*ليس الشأن أنْ تكونَ وَفِيًّا لِمَن تُحِب حِينَ تَلقَاه، ولكنَّ الحُبَّ الحقيقيَّ أنْ تكونَ وَفِيًّا لحبيبك حتى بعد أنْ يَلْقَى وَجهَ مَوْلاه، فلا تُجَالِسُ أحَدًا إلَّا ذَكَرتَ مَحَاسِنَهُ حتى يقولَ جَلِيسُكَ مُتَعَجِّبًا: الله الله .. هذا ما كان مِن نَبينا الوَفِي ، في ما رَوَت عنه أمُّ المؤمنينَ السيدةُ عائشةُ حيث قالت. ( مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ (صديقات) خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ . فَيَقُولُ : «إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ») . وليستِ الرجولةُ أنْ يَسْتَقوِيَ الزوجُ على زوجتِه، بل أنْ يَرحَمَها ويُرَاعي طبيعتها وإنْ كان ذلك عند البعض ضِدَّ رغبتِه، فالرجولة في مراعاته للمرأة في خصائصها، والحكمة في أنْ لا يعتبر ذلك مِن نقائِصِها. أرأيتَ كيف تعامل سيدُ الرجال، مع أمِّنا عائشة حيث جَبَرَها وعَلَّمها في الحال ؟!! فعن أنس رضي الله عنه : (أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه - قال: أظنها عائشة - فأرسلت إحدى أمهاتِ المؤمنين مع خادِمً لها بقصعة فيها طعام ، قال : فضربت الأخرى بيد الخادم فكسرت القصعة نصفين ، قال : فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « غارت أمكم ». قال : وأخَذ الكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إحداهما إلى الأخرى ، فجعل فيها الطعام ، ثم قال (أي: لأصحابه) : كلوا فأكلوا ». والحياة بين الزوجين لا تقوم إلا على السكن والمودة والرحمة وحسن المعاشرة، حتى لو كره أحدهما الآخر فليصبر ويحتمل ويحاول معالجة أسباب الكراهية، قال الله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” النساء 19.