يمكن القول ان بيان قمة القدس التى احتضنتها المملكة العربية السعودية فى الظهران، لايختلف عن البيانات التى اعقبت القمم العربية على الاقل فى السنوات السبع الاخيرة ولم يطرأ عليه اى تغيير حتى فى الصياغة، فكل البيانات فيها من الشجب والتنديد والاستنكار ما يمكن وصفه بانه من ادبيات البيانات العربية، ومن عجب ان احدا لايتوقف امام بيان القمة السابقة ليتساءل عما تم تنفيذه منها ليبنى عليه او لماذا لم يتم تنفيذه لازالة العراقيل من طريقه، وللتدليل على مانقول نتوقف سريعا امام القمم السابقة قبل التوقف امام مارأيته يصب فى خانة الايجابيات لقمة القدس، فمنذ تأسيس جامعة الدول العربية عقدت القمة 41 مرة منها ثلاث اقتصادية فى القاهرة والكويت والرياض وتسعة وعشرون قمة عادية وتسع قمم غير عادية، والمدهش ان الجامعة التى انطلقت من مدينة انشاص شرقى القاهرة عام 1946 وبالتحديد يومى 28 و29 مايو وحضرها ممثلو سبع دول فقط هى مصر والسعودية وسوريا والاردن والعراق ولبنان واليمن، أكدت عروبة فلسطين رغم انها لم تكن احتلت وقتها ولكن كانت هناك اشارات لذلك من خلال التوغل اليهودى والدعم البريطانى على الارض، ورغم ان الاحتلال تم بعد عامين فقط من الاجتماع ودخول الامة العربية فى حرب ضد اسرائيل لم يكتب لها فيها النصر لاسباب عدة، الا ان القمة لم تعقد لعشر سنوات كاملة، ورغم الانتظام فى الانعقاد الا أن القمم لم تحقق الطموحات الشعبية، ولم يتم تلمس أى اثر لقراراتها على أرض الواقع، ففقدت بريقها وانصرف عامة الشعوب عنها، وبقى الاهتمام بها ومتابعتها مقصورا على وسائل الاعلام والساسة والمحللين الاستراتيجيين. وبنظرة عابرة على البيانات الختامية خصوصا فى السنوات السبع الاخيرة سنجدها متشابهة الى حد التطابق، فلم يخل بيان من مطالبة ايران بالحل السلمى لقضية الجزر الثلاث الاماراتية التى تحتلها اوالقبول باللجوء الى محكمة العدل الدولية، وهو البند الذى لاتعيره ايران اى اهتمام، كما هو البند الخاص بالقضية المركزية الاولى للعرب قضية فلسطين وعاصمتها القدس، فلايخلو بيان من ذكر هذه الديباجة والتأكيد على التمسك بالمبادرة العربية التى صدرت عام 2002، وادانة التدخلات الخارجية فى الشئون العربية، اما القرارات التى أعلنت ولم تتحقق ولم يتوقف احد امام اسباب عدم تنفيذها فكانت من نوعية ماصدرعن قمة الدوحة 2013 بتأسيس صندوق عربى خاص بالقدس قيمته مليار دولار تعهدت قطر بثلثه لتمويل مشروعات تحافظ على هويتها العربية والاسلامية وتعزيز صمود اهلها، ورفع الحظر عن توريد الاسلحة للجيش الليبي، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار ورفض كل اشكال الارهاب، غير أن مايدعو للتفاؤل ان قمة الظهران التى شرفها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز باطلاق اسم القدس عليها، شهدت رسائل عدة وجهها عدد من الزعماء وكانت البداية من قبل العاهل الاردنى الملك عبد الله الثانى رئيس القمة السابقة الذى تضمنت كلمته تأكيدا على الحق الأبدى الخالد للمسلمين والمسيحيين والعرب فى القدس، والرسالة الثانية كانت من الملك سلمان بن عبد العزيز الذى جدد الاستنكار لقرار الادارة الامريكية المتعلق بالقدس، واشاد بالاجماع الدولى لرفض هذا القرار مؤكدا مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب، والجديد كان فى رسالة الرئيس الفلسطينى محمود عباس الذى أكد أن امريكا باتت طرفا فى الصراع مع اسرئيل ولا تتمتع بالمصداقية، ثم كانت رسائل الرئيس عبد التفاح السيسى والتى أراها أصابت كبد الحقيقة ووضعت النقاط فوق الحروف، حتى انها تناولت مالم يتم طرحه على القمة وكانت الشعوب العربية تنتظر أن يتم التطرق اليه باعتبار القمة جاءت بعد ليلة واحدة من العدوان الثلاثى ضد سوريا، فكان أن وجه الرئيس السيسى رسائل عدة أولاها أن الأمن القومى العربى يواجه تحديات غير مسبوقة، مايتطلب استراتيجية شاملة لمواجهتها، والرسالة الثانية أن دولا عربية تواجه لأول مرة منذ تأسيسها، تهديدا وجوديا حقيقيا، مؤكدا أن جيشا لدولة اقليمية فى اشارة الى تركيا موجود على أرض دولتين عربيتين سوريا والعراق ، فى حالة احتلال صريح لأراضيهما، كما أن اجتماعات تجرى لتقرير مصير التسوية للازمة السورية بدون مشاركة لأى طرف عربى، وكأن مصير الشعب السورى ومستقبله، بات رهنا بلعبة الأمم، وتوازنات القوى الإقليمية والدولية، وشدد السيسى فى رسالة خاصة على ضرورة إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، التى هى شرط ضرورى لخوض معركة التفاوض والسلام واسترداد الحق ومصر تعمل بدأب مع الاشقاء من أجل إنهائه، واختتم رسائله بالامل فى عودة المخطئين الى الصواب وترك دعم الارهاب، تلك هى الرسائل التى تمثل ايجابيات قمة القدسبالظهران ونتمنى أن يتم تنفيذها لتستعيد الجامعة بريقها وتعود الشعوب لتلتف حولها. لمزيد من مقالات أشرف محمود