السيسي يثمن دور الخبراء اليابانيين في دعم العملية التعليمية بمصر    اكتمال النصاب القانوني لعمومية المحامين لزيادة المعاشات    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف بالشئون القانونية    آخر تطورات سعر الريال السعودى أمام الجنيه فى البنوك المصرية اليوم السبت    تراجع طفيف بأسعار الذهب محليًا خلال تعاملات السبت 6 ديسمبر    وزيرة التخطيط تبحث مع صندوق النقد الدولي تطورات الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية    الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق ACI على الشحنات الجوية    الاحتلال ينفذ عملية نسف مباني في مناطق انتشاره برفح الفلسطينية    لحظة بلحظة، سعر الليرة السورية أمام الدولار في مصرف دمشق المركزي    الزمالك يحاول حل أزمة فسخ عقد بنتايج وديًا    تشكيل آرسنال أمام أستون فيلا في البريميرليج    الزمالك يصرف دفعة من مستحقات بيزيرا خوفاً من مصير بنتايج وصلاح مصدق    تحرير 3541 مخالفة خلال حملات على المخابز والأسواق في نوفمبر الماضي    «الأرصاد» تُحذّر من أمطار رعدية وسيول في تلك المناطق    الرئيس السيسي يوجه باتخاذ الإجراءات المناسبة للاهتمام بالمعلمين وتوفير الحوافز    الرئيس السيسى: تحسين الوضع الاقتصادى للمعلمين ومحاسبة عاجلة تجاه أى انفلات بالمدارس    مصدر: تحديد موقع أحد التماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    تأجيل محاكمة زوجة بهاء سلطان بتهمة سب خالتها    عمرو دياب يتألق فى الدوحة بحفل استثنائى وحضور جماهيرى غفير    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    مستشفى أبو كبير المركزي ينجح في إنقاذ طفل ابتلع بطارية (صور)    دراسة أمريكية توضح.. لماذا لم يتم إدراج البطاطس في النظام الغذائي الصحي؟    وكيل طب قصر العيني: اللقاءات العلمية بين التخصصات المتداخلة محور أساسي في خدمة المرضى    رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    الرابطة الوطنية لكرة السلة في إفريقيا تعلن الفائزين ببرنامج التسريع القاري في نسخته الثانية"    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    الاحتلال الإسرائيلي يداهم منازل في مدينة جنين وبلدة عرابة جنوبا    رئيس الموساد الجديد يثير عاصفة سياسية في إسرائيل.. وتقارير عن استقالات جماعية    بعد الهجوم على منى زكي.. حمزة العيلي يوجه رسالة للجمهور: أنتم سندنا ومحدش فينا خالِ من العيوب    أسماء جلال تستمر في نشاطها الفني باللعب في مساحات تمثيلية آمنة    «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» شعار معرض القاهرة ونجيب محفوظ شخصية العام    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم "خيبر بختونخوا"    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    القومي للمرأة ينظم فعالية «المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء» بحديقة الأزهر    البيئة: مصر تتولى رئاسة المكتب التنفيذي لاتفاقية برشلونة لمدة عامين    حازم الجندى: القائمة البيضاء وكارت التميز نقلة نوعية فى فلسفة التحفيز الضريبى    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة الأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    أدوار متنوعة ومركبة.. محمد فراج يحقق نجاحا مختلفا في 2025    القومي للمرأة: مبادرة ملهمات عربيات تبني نموذج القدوة والتنمية    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مديح الشيخوخة
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 05 - 2018

دعونى أتحول إلى الحديث عن نفسى، إننى أبلغ من العمر أربعة وثمانين عاماً، وأتمنى لو أمكننى أن أفاخر بنفسى العمر الذى عاشه قورش. ولكن كل ما يمكننى أن أقوله التالى: إننى لم أعد أتمتع بالطاقة التى كنت أتمتع بها حينما كنت أخدم كجندى شاب فى الحرب البونية، أو حينما كنت كويستوراً فى الحرب ذاتها. أو حينما كنت قنصلاً وجنرالاً فى إسبانيا، أو حينما خدمت بعد ذلك بأربع سنوات قاضياً عسكرياً فى الحملة على تيرموبيل تحت رئاسة القنصل مانيوس جلابريو.
ولكن وكما ترون بوضوح فإن الشيخوخة لم تفت من عضدى أو تحطمنى. ولم يجد أى من مجلس الشيوخ أو الجمعية الشعبية أو أصدقائى أو مريدى أو ضيوفى أى ضعف فى قوتى. ولا أعزو الفضل إلى المثل القديم، والذى طالما لقى استحسانا، والذى ينصحنا بالشيخوخة المبكرة إذا أردنا أن نعمر طويلاً. وبالنسبة إلىَّ شخصياً، فإننى أفضل أن تكون شيخوختى قصيرة الأجل على أن أهرم سريعاً. ولذلك؛ فإننى لم أرفض أبداً أى موعد مع أى شخص يريد لقائى.
هذا بعض ما قرأته فى كتاب صغير شكَّل مفاجأة مفرحة. لأنه يتحدث عن الشيخوخة. وما أدراك ما الشيخوخة. صاحب الكتاب عاش وكتب كتابه قبل الميلاد، إلا أننى فى أثناء قراءته شعرت كما لو كان معاصراً لى يكتب لأقرأ، ولا يفصل بينى وبينه سوى إجراءات الطباعة. الكتابة من شدة صدقها تخترق الأزمنة وتعبر العصور وتختصر قروناً من تاريخ البشرية.
والكتاب الذى يحمل عنوان: فى مديح الشيخوخة، أرسله لى القاص المصرى الشاب عاطف عبيد، صاحب دار بتانة للنشر، ولا تسألنى عن أصل وغرابة اسمها، مجموعة من الكتب التى أصدرها مؤخراً. توقفت طويلاً أمام أصغرها حجماً. وهو كتاب: فى مديح الشيخوخة، ألفه ماركوس توليوس شيشرون، وشيشرون من أهم مفكرى ومنظرى فجر البشرية الأول. وترجمه فتحى أبو رفيعة. المثقف المصرى المغترب فى أمريكا.مؤلف الكتاب خطيب روما المميز، ولد سنة 106 قبل الميلاد، وهو صاحب إنتاج ضخم يعتبر نموذجاً للتعبير اللاتينى الكلاسيكى. وصلنا جزء كبير منه، وشخصية شيشرون أثارت الكثير من الجدل والتقييمات المتضاربة خاصة فى الجانب السياسى من حياته. فهو تارة مثقف فى وسط سيئ، وتارة ثرى صاعد فى روما، وتارة ثالثة انتهازى متقلب وأداة طيعة فى يد الملكية، ولكنه أيضاً وهذا هو المهم الجسر الذى وصلنا عبره الجانب الباقى من الفلسفة اليونانية. ولد شيشرون فى عام 106 قبل الميلاد، وتوفى بقطع الرأس فى 7 ديسمبر 43 قبل الميلاد. فتنة الكتاب وندرته تأتى من كونه أول كتاب فى مجاله. وقد مضى على كتابته أكثر من ألفى عام. إنه يرصد ويحلل المتع الكثيرة للشيخوخة. وهى متع لا تخطر على بال. ولهذا ظل الكتاب مصدراً لاستمتاع وإلهام كبيرين للقراء كافة منذ القرون الوسطى حتى زمننا.
قال مونتين عن الكتاب إنه أثار شهيته لبلوغ سن الشيخوخة. وقال عنه جون أدمز، من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية إنه استمتع بإعادة قراءة الكتاب مرات عديدة فى سنوات عمره الأخيرة. وقال بنيامين فرانكلين إن الكتاب بهره إلى الحد الذى جعله يأمر بطباعة ترجمته فى فلاديلفيا عام 1944. ولكن تعالوا نبحر فى مياه اللغة. ماذا تعنى كلمة شيخوخة؟ إن الشيخوخة أو التعمّر عملية الهرم والتقدم بالعمر التى تصيب الكائنات الحية نتيجة تناميها. التعريفات المؤخرة لعملية الشيخوخة تعتبرها عبارة عن خلل وتلف فى عمليات النظام مع مرور الوقت والزمن، هذا التعريف يسمح بظهور ووجود أنظمة لا تُهرم ولا تشيخ، نتيجة تداخلات مضادة للشيخوخة. عندما يمكن إصلاح الخلل المتراكم. الشيخوخة أصبحت تدرس حالياً كعلم يتناول النواحى الثقافية والاقتصادية ودراسات الوعى والتغيرات الاجتماعية والديمغرافية. أما النواحى الفيزيولوجية فتوصف بعملية هرم. وحسب تقرير للأمم المتحدة أن بداية سن المسنين يختلف من مجتمع إلى آخر، فبعض الدول اعتبرت 60 - 65 سنة بدء المسنين، 60 سنة للرجل، 50 سنة للمرأة، ودول أخرى تبدأ مرحلة المسنين للرجل، 55 سنة وللمرأة من 50 سنة وذلك مرتبط بمستوى الأعمار فى كل دولة.وعرفت دراسة الشيخوخة أنها ليست مجرد عملية بدنية، وإنما هى حالة تعبر عن تغيرات جذرية فى مجال الأنشطة الاجتماعية التى اعتاد عليها الفرد؛ فاعتبرت الشيخوخة بمثابة مرحلة يتم فيها هجر العلاقات الاجتماعية والأدوار السابقة مما يصنع للفرد عقداً نفسية تفقده الثقة فى النفس وتجعله يشعر بأنه قد أصبح أداة عاطلة فى المجتمع.
كتب مقدمة الكتاب فيليب فريمان، علاوة على مقدمة كتبها فتحى أبو رفيعة. وفى مقدمة فريمان يقول:
- وقد تناول المؤلفون اليونان قبل شيشرون موضوعات تتعلق بالحقبة الأخيرة من العمر بأشكال كثيرة. ونسب بعضها إلى المسنين صفات مثالية باعتبارهم من رواد الحكمة المستنيرين. كما فعل هوميروس مع الملك نوستور. فى حين تعرض آخرون لهم بالاستهزاء والسخرية. فصوروهم على نحو كاريكاتورى بأنهم أشخاص منهكو القوى دائمو الشكوى.ربما كانت الشاعرة سافو التى عاشت فى القرن السادس قبل الميلاد، من أبرز المؤلفين الأقدمين الذين كتبوا حول هذا الموضوع. حيث رثت شبابها الضائع فى إحدى قصائدها، التى جرى اكتشافها مؤخراً. حيث تقول:
- ها هى بشرتى التى كانت ناعمة فيما مضى تعلوها التجاعيد.
وها هو شعرى الفاحم كساه الشيب.
وأصبح قلبى مثقلاً بالأحزان. ولم تعد ركبتاى بقادرتين على حملى.
ولطالما يفجعنى ضياع تلك الأشياء ولكن ما حيلتى؟.
فليس بمقدور أى من البشر أن يهرب من الشيخوخة.
أما شيشرون فيقدم دروساً يمكن استخلاصها من كتابه عن الشيخوخة. فهو يقول:
- الشيخوخة الجيدة تبدأ فى مرحلة الشباب. إن الخصائص التى تجعل سنوات العمر الأخيرة سنوات سعيدة ومنتجة، ينبغى غرسها منذ البدايات. فعادات من قبيل الاعتدال والحكمة وصفاء الذهن والتمتع بكل ما تقدمه الحياة والمتع هى جميعها أمور ينبغى أن يتعلمها المرء فى شبابه. لأنها ستستمر معه وهو يتقدم فى العمر.
لا تتصور أن انبهارى بالكتاب سببه مرورى بالمرحلة التى يحكيها
لمزيد من مقالات ◀ يوسف القعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.