وجود السلع المغشوشة في أسواقنا ليس ظاهرة جديدة، بل معروفة منذ سنوات طويلة، وطبعا لا يمكن لأحد أن يقر الغش أو يوافق عليه، لا في سلعة ولا في معاملة مع الجمهور، لكن عندما نصل إلي الدواء والغذاء وإلي لبن الأطفال فإننا نكون بصدد جريمة لا يمكن السكوت عليها، نظرا لأنها تتعلق بحياة الإنسان مباشرة. وزارة الصحة تعرف هذه الحقائق جيدا ولا تتوقف عن متابعة أسواق الدواء، ومع ذلك فإن البعض يتمكن من الانفلات من المراقبة، ومن ثم من العقاب. وليس جديدا التذكير بأن البعض منا تحت إغراء الكسب السريع المريح يمكن أن يمنح ضميره إجازة لبعض الوقت، وربما لكل الوقت! قبل يومين شنت وزارة الصحة، بالتعاون مع الادارة العامة لمباحث التموين، عدة حملات كبيرة علي سوق الأدوية المغشوشة والمهربة استهدفت المؤسسات الصيدلانية ومخازن الأدوية في خمس محافظات، هي القاهرةوالجيزة والدقهلية والغربية وأسيوط.. فماذا كانت نتيجة الحملة؟ في القاهرة، ضبطوا شركة لبيع المستلزمات الطبية تبيع 23 صنفا غير مرخص له بالتداول، وفي الجيزة صيدليتين بالمهندسين تبيعان أدوية مهربة، وفي المنصورة صيدلية تبيع صبغات الأشعة بسعر أكبر كثيرا من السعر الحقيقي.. وهكذا في بقية المحافظات. وليت الأمر توقف عند الأدوية فقط، بل امتد إلي اللحوم والدواجن والأسماك، حيث كشفت الهيئة العامة للخدمات البيطرية عن ضبط نحو 9 أطنان من اللحوم الفاسدة غير الصالحة للاستخدام الآدمي خلال ثلاثة أيام فقط، وذلك في 17 محافظة. وطبعا تم تحرير المحاضر اللازمة لعرض هؤلاء الغشاشين علي النيابة.. لكن هل تستطيع النيابة وحدها إيقاف هذا الاستهتار بصحة الناس أم يقتضي الأمر تحركا أنشط من الأجهزة الرقابية؟ علاوة علي ذلك، فإن ظاهرة انتشار الترويج للأدوية والمستحضرات غير المرخص لها من وزارة الصحة بات يدق جرس الخطر، خاصة أن هذا الترويج يتفشي الآن علي مواقع التواصل علي الإنترنت، وكذلك في بعض المحطات الفضائية المشبوهة،. ولأن الكثيرين من المصريين ليس لديهم الوعي الكافي بخطورة هذه المنتجات «المضروبة» علي صحتهم فإن الأجهزة الرقابية بجميع الوزارات سيكون عليها عبء أكبر، ولذلك فإن المطلوب الآن تكثيف، ليس فقط حملات التفتيش والضبط، بل وبالأساس حملات التوعية في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.. فحياة الناس ليست لعبة. لمزيد من مقالات رأى الأهرام