في مثل هذا اليوم من نوفمبر عام 1980، فارق الشيخ محمود خليل الحصري أحد أشهر قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي الحياة، فهو أحد أبرز القراء المصريين، وله العديد من المصاحف المسجلة بروايات مختلفة ، فهو صاحب مدرسة أحكام التلاوة ، نجح في أن يترك أثرا حسنا في نفوس سامعيه، فهو أول من سجل القرآن بصوته مرتلا في الإذاعة المصرية في مطلع الستينيات ، فذاع صيته بأدائه المتميز في جميع أنحاء العالم . امتدت رحلة الحصرى مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عاما، فكان ميلاده في 17 سبتمبر عام 1917 في قرية شبرا النملة بمحافظة الغربية، وحرص الحصرى في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد دينى ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه، وأوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحفاظه. انتقل والده قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري، أدخله والده الكتاب في عمر الأربع سنوات ليحفظ القرآن وأتم الحفظ في الثامنة من عمره، كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدى بطنطا يوميا ليحفظ القرآن وفي الثانية عشر انضم إلى المعهد الديني في طنطا. ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر. حصل على شهاداته في علم القراءات ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن. في عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة. في عام 1950م عين قارئا للمسجد الاحمدي بطنطا كما عين في العام 1955م عين قارئا لمسجد الحسين بالقاهرة، كان أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن عاصم وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة، أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول، فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها التي ترمي إليها تلك المفردات...كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه. تزوج عام 1938، وكانت معظم مسؤوليات التربية تقع على كاهل زوجته لانشغاله بعمله وسفرياته، وكان مهتماً بالقرآن في حياته فيروي أحد أبناءه "كان يعطي كل من حفظ سطراً قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائماً على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضاء الله علينا ثم رضاء الوالدين فنكافأ بزيادة في المصروف وكانت النتيجة أن ألتزم كل أبنائه بالحفظ وأذكر أنه في عام 1960 م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشاً وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه وكان يتابع ذلك كثيراً إلى أن حفظ كل أبنائه ذكوراً وإناثاً القرآن الكريم كاملاً ". كان يقرأ القرأن في مسجد قريته، وفي اجتماعات السكان هنالك، وفي عام 1944 تقدم إلى الإذاعة المصرية بطلب كقارئ للقرأن الكريم وبعد مسابقة حصل على العمل وكانت أول بث مباشر على الهواء له في 16 نوفمبر 1944م، استمر البث الحصري له على إذاعة القرآن المصرية لمدة عشرة سنوات. عين شيخا لمقرأة سيدي عبد المتعال في طنطا. في 7 أغسطس 1948 صدر قرار تعينه مؤذنا في مسجد سيدي حمزة، ثم في 10 أكتوبر 1948 عدل القرار إلى قارئ في المسجد مع احتفاظه بعمله في مقرأة سيدي عبد المتعال. ليصدر بعد ذلك قرار وزاري لتكليفه بالإشراف الفني على مقاريء محافظة الغربية. في 17 إبريل 1949 تم انتدابه قارئا في مسجد سيدي أحمد البدوي في طنطا "المسجدالأحمدي"، في عام 1955 انتقل إلى مسجد الإمام الحسين في القاهرة. في عام 1958عين وكيلا لمشيخة المقارئ المصرية، وفي 1961عين بالقرار الجمهورى شيخ عموم المقارئ المصرية. في 1975 كان أول من رتل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسر "مصحف الوعظ"، وفي 1977 كان أول من رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم الإسلامي في الأممالمتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية. كان له عدة مؤلفات منها "أحكام قراءة القرآن الكريم، القراءات العشر من الشاطبية والدرة، معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء، الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير، أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر. في 1967 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم.