التجارب السريرية فى البحوث الطبية هى المرحلة قبل الأخيرة فى أبحاث إنتاج دواء أكثر فاعلية أو نظم علاجية طبية أوجراحية مستحدثة متقدمة أو اكتشاف جهاز تشخيصى أو علاجى جديد وفيه تتم التجارب على البشر بعد الإجازة فى مراحل سابقة ذات أصول علمية راسخة لاتعرض الناس للخطر أو حتى الإيذاء. بداية، يجب الاعتراف بأن وزارة الصحة هى المسئول الوحيد عن صحة المواطن المصرى فى ربوع البلاد وخارجها أيضا وهو التكليف الدستورى الرسمى ومن هذا المنطلق فمن حق وزارة الصحة تحرى الدقة العلمية والقانونية للموافقة على تداول أى عقار مستحدث أو جهاز أو نظم علاجية جديدة وتتحمل الدولة ممثلة فى وزارة الصحة المصرية المسئولة عن صحة كل مواطن مصرى على كاهلها أعباء رهيبة وتكاليف باهظة لعلاج ملايين المرضى حيث عانت فيها ميزانية الوطن من تكاليف لعقاقير مستوردة ذات نتائج علاجية ظلت محدودة رغم وجود نسبة من الشفاء. فكيف نلقى نحن علماء مصر على كاهل وزارة الصحة المصرية وحدها فقط عبء تكاليف علاج باهظ الثمن لا تستطيع أكبر دولة فى العالم تحملها خاصة بعد اكتشاف الادوية المستحدثة المستوردة غالية الثمن...هنا يجب على كل علماء مصر فى الجامعات والمراكز البحثية فتح القنوات البحثية ومواصلة الجهد بالأصول العلمية المتعارف عليها لاكتشاف ولايجاد عقار مصرى زهيد الثمن آمن وفعال ويكون فى متناول المواطن المصرى البسيط. وفى مصر يجب أن يمر أى عقار جديد أجنبى أيضا للتجربة داخل مصر ليخضع للتقييم قبل تسجيله فى وزارة الصحة المصرية. وتمر أبحاث إنتاج دواء مستجد أو جهاز علاجى بعدة مراحل ولاينتقل البحث الى المرحلة التالية إلا بعد استيفاء الملفات البحثية العلمية فى كل مرحلة ومناقشتها فى جلسات تشبه جلسات المحاكمة القضائية حيث يجلس العلماء أعضاء الهيئة على »منصة« بجوار جمع من كبار العلماء المتخصصين فى مجال عرض البحث بينما يجلس الفريق العلمى فى القاعة لعرض النتائج على العلماء, وعند موافقة منصة التحكيم على النتائج ينتقل الى المرحلة البحثية التالية أو يوقف الاستمرار فى البحث وتذكر الأسباب المؤدية لذلك أو تستوفى بعض النقاط العلمية فى الموضوع ويسمح لبعض التفاصيل الابتكارية أن تأخذ رموزا كودية للمحافظة على سر الابتكار لحين التصريح بالتداول. المرحلة الاولى التى تعرض نتائجها على هيئة الدواء والغذاء فهى المرحلة التجريبية قبل الاكلينيكية وتشمل التصميم التركيبى للدواء المستحدث وخصائصه التفصيلية وماهية مكوناته كيماويا و بيولوجيا ومكوناته الفعالة وصورته الدوائية من أقراص أو شراب أو حقن أو غيرها ومدى ثباته وكيفية تعقيمه دون الاخلال بالمكونات الفعالة وتداخله مع الكيماويات الاخرى. وعند الموافقة على الملفات الخاصة بالمرحلة الاولى يصرح للفريق العلمى المبتكر باستيفاء المرحلة الثانية على حيوانات التجارب وتشمل ديناميكية مسار الدواء فى الجسم من ناحية الامتصاص والانتشار والتعامل الحيوى والاخراج ومدى التراكم داخل الانسجة ودراسة آثار السمية الحادة وتحت الحادة والمزمنة والمسرطنة والتأثير على الأجنة والتأثيرات الجانبية على الاعضاء المختلفة وذلك بعمل ملفات تشريحية ورصد النتائج المعملية للوظائف البيولوجية وعمل ملفات نسيجية هستولوجية لجميع الاعضاء وبعد مناقشة نتائج هذه المرحلة والموافقة عليها يسمح للفريق العلمى بالبدء فى المرحلة الثالثة وهى التجارب على حيوانات مصابة بنفس المرض الذى يصيب الانسان ويتم فى هذه المرحلة الحصول على دراسات لمسار المرض قبل العلاج وبعده فى جميع الاعضاء بعمل ملفات بيولوجية وفسيولوجية وهستولوجية وباثولوجية لتقييم تأثير الدواء. عند الموافقة على نتائج هذه الابحاث تبدأ المرحلة التالية على الإنسان بعد السماح بها وتشمل أولا دراسة التأقلم والتحمل للدواء على متطوعين أصحاء بجرعات صغيرة تزداد تدريجيا حتى تصل الى جرعات تفوق الجرعة العلاجية لمتابعة نتائج المرحلة السابقة على الانسان ومقارنتها علميا وبعد عمل اختبارات وظائف جميع الاعضاء وأجهزة الجسم وتقييم النتائج يتم التجربة العلاجية على عدد من المرضى يتم فيها اختيار دقيق لمرحلة المرض على أصول طبية واضحة ومؤيدة بالتحاليل والاختبارات مع اعتبار العمر والجنس والتاريخ الصحى لأمراض او علاجات أخرى. وبعد أن تتم مناقشة هذه الملفات بعد عرضها على الهيئة تتم الرحلة الاخيرة وهى أن تقوم الهيئة بنفسها وبواسطة معاملها وعلمائها بمتابعة ومراجعة التأثير العلاجى المستحدث بارسال العلاج تحت إشرافها الى عدة مراكز او مستشفيات متخصصة يعمل بها كبار الاستشاريين ويتم تجربة العلاج المستحدث مع مماثل له ظاهريا ويوضع رموز كودية لكل منهم ويتم تحليل النتائج بعد انتهاء العلاج وبعد مقارنتها اكلينيكيا ومعمليا . إن إنشاء »هيئة الدواء والغذاء القومية« ذات الأهمية الكبرى فى مصر سوف تمنع الصدام بين مبتكرى العلاج وبين المعارضين إما لمجرد المعارضة لأمور شخصية أو لعدم فهم ومعرفة الاصول العلمية للابتكار ويؤدى ذلك الى إهدار نظريات مبتكرة ذات أصول علمية ربما تؤدى الى تحقيق آمال البشر فى الصحة والشفاء. وإذا تم إنشاء »هيئة الدواء والغذاء القومية المصرية« والتى تكون تابعة لمجلس النواب وليس لأى جهة تنفيذية سلطان عليها وتماثل »السلطة القضائية ولكن فى النواحى العلمية البحتة« والتى لها الكلمة الوحيدة والأخيرة الحاسمة بالموافقة على الجديد من الابتكارات وبهذا فإننا نمنع تداول الاتهامات ونمنع »التهوين« المبنى ربما على عدم المعرفة أو »التهويل« الذى ربما يكون لاسباب غير علمية. --------------------- عضو لجنة تعريب المصطلحات الطبية بمجمع اللغة العربية لمزيد من مقالات د. أحمد عبد اللطيف أبو مدين