لم يكن غياب «عزام» عن محل عمله لأكثر من 7 ساعات متواصلة أمرا عاديا عند أهالى منطقته .. بل أثار هذا الأمر قلق الكثير من جيرانه وأصدقائه، خاصة أنهم دائما ما يجدونه جالسا أمام محل الأثاث الذى يتوسط شارعهم، أو موجودا بداخله يرتب محتوياته وبضائعه.. حتى عندما يذهب إلى المسجد المجاور للصلاة لا يستغرق أكثر من 15 دقيقة أو ربما أقل، ثم يعود ليمارس عمله مرة أخرى. تساؤلات أهالى المنطقة عن سر اختفاء تاجر الأثاث كانت كفيلة أن تدوى فى سماء الصعيد وتخطر أهل وأقارب «عزام» فى محافظة المنيا بالحضور فورا للبحث عن نجلهم الذى اختفى فى ظروف غامضة، وتسلم محله التجارى الذى تركه مفتوحا أمام زبائنه كل هذا الوقت.. الجميع بدأ يبحث عن «عزام» فى الأماكن التى كان يتردد عليها.. ولسان حال البعض يردد دون توقف.. أين اختفى عزام؟.. حتى بدأ الغموض ينجلى عندما أمسك فريق المباحث بإشراف اللواء رضا العمدة نائب مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة بأول الخيط الذى يمكن أن يصل بهم إلى مكان وجود تاجر الأثاث، بعد أن بدأ أحدهم فى مشاهدة تفريغ كاميرا أحد المحلات التجارية المجاورة حتى ظهر فيها «عزام» وهو يصطحب أحد الأشخاص من يده، ويتوجه بصحبته إلى أحد الشوارع المجاورة.. وهنا صرخ أحد الجيران «عزام أهو.. ومعاه صديقه محمد». الارتياح بدأ يظهر على وجه فريق البحث بإشراف اللواء محمد عبدالتواب مدير مباحث الجيزة عندما تعرف أحد الجيران على الشخص الذى يظهر فى الفيديو بصحبة تاجر الأثاث.. والذى تبين انه شاب يدعى «محمد» (35 سنة) صديق المجنى عليه، ومقيم بإحدى الشقق السكنية بمنطقة أرض اللواء وعلى الفور أمر اللواء عصام سعد مساعد الوزير لقطاع أمن الجيزة واللواء مصطفى عصام حكمدار الجيزة بتوجه رجال مباحث قسم العجوزة إلى شقة المجنى عليه، وفى أثناء صعودهم سلم العمارة اكتشفوا الفاجعة. «حذاء فيه دم يا فندم».. بهذه الكلمات همس أحد أفراد القوة لضابط القسم بعد أن عثر على «حذاء» ملقى على جانب من سلم العمارة التى يسكن بها الشاب الذى ظهر بصحبة تاجر الأثاث فى الفيديو.. وهنا أيقن فريق البحث أن هناك جريمة ما وقعت داخل هذا المكان.. وبدأ الأهالى يتناقلون خبر وقوع جريمة داخل العمارة لكنها ما زالت غامضة.. لكن لم يستطع أحد أن يجزم عما إذا كان «عزام» ضحيتها كما يعتقدون أم أن ظهوره مع هذا الشاب أو عثور القوات على «حذاء» به آثار دماء هى مجرد صدف، وربما تكون ليس لها علاقة باختفاء تاجر الأثاث. لم يجد فريق البحث أحدا داخل شقة الشاب «محمد» التى يقطن بها هو وزوجته وطفلاه عندما صعدوا الطابق السادس.. فصعد رجال المباحث إلى سطح العمارة ليواصلوا البحث لكنهم لم يعثروا على شىء، ثم بدأوا فى سؤال جيران الشاب حتى توجه أحدهم إلى شقة سيدة مسنة تعيش مع زوجها العجوز بالدور الثالث فى نفس العقار.. وهنا بدأ يطرق الباب حتى سمع صوتا ضعيفا يخرج من بين ثقوب الباب المتآكل.. فقرر فتح الباب بقوة حتى اكتشف المفاجأة. وهنا تجمع على الفور رجال المباحث على صوت زميلهم بعد أن حاول القبض على الشاب الذى فوجئ بوجوده داخل شقة السيدة العجوز وفى يده سكين يحاول بها تهديدها لعدم الإبلاغ عنه أو الاستغاثة منه بأحد الجيران، بعد أن نفذ جريمة قتل بشعة ضد «تاجر الأثاث» التى لم تكن فى الحسبان. الاعترافات التى أدلى بها المتهم أمام المقدم مصطفى خليل رئيس مباحث العجوزة عقب إلقاء القبض عليه أفادت بأنه يوم الواقعة طلب من المجنى عليه الحضور بصحبته إلى الشقة لمعاينة «شاشة تليفزيون» و«غسالة» لشرائهما، وبالفعل توجه المجنى عليه بصحبة المتهم إلى محل سكنه وعاين الجهازين المستعملين المعروضين للبيع، وقد أوضح له المجنى عليه أن ثمن الجهازين لا يتعدى أكثر من 2000 جنيه.. لكن المتهم رفض المبلغ المعروض وطلب منه أن يدفع له 4 آلاف جنيه، إلا أن المجنى عليه أكد له أن هذا المبلغ لا يتناسب معه ولا يحقق له هامش ربح. المتهم أضاف أنه فور رفض المجنى عليه دفع السعر الذى طلبه، حدثت بينهما مشادة كلامية قام على إثرها المتهم بخطف الأموال التى كانت فى يد المجنى عليه. ثم سدد له طعنتين فى ظهره حاول المجنى عليه بعدهما الهروب لكن واصل المتهم تسديد عدة طعنات متتالية سقط على إثرها جثة هامدة.. ثم قام بوضعه داخل سجادة وقام بإخفائه داخل شقة العجوز تحت تهديد السلاح. أقوال السيدة العجوز أمام النيابة، أفادت بأن المتهم حضر إليها ومعه الجثة ملفوفة داخل سجادة ثم أشهر فى وجهها السلاح ليمنعها من الاستغاثة بأحد، ثم أحضر «برميل» وقام بوضع الجثة بداخله حتى حضر رجال المباحث وقاموا بإلقاء القبض عليه.