* الهواتف المحمولة والإنترنت أشهر الوسائل.. و85 ألف بلاغ فى شهر واحد رغم كل التحذيرات وجهود الملاحقة، لم تستطع السلطات البريطانية ردع عصابات الاحتيال باسم هيئة الضرائب، ولا يزال دافعو الضرائب فى بريطانيا يتعرضون لحيل متنوعة تسعى لاستدراجهم عن طريق الترهيب والترغيب. من أرقام خطوط هواتف أرضية مسجلة فى بريطانيا، ترسل العصابات رسائل صوتية تقول «هيئة العوائد والجمارك الملكية (الضرائب) رفعت عليك دعوى قضائية تتعلق بسجلك الضريبي. يجب أن تتصل بمحامى جنائي. لا تتجاهل هذه الرسالة. اتصل بنا بأسرع ما يمكن». وعندما يتصل الشخص المستهدف، الذى غالبا ما يتملكه الخوف من الدخول فى نزاع بشأن الضرائب بسبب فداحة العواقب، يستدرجه المتلقى للحصول منه على بياناته البنكية التى تستغل لسرقة الأموال من حسابه، وربما يقنعه بأن يدفع مبلغا ما مقابل تسوية الأمر مع هيئة الضرائب الوهمية. وسيلة الاحتيال الأخرى هى البريد الإلكتروني، ويشيع استخدام هذه الوسيلة فى الشهور اللاحقة على الخامس من أبريل من كل سنة، وهو موعد بدء تقديم الإقرارات الضريبية، حيث ترسل العصابات رسالة بالبريد الالكترونى إلى الشخص المستهدف، تبدو كأنها من هيئة الضرائب الرسمية، وتبشر الرسالة بأن لمستقبلها مبلغا من المال من حقه أن يسترده لأنه دفع ضرائب أكثر مما يجب خلال العام المنصرم، وتطلب العصابة من الضحية أن يرسل لها بياناته المصرفية، عبر رابط لموقع الكترونى مصمم خصيصا لسرقة البيانات، من تحويل مستحقاته الوهمية, لتستغل العصابة هذه البيانات فى الاحتيال البنكى لسرقة أموال الضحايا من حساباتهم.تقول خدمة العملاء فى هيئة الضرائب: «هذه الوسائل منتشرة منذ فترة ويجب الحذر منها». وقال أحد مسئولى الخدمة ل«الأهرام»: «هذا احتيال واضح ويجب إبلاغ خدمة ملاحقة جرائم الاحتيال به فورا». وكشف المسئول عن أن أساليب العصابات تنطلى على البعض لأن أفرادها يتصلون من أرقام هاتفية أرضية مسجلة فى بريطانيا وتشبه أرقام الاتصال بهيئة الضرائب، ما يوحى بأن الاتصال هو بالفعل من الهيئة ويجب التعامل معه بجدية. وقد اتصل مندوب «الأهرام» بأحد هذه الأرقام، الذى جاءت منه رسالة صوتية لأحد دافعى الضرائب، ورد علينا رجل يتحدث الإنجليزية بلكنة آسيوية واضحة وبدت الجدية على صوته، وطلب أولا التأكد من رقم الهاتف المحمول الذى تُركت عليه الرسالة الصوتية. ولما قلنا له إن السجل الضريبى لصاحب هذا الرقم سليم وإن لديه رسالة رسمية تثبت دفعه كل الضرائب المستحقة، قال «إذن، عليك أن تتصل بمحامى جنائى فورا .. ونلتقى فى المحكمة». وقد علق مسئول خدمة العملاء بهيئة الضرائب، قائلا: «نحن لا نترك أبدا رسائل صوتية تتعلق بالأمور الضريبية على الهواتف». وأضاف: «لا نرسل رسائل نصية أو عبر البريد الالكتروني.. ولا نطلب أى معلومات شخصية سرية بهذه الطريقة» . وأحالنا المسئول إلى الخط الساخن المجانى المخصص لاستقبال أى بلاغات بشأن أى اتصالات غريبة أو محاولات يُشتبه فى أنها تستهدف النصب باسم الضرائب. ولا تقتصر هذه الخدمة على دافعى الضرائب المقيمين على الأراضى البريطانية، بل تخصص رقما هاتفيا منفصلا لأى دافع ضرائب بريطانى مقيم فى الخارج، ربما يكون هدفا للعصابات الإجرامية. وفى حالة عدم التمكن من الاتصال هاتفيا، تتيح الهيئة، عبر موقعها الرسمي، خدمة تلقى الشكاوي، التى تحاط بسرية تامة، من أى ممارسات يُعتقد أن وراءها احتيالا أو نصبا ضريبيا. ويؤكد المسئولون أنهم يأخذون الشكاوي، أيا تكن طريقة تقدمها، بجدية بالغة. وقد دفع نشاط عصابات الاحتيال باسم الضرائب وزارة الخزانة إلى إصدار تحذيرات عاجلة شديد اللهجة من الانخداع بأى رسائل صوتية أو نصية أو بالبريد الالكتروني. وقالت إن الحكومة لا تتعامل مع أمور الضرائب إلا بالرسائل الورقية الرسمية البريدية المعتادة أو عن طريق الجهة التابع لها دافع الضرائب. وحسب الأرقام الرسمية، فإنه فى شهر مارس الماضى وحده طلبت وزارة المالية من الأجهزة المختصة إغلاق 2672 موقعا إلكترونيا وهميا وصفت بأنه مصيدة لدافعى الضرائب. كما تلقت هيئة الضرائب قرابة 85 ألف بلاغ عن محاولات احتيال ونصب باسم الضرائب. وتقول التقديرات إنه خلال العام الماضى وحده تمكن جهاز التحقيق فى جرائم الاحتيال الضريبى من استعادة نحو 7 مليارات دولار كادت تضيع على الدولة بسبب ممارسات احتيال ضريبى مختلفة. كانت هيئة الضرائب قد أنشأت هذا الجهاز عام 2015 عندما تبين أن جرائم الاحتيال الضريبى تكبد الدولة خسائر بالمليارات. وتقول الهيئة إن إنشاء الجهاز مكنها من التعامل مع الجرائم الضريبية الأكثر خطورة وتعقيدا التى تخطط لها وترتكبها عصابات الجريمة المنظمة، الأمر الذى يساعد فى استرداد أموال طائلة تحتاجها للإنفاق على مرافق الخدمات العامة. وفضلا عن الأموال المستردة، نجح محققو هيئة الضرائب، خلال عام 2017 فقط، فى استصدار أحكام بالسجن على مجرمين مدانين بالاحتيال الضريبي، بلغ مجموعها 800 سنة تقريبا، فضلا عن أحكام بالسجن مع وقت التنفيذ تبلغ 200 سنة.