كان والدنا الشيخ الحصري معلما ومربيا غرس فينا العمل الخيري والترابط العائلى، وحب الوطن والانتماء وإتقان العمل، وعودنا منذ الصغر على الصلاة فى وقتها، والاهتمام بترتيل القرآن وفهمه وتدبره أكثر من الحفظ، وكان يمنحنا حرية الرأى والاختيار ويسمح بالطموحات المشروعة». هكذا بدأت الداعية الدكتورة ياسمين الحصرى، نجلة شيخ المقارئ محمود خليل الحصرى، حوارها مع «الأهرام»، مضيفة أن أباها رحمه الله - قد ترك لهم ميراثا ضخما من اثنى عشر مؤلفا في علوم القرآن الكريم، كما أوصى بثلث تركته للإنفاق على مشروعات البر والخير، بعد أن شيد مسجدين ومعهدا أزهريا، وحول لقب الحصري الذى يلقب به الشيخ قالت إن جدى السيد خليل كان محباً لله وقلبه معلقا بالمساجد، فكان يسعى دائما لفرش الزوايا وبيوت الله بالحصير، ومن هنا أطلق عليه لقب الحصري.. وإلى نص الحوار. كيف كانت علاقتك بالشيخ الحصري الأب؟ علاقتي بوالدي كانت قوية، فقد تعلمت منه الكثير في أدب الحوار والتعامل مع الآخرين وكان يتسم بأدبه الجم وأتذكر أننى تعلمت منه أيضاً أدب الصدقة ويقول أهلا لمن جاءنى ليدخر لى عند ربى، فكان رحمه الله، كريما لا يرد سائلا حتى كان يؤثر الناس على نفسه في كل شىء. وماذا عن حياته وتعامله ومساعدته الآخرين؟ كان البيت مفتوحا طوال 24 ساعة للزائرين والمحتاجين وهديته لهم المصحف الشريف وإذا أراد أن يعطى شخصا صدقة كان يضعها داخل المصحف حتى لا يسبب حرجا لأحد ولم تكن الابتسامة تفارقه وكنت أستمع إلى صوت الحكمة على لسانه. وكيف كانت حياته العملية؟ وما أهم الصفات التي كان يتسم بها الشيخ؟ مشهود له أنه المتقن والمجود فى ترتيله فالإتقان فى عمله سمة ملازمة له كذلك الترابط الأسرى والعائلى، واهتمامه بصلة الرحم والود الدائم للعلماء والقراء فلم يكن يلجأ لعقابنا بل كان يكافئنا دائما على حفظ القرآن وفهمه الصحيح وتجويده ومدارسته وتشجيعنا على حب الاطلاع والقراءة بصفة عامة وكتب السيرة بصفة خاصة لنتعايش مع صاحب السيرة العطرة صلى الله عليه وسلم والاقتداء به وحبه وكثرة الصلاة عليه. وكيف كانت والدتك تشجعك على التفوق؟ كانت لدينا مكتبة زاخرة بالثقافات المتنوعة رغم أن سمة جيلى من البنات بعد استكمال الدراسة وإتقان الأعمال المنزلية لتتزوج بعدها الفتاة وتكون مسئولة عن أسرة، لكن أمى كانت تشجعنى دائما لاستكمال دراستى وتحملت عنى أعباء كثيرة حتى أستكمل دراستى الجامعية، والتحقت بجامعة القاهرة ودرست فى القسم الذى اخترته وهو قسم الدراسات النفسية والفلسفية رغم أن والدى كان يرغب فى التحاقى بقسم اللغة العربية إلا أنه لم يجبرنى على ذلك. ماذا عن شهر رمضان مع الشيخ؟ والدى كان يقضى معظم شهر رمضان فى البلاد الإسلامية وفى الأيام التى يقضيها معنا كان يحرص على أن نصلى الفجر جماعة وعودنا منذ الصغر على الصلاة فى وقتها والاهتمام بترتيل القرآن أكثر من الحفظ، وكان يقول إننا مأمورون بحسن الترتيل فى قوله تعالى: «ورتل القرآن ترتيلا». ماذا عن تسجيل الشيخ للقرآن بصوته؟ هو أول من سجل المصحف المرتل للإذاعة بل كان أول من وثق كتاب الله صوتًا وقام بتسجيل المصحف بعدة قراءات وفتحت بصوته محطة القرآن الكريم وانفرد لمدة عشر سنوات كاملة وكان يحتفظ فى مكتبته ببعض المخطوطات النادرة فى علوم القراءات بعضها بخط يده وبعضها مخطوطات قديمة بها كل ما يخص علوم القراءات. كيف اكتشف الشيخ التحريف في القرآن؟ وماذا عن مؤلفاته؟ في أثناء زيارته للكويت عثر على مصاحف قام اليهود بتحريفها حيث تصدي لهم وأحبط مخططهم من خلال تصحيح ذلك بالإضافة الى أنه أول من سجل المصحف المرتل عام 1961 برواية حفص عن عاصم ثم سجل القرآن برواياته المختلفة. ومؤلفات الشيخ بلغت 12 مؤلفا في علوم القرآن الكريم، ومعالم الاهتداء في الوقف والابتداء، والقراءت العشر في الشاطبية، والسبيل الميسر في تاريخ القراء الأربعة عشر، وفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير، وأحكام تلاوة القرآن الكريم ، ورواية الدوري عن عمرو بن العلاء، ورواية ورش عن الإمام نافع المدني، ورواية قالون عن نافع، ورحلاتي في الإسلام. وهو كتاب مهم وثق فيه كل معالم الدول التي زارها من معالم وحضارة وثقافة كان رحمه الله يدرس الدول قبل السفر من كل الجوانب وكان يسجل كل صغيرة وكبيرة عن الدولة التي زارها حتي ينتفع به من يأتي بعده. ماذا عن وصية الشيخ الحصري؟ ولماذا لقب بهذا اللقب؟ أوصي بثلث تركته للإنفاق على مشروعات البر والخير بعد ان شيد مسجدين ومعهدا أزهريا، ولقب الحصري لم يكن موجودا ولكن كان والد الشيخ جدى السيد خليل محباً لله وقلبه معلقا بالمساجد فكان يسعي دائما لفرش الزوايا وبيوت الله بالحصير، ومن هنا أطلق عليه لقب الحصري. ماذا عن الرؤيا التي تخص الشيخ؟ والد الشيخ الجد رحمه الله عليه كانت تعاوده رؤيا بأن سلسلة ظهره عبارة عن عنقود من العنب ومن كل فج عميق يأتى من مشارق الأرض ومغاربها يأكل منه ويقول الله ولا ينقص من العنقود حبة وتعددت الرؤيا فذهب الي أحد المتخصصين في تفسير الأحلام وقال له سيرزقة الله بولد سينفع الله به فكان مولد الشيخ حيث حرص على تعليمه القرآن وحفظه وترتيله، خاصة أن والد الشيخ كان معلماً ومحفظاً للقرآن الكريم أيضاً. من الذى سلك نفس مسلك الشيخ الحصري؟ وبماذا تنصحين القراء الجدد؟ كثيرون من القراء يسلكون مسلك وطريقة الشيخ ويحاولون تقليده بنغماته وأدائه. ونحن كأولاده سلكنا مسلك الشيخ في حفظ القرآن والتعامل مع الآخرين بكل ود واحترام. وأنصح القراء الجدد بالتسلح بالعلم والتقوى والزهد وتطبيق القرآن فى أعمالهم كما حملوه فى صدورهم والإخلاص فى التلاوة قولا وعملاً. ما الكلمة التي توجهينها للشباب وكيف نحصنهم من الفكر الضال؟ هذا الشهر الكريم فرصة عظيمة للتصالح مع الله بمراجعة النفس والمحافظة على الفرائض من صلاة وزكاة وصدقات وصناعة معروف وإغاثة ملهوف وعمل خير وقراءة القرآن والتمسك بصحيح السنة والقرآن وتربية النفس على فعل الخيرات والتأسى بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم. والمسئولية في حماية الشباب والأبناء من الفكر الضال تقع على الأسرة كونها البيئة الأولى في رعاية الأبناء، وعملية التنشئة التي تعتبر مهمتها الأساسية، باعتبارها اللبنة الأولي من لبنات المجتمع، وكذلك ضرورة رفع الوعى الدينى والثقافى وترك العادات السيئة ورفض الرذيلة و التمسك بالفضيلة، مع زيادة الوعي الثقافي والمعرفي لأنهم بمثابة الميزان الذى يوزن به سلوك الإنسان.