محاربة الفقر، عدم المساواة الاجتماعية، وترسيخ دعائم الديمقراطية ..ملفات ضخمة وتحديات كبيرة تنتظر رئيس باراجواى القادم الذى سيتم اختياره خلال الانتخابات التى ستجرى فى البلاد أواخر الشهر الحالى. ويخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة كلا من ماريو عبدو مرشح حزب كولورادو الحاكم, وايفرين اليجرى مرشح الحزب الليبرالى المعارض. وكانت الساحة السياسية فى باراجواى قد شهدت مجموعة من المستجدات خلال الأشهر الماضية تمهيدا للانتخابات المقبلة بعد أن حاول البرلمان تمرير مشروع تعديل دستورى وافقت عليه الأغلبية يسمح بإعادة انتخاب الرئيس لفترة رئاسية ثانية . ودعمت الحكومة هذا التعديل الدستورى بينما انتقدته بطبيعة الحال المعارضة التى أصرت على ولاية رئاسية واحدة بموجب نص الدستور الحالى، وهو الأمر الذى بسببه واجهت البلاد موجه عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات احتل فيها المتظاهرون مبنى البرلمان وقاموا خلالها بتخريب مكاتب أعضاء المجلس المؤيدين للتعديل وأشعلوا النيران فيها, مرددين شعار «لا ديكتاتورية بعد الآن ». ولم يخمد هذه الاحتجاجات سوى إعلان أوراسيو كارتيس رئيس باراجواى الحالى إنه لن يترشح فى الانتخابات التى ستجرى فى 2018 بغض النظر عما إذا أقر البرلمان تعديلا يسمح بفترات جديدة أم لا ,فالدستور فى باراجواى يمنع الترشح لولاية ثانية منذ إقراره فى عام 1992 وذلك بعد سقوط الحكم الديكتاتورى للجنرال ألفريدو ستروسنر الذى استمر طيلة أربع عقود من القرن الماضي. غير أن كارتيس أبى أن يترك منصبه دون إحداث حالة من اللغط السياسى فى البلاد قبل اجراء الانتخابات بفترة قصيرة وذلك بعدما أقرت المحكمة الدستورية فى مارس الماضى بعدم وجود عقبة دستورية أمام ترشحه فى الانتخابات البرلمانية المقبلة وهو ما رفضته المعارضة معتبرة أن ترشيح كارتيس لا يتوافق مع الدستور الوطنى، حيث تنص المادتين 189 و 237 ، بأن الرئيس الحالى يجب أن تقتصر مهامه على وظيفته الرئاسية فقط وليس من حقه القيام بإجراء حملات انتخابية لمنصب آخر أثناء توليه المسئولية , وهو ما جعل ليو روبن المرشح لمنصب نائب الرئيس حال فوز ايفرين اليجرى بتقديم رسالة إلى السكرتير العام لمنظمة الدول الأمريكية ومقرها واشنطن يطالب فيها المنظمة بالتدخل لمراقبة الانتخابات خوفا من حدوث أى انتهاكات تشوب العملية الانتخابية. ومن جانبه يرى ماريو عبدو ، ابن السكرتير الخاص للديكتاتور السابق ألفريدو ستروسنر والمرشح الرئاسى لحزب كولورادو الحاكم ذلك الحزب الذى هيمن على حكم البلاد منذ ما يقرب من سبعة عقود والذى تبنت حملته لهجة شعبية باستخدامها شعار «رئيس الشعب» . ضرورة دفع عجلة النمو الاقتصادى من خلال تشجيع الإصلاحات الاقتصادية والاستثمار الأجنبى والتدابير التقشفية، وفيما يتعلق بالأحوال الاجتماعية بالبلاد قدم وعودا بتحسين كفاءة القضايا المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم ,والعمل على النهوض بالبلاد التى يعيش نصف سكانها فى الفقر والذى استغلت حملته الانتخابية ارتفاع مستوياته بشكل طفيف فى فترة ولاية الرئيس الحالى كارتيس . وعلى الجانب الأخر يرى ايفرين أليجرى مرشح الحزب الليبرالى المعارض والذى خاض الانتخابات الرئاسية السابقة فى عام 2013 وخسرها بفارق 9 % لصالح الرئيس الحالى انه فى حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية القادمة سوف يسعى إلى تحقيق العدالة وتعويض ضحايا الديكتاتورية التى تدعمها الولاياتالمتحدة .وتعتمد خطة اليجرى على القيام بتغييرات فى النظام الضريبى على القطاع الزراعى والذى يعد قضية بالغة الأهمية فى باراجواى تلك الدولة التى ليس لها أى منافذ بحرية و يعتمد اقتصادها إلى حد كبير على صادرات فول الصويا الخام ولحوم الأبقار، حيث تحتل باراجواى المركز العالمى الرابع فى تصديره. ويعيش 40 فى المائة من سكان باراجواى تحت خط الفقر . كما أكد ايفرين أليجرى أيضا انه سيكون أكثر حذرا فى عمليات الاقتراض الخارجى قائلا «إن مديونية الحكومة وصلت إلى حد لم يسبق لها مثيل فى تاريخ باراجواى، كما أنها لم تحقق النتائج المرجوة منها «. وأضاف أليجرى «أنه بالتأكيد سوف نحتاج إلى موارد لتمويل مشاريع التنمية، من خلال القروض أو إصدار السندات، ولكن سيكون مع سياسة أكثر تحفظا على توازن الاقتصاد الكلى». ويرى المحللون للانتخابات الرئاسية فى باراجواى أن كلا من المرشحين يؤكدان فى تصريحاتهما على تحفيز الاقتصاد من خلال الاستثمار الأجنبى و اتخاذ تدابير التقشف اللازمة، غير أنهما فى الوقت نفسه لم يقدما وعودا واضحة فيما يتعلق بقضايا الرعاية الصحية والتعليم.تجدر الإشارة إلى أن الناخبين الذين يحق لهم التصويت فى الانتخابات المقبلة لاختيار الرئيس ونائبه وأعضاء البرلمان ومحافظين ومسئولين آخرين فى جولة واحدة لا يتجاوزا عددهم نصف عدد السكان.