الحقيقة المرعبة التي يغفل عن ذكرها البعض هي حتمية نقص المياه حول العالم. تبعا لتقرير الأممالمتحدة.. فإنه بحلول سنة 2050 سوف يتأثر بقلة المياه 5بلايين شخص على وجه الأرض. نعم 70٪ من سطح الكرة الأرضية مغطى بالمياه لكن 3٪ فقط منها مياه عذبة تصلح للشرب. وبما أننا نهدر المياه ونلوِّثها ونستهلكها بإفراط وتبذير فإن هذا سيهدد مدنا ومناطق كثيره. لذلك آن الأوان أن ندق ناقوس الخطر ونتدارك خطورة شح المياه. أمثلة عديدة حولنا تصور كيف أن شح المياه أصبح كارثة كبرى، كانت كيب تاون في جنوب إفريقيا على وشك الوصول لساعة الصفر: غلق مصادر المياه عن المدينة بأكملها بسبب شح المياه. فكرة مرعبة بالفعل. كيف تتحول مدينة مثل كيب تاون ذات الأربعة ملايين نسمة إلى مدينة بدون مياه، سكانها يقفون بالطوابير حتى يملأوا الجرادل والأوعية من وحدات مياه موجودة حول المدينه؟ حصتهم اليومية 25 لترا وهي كميه لا تكفي «دُشا» يتم في دقيقتين. في ولاية كولومبيا البريطانية بكندا سنة 2015 فُرضت القيود على استهلاك المياه، رغم أن الأمطار تهطل هناك نحو 180 يوما في السنة لكن الجفاف تسبب في حرائق في آلاف الأفدنة من الغابات. درجات الحرارة المرتفعة والجفاف مع قلة الأمطار والتلوث والإهدار مع زيادة عدد السكان كل هذا تسبب في نقص المياه. أما مدينة المكسيك فقد بدأت تسقط داخل تجويف الأرض من كثرة ما حاول أهلها البحث عن المياه واستخراجها. مع الأسف فإن الظروف المناخية القاسية هي المتوقعة خلال السنين المقبلة. ولذلك بدأت الدول وحتى الأفراد المدركون لخطورة الأمر في وضع أسس لمواجهة المحتوم. إن ما يصيب العالم سوف يصيب مصر دون شك، خاصة مع زيادة عدد السكان والتلوث والتغيُّر المناخي. صحيح أن الله وهب مصر النيل العظيم ليمر بأراضيها لكن حتى مياه النيل قد تنخفض معدلاتها في المستقبل. ولما كان لدينا دائما وفرة في المياه فمبدأ توفير المياه أو عدم إهدارها لم يدر بخاطرنا أبدا. ومع ذلك فعلي المصريين أن يقدروا قيمة المياه وسبل عدم إهدارها. نحن بحاجة إلى قوانين وتنظيمات مثل باقي شعوب العالم تحد من استهلاك المياه علاوة على حملة توعية كبيرة توضح أفضل سبل ترشيد المياه.دعنا نفكر قليلا. إن «سرسوب» المياه المتدفق هباء يستهلك 120 لترا في اليوم. 12 لترا في المتوسط تهدر كل دقيقة تفتح الحنفية. سيفون المرحاض يستهلك 26 لترا في الشدة الواحدة لذلك نجد أن نحو 15 في المائة من مياه المنزل تستهلك للمرحاض. (وما أدراك ما تستهلكه الشطافة) في أواسط الستينيات كان التليفزيون المصري يعرض إعلانا كرتونيا مميزا لسيدة خفيفة الظل اسمها «ست سنية». كان الإعلان يقول: «ست سنية سايبة المية نزلة ترخ ترخ من الحنفية. حرام ياست سنية. وعلشان جلدة بقرشين صاغ ماصلحهاش بقاله زمان». إن لهذا الإعلان أو إعلان شبيه له تأثير كبير على المصريين الذين يمكنهم ادخار بلايين اللترات من المياه بأفعال بسيطة ولكنها مؤثرة: قفل الحنفية أثناء غسل الأسنان والحلاقة وغسل الأيدي وغسيل «المواعين» وأخذ الدش. حتى الوضوء بإمكاننا أن نكمله بكمية ماء أقل. كذلك صناعة السيفون في مصر يجب أن تتطور لتشابه المصنوعات الغربية التي تستعمل كمية أقل بكثير مما نستعمله بأنظمتنا الحالية. نحن 90 مليون نسمة.. لذلك إذا أهدرنا المياه، أهدرنا الكثير منها وإذا وفرنا المياه وفرنا الكثير أيضا. ----------------------- أستاذة إعلام - فانكوفر- كندا. لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى