفيوم, فضلا عن سيارات التاكسي, والميكروباص, التي تعمل بين الجيزة والقاهرة, وداخل المحافظة, والتوك توك, والموتوسيكلات اقتربنا من أحد سائقي سيارات التاكسي ويدعي محمد القاضي حيث أكد ل تحقيقات الأهرام أن طوابير بنزين80, والسولار مستمرة, حيث يمكن الحصول عليه ما بين الثامنة, والعاشرة مساء, ويستمر حتي وقت متأخر من الليل, وفي أحيان كثيرة, لا نجده, ونضطر للبحث عنه في مختلف المحطات, وفي بعض المحطات يطلب عامل البنزين زيادة في السعر, أو يحتجز من المبلغ المدفوع جنيهين إكرامية في مقابل تزويد السيارة بالكمية المطلوبة, وتعبئة جركن أو أثنين احتياطيا, تحسبا لنفاد الكمية. كما تتعمد بعض المحطات إخفاء البنزين لبيعه في السوق السوداء بسعر125 قرشا للتر, بدلا من90 قرشا وهو السعر الرسمي. البيع بأزيد من السعر يتفق معه, سائق ميكروباص يدعي حسن محمود, ويعمل علي سيارة تنقل الركاب من ميدان الجيزة إلي نهاية شارع فيصل والعكس, حيث يروي معاناته مع محطات البنزين للحصول علي الكمية المطلوبة, مشيرا إلي أنه يقضي أكثر من ساعتين في الطابور, وعندما يأتي عليه الدور, لابد أن يدفع إكرامية لعامل البنزينة لتزويده بالكمية المطلوبة, وتعبئة جركن للاحتفاظ به كاحتياطي, ومع قدوم الفجر تكون الكمية قد نفدت, حيث يقوم سائقو التاكسي, والتوك توك, والموتوسيكلات, وسائقو الأجرة, باصطحاب براميل لتعبئتها.. وفي حالة اختفاء بنزين80, يتوجه بعض السائقين للشراء من إحدي المحطات بمنطقة العمرانية, حيث يباع اللتر بأزيد من سعره بنحو50 قرشا, لكنهم يضطرون للحصول علي الكمية التي يرغبون فيها حتي لا تتوقف سياراتهم. رقابة مكثفة علي الأسواق والتلاعب حسب اللواء محمد أبو شادي المسئول عن قطاع التجارة الداخلية بوزارة التجارة والصناعة, ورئيس مباحث التموين سابقا ظاهرة فردية, لكنه يظل نوعا من أنواع النشاط المجرم, وضبط المتلاعبين ظاهرة إيجابية تعني أن أجهزة الرقابة تعمل بقوة, لكن تكثيف الرقابة علي الأسواق يعد في الوقت نفسه أمرا مهما, لتحقيق الردع للمخالفين, موضحا أن الشكوي التي يطلقها المجتمع التجاري من تعدد أجهزة الرقابة, هي أمر مردود عليه بأن توحيد الرقابة يعني إفسادها, وبالتالي فإن السوق المصرية التي تعد أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط, تحتاج إلي تكثيف الرقابة علي كل الأنشطة المتداولة بها, وهذه الرقابة متوافرة, وموجودة بقوة في مختلف الأسواق, ويتم باستمرار ضبط المخالفات, وتقديم مرتكبيها للمحاكمة. العقوبة من الحبس إلي الإغلاق ومن أجل مواجهة عمليات التلاعب في المنتجات البترولية, ومنع الاتجار فيها بالسوق السوداء, وحظر بيعها بأزيد من الأسعار المقررة, صدرت توجيهات لجميع مديريات التموين بالمحافظات وفقا لما أكده حمدان طه وكيل أول وزارة التضامن الاجتماعي بتشديد الرقابة علي محطات تموين السيارات, لضبط من تسول لهم ضمائرهم مخالفة القانون, وعند ضبط المخالفة تكون عقوبات الحبس, والغرامة في انتظار المخالفين, كما يتم إلزامهم بدفع فروق أسعار عن المنتجات التي تم التلاعب فيها بالبيع بأزيد من السعر المحدد, وقد تصل العقوبة إلي حد إغلاق المنشأة, وإلغاء الترخيص بقرار من المحافظ.