رمضان الذي بدأ بالأمس قارب على الانقضاء، لم نشعر بمرور الأيام فيه، فقد مر سريعاً مرور الكرام، وها نحن قد دخلنا في العشرة الأخيرة التي لها فضائل وفوائد كثيرة نتمنى أن ننال ثوابها عند الله عز وجل، لكن لتحقيق الهدف من هذه الفوائد، علينا الاجتهاد قليلاً، فهذا الاجتهاد لن يكلفنا سوى هذه الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، أو بالأحرى السبعة المتبقية من الشهر الكريم. وقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، يَخصُ العشر الأواخر من رمضان بأعمال وطاعات، ومن جملة هذه الأعمال الفاضلة.. الاجتهاد بالطاعات والقربات.. فقد كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهده في غيرها من الأيام، وعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ"، وكان من هدي النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، أنه يحيى ليله ويوقظ أهله لينالوا من رحمات الله وبركاته، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ". ومن أهم فوائد العشرة الأخيرة، الاعتكاف، فكان محمد صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأخيرة من رمضان، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يْعَتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ"، وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوماً. ومن الفوائد العظيمة للعشر الأخيرة، هو تَحرِّي ليلة القدر.. فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿1﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿2﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿3﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴿4﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿5﴾ صدق الله العظيم. فكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يتحرى ليلة القدر، وهي أفضل ليالي العام، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْتَمِسُوهَا في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ "، فهنيئاً لمن نال بركتها.. لذا يستحب الإكثار من الدعاء فيها، وعن عائِشة رضي الله عنها: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ: "قُولِى اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى". وليلةُ القدر عند المسلمين، هي ليلةٌ تقع فيها مناسبة هامة حدثت في شهر رمضان, فقد نزل فيها القرآن الكريم على سيدنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام. وتأتي هذه الليلة في العشرة الأخيرة وبالتحديد الأيام الفردية، حيث ورد في القرآن أنها خيرٌ من ألف شهر. فأول ما نزل منه كان فى تلك الليلة نزلت أول خمس آيات من سورة العلق. من قلبى: أتمنى أن نعقد العزم فى هذه الأيام والليالى المباركات لتعويض ما فاتنا، ونستعد لها بأفضل القربات، ونحاول أن نملأها بأنواع الطاعات المختلفة، في محاولة منا للفوز بجنة عرضها الأرض والسماوات، وليكُن همنا في هذه العشر الأخيرة من هذا الشهر المبارَك أن نُرِي الله منا خيراً، فالمحرومُ مَن حُرِم خيرها وبركتها، جعَلَنا الله وإياكم ممَّن ينالون ثوابَها وأجرها. من كل قلبى: لا تنسوا فضل الدعاء العظيم لرسولنا الكريم.. اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.. اللهم بلغّنا ليلة القدر.. اللهم تقبل منا ومنكم صالح الأعمال واعتق رقابنا من النار.. أدعو الله لي ولكم والله المستعان. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن; ريهام مازن;