كل أم تحلم بأن يصبح ابنها بطلا عالميا مثل الفرعون المصرى محمد صلاح او تصبح ابنتها سباحة دولية مثل فريدة عثمان. وكثير من الأمهات أصبحت حياتهن تدور حول الأبناء وتدريباتهم، منهن سارة وهى أم لولدين ما ان ينهيا موعد الدراسة حتى تصطحب الأكبر لتمرين السباحة، والآخر لتمرين كرة اليد بالإضافة الى عدة رياضات أخري.. تنظم وقتها بحيث تذاكر للأول فى انتظار الثاني، وفى «الويك إند» يذهبان لإحدى أكاديميات كرة القدم ربما يثبت أحدهما كفاءة فى اللعبة. وهى تقول: حياتى عبارة عن مدرسة وتدريب ومذاكرة فأولادى هم رأس مالى ولا أريد أن أشعر أننى قصرت معهم، فربما كانت لدى أحدهم موهبة مدفونة ودورى أن أكتشفها.. أما «دعاء» فهى قصة أخرى فطوال ثلاث سنوات كاملة فى تدريب الباليه لم تتقدم البنة ولم تحقق أى نجاح ملحوظ ولم تبد أى ميل نحوه لكن الأم مازالت مصممة على أن ابنتها لابد أن تتعلم الباليه وتتقدم فيه وتصبح «باليرينا»..فهذه هى الابنة التى حلمت بها بالإضافة الى أنها هى نفسها كانت تود لو تعلمت الباليه فى الصغر. نفس الأمر تكرر مع «مروة» وهى أم لولدين فى العاشرة والثامنة وهى تكرس حياتها بالكامل لتمارين الرياضة وهى فخورة بأن ابنها بطل «اسكواش» واعد وابنها الآخر بطل فريق السباحة بالنادى. ومروة تتعامل على أنها أحسنت التربية، والدليل أن أولادها أبطال الفرق، موعد التدريب مقدس بالنسبة لها ولا يمكن أن تتغاضى عنه مهما اقتضى الأمر.. كثير من الأمهات لم تعد الرياضة بالنسبة لهن فرصة لبناء جسم وعقل الطفل وتعزيز ثقته بنفسه بل هى منافسة دائمة وفرصة للتفاخر على بقية الأمهات عضوات النادي، واليوم الذى لا يفوز فيه الابن هو يوم أسود ... وكما اعترفت «مني: وهى أم لطفل وطفلة فى الثانية عشرة والتاسعة فهى تشعر بأنها السبب وأنها فشلت فى مهمتها كأم وأن كل تعبها «لا نتيجة له». وهى تعرف جيدا أن الرياضة مهمة لكن الفوز بالنسبة لها أهم من الرياضة. وكما تقول: لازم الولد يعرف معنى المنافسة والتفوق ويكون دائما فى طليعة زملائه, بعض الأمهات يفعلن ما هو أكثر من ذلك حتى لو اضطرهن الأمر للبحث عن واسطة او شراء الهدايا للمدرب كى تضمن مكانا لابنها فى تشكيلة الفريق او طمعا فى معاملة جيدة من جانبه للولد او البنت. وقد تدخل الأمهات منافسة تصل لحد «المشاحنات» حول موقع الولد فى الفريق او الوضع الذى ترى انه يليق به. ويعلق د. محمد المهدي، أستاذ الطب النفسى على هذه الظاهرة قائلا: ممارسة الرياضة فى الأصل هواية ودائما ما نطالب الأمهات بشغل وقت الأبناء بالرياضة لحمايتهم من أى سلوكيات غير مرغوبة. وهناك فرق بين الأم التى تجلس فى التمرين لتشجيع ابنها وتحفيزه وبين الأم القلقة المهتمة فقط بالنتيجة.. فهى بذلك قد تدمر نفسية الطفل دون أن تقصد وقد تهدم ثقته بنفسه إذا شعر بالفشل وأنه خيب ظنها وأملها فيه. ولابد أن تعى الأمهات أن ممارسة الرياضة هى مجرد نشاط بدني، والهدف هو الرياضة نفسها وليس التنافس عليها وعليها فقط أن تساعده فى تحديد الرياضة التى يحبها لكنه لن يتحول الى بطل عالمى فى كرة القدم لمجرد أن هذه رغبة أمه. فلو أنه يمارس الرياضة التى تناسبه ويبرع فيها، فليس هناك أى داع للضغط عليه من أجل الفوز وإشعاره بالفشل إذا لم يتفوق فيها. فالآن لابد أن تتقبل وتفخر بإنجازات ابنها أيا كانت صغيرة وعندما يعثر على ما يناسبه ويناسب ميوله واستعداده البدنى فالموهبة ستظهر بدون حاجة للضغط عليه. وينصح د.مهدي، الأمهات بتخفيف الضغط على الأبناء من أجل البطولة والتركيز على ممارسة الرياضة فى حد ذاتها من أجل فوائدها البدنية والذهنية وتعزيز الثقة بالنفس..