تنص المادة ال140 من الدستور الحالى الصادر عام 2014 على أن: «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالى بانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»... هذه المادة تعتبر نصرًا كبيرًا للديمقراطية فى مصر، لأن كل الدساتير السابقة على مدى 62 عامًا- منذ قيام ثورة يوليو 1952 كانت تترك الباب مفتوحًا لإعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى دون تحديد، ولذلك استطاع الرئيس السابق حسنى مبارك أن يظل فى الحكم لمدة ثلاثين عامًا متصلة. والدساتير السابقة كانت تحدد مدة الرئاسة بست سنوات، فجاء الدستور الحالى ليجعل مدة الرئاسة أربع سنوات فقط تجدد لمرة واحدة. وهذه الصيغة بالذات (أربع سنوات تجدد لمرة واحدة فقط) هى التى تأخذ بها حاليًا دساتير أكبر الدول فى العالم مثل: الولاياتالمتحدةالأمريكية، وروسيا، وفرنسا. لقد استقر رأى الفقهاء ورجال السياسة فى هذه الدول الكبرى على أن مدة ثمانى سنوات لأى رئيس دولة كافية جدًا لأن يحقق لدولته ما يتمناه. ويؤكد هذه النظرية السياسية أن الرئيس السابق حسنى مبارك استمر فى الحكم ثلاثين عامًا متصلة كانت مصر فيها تكاد تكون فى سبات عميق!.. وجاء الرئيس السيسى ليحقق فى أربع سنوات فقط ما لم نكن نتوقعه من إنجاز مشروعات وطنية كبري. وهذا هو الذى سيدفع ببعض المحبين للوطن وللرئيس السيسي، أن يبدأوا خلال الفترة القادمة باقتراحات من أجل تعديل دستورى لهذه المادة بالذات، بهدف إما فتح الباب أمام مدد الرئاسة أو بجعل مدة الرئاسة ست سنوات بدلاً من أربع سنوات. ولكن هؤلاء المخلصين للوطن وللرئيس السيسى نسوا أن الرئيس السيسى نفسه هو أول من سيرفض هذه الاقتراحات بتعديل المادة ال 140 من الدستور، ذلك أن هذه المادة بالذات جاءت بنفس النص فى الإعلان الدستورى الصادر فى 30مارس 2011 الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي، وهو المجلس الذى آلت إليه سلطة حكم البلاد عقب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى فبراير 2011. و هناك نظرية قانونية سائدة بين فقهاء القانون والدستور الذين يعرفون قدر الدساتير- تحذر من محاولة إدخال أى تعديل على مواد الدستور الجديد قبل فوات 10 سنوات على الأقل من تطبيق هذا الدستور على أرض الواقع، حتى تكون معالمه قد ظهرت بوضوح كامل ونضجت على نارٍ هادئة. وهذه المادة (140 من الدستور الحالي) تعتبر قفزة ديمقراطية رائعة لمصر، وتضعها فى مصاف الدول الديمقراطية على مستوى العالم. والذى لا شك فيه أن هذه المادة ستعمل على تنشيط الحالة السياسية والحزبية فى مصر بشكل كبير خلال الفترة القادمة، والدليل على ذلك أن بعض الأحزاب السياسية قد بدأت بالفعل بالاستعداد من الآن للانتخابات الرئاسية القادمة بعد أربع سنوات. لمزيد من مقالات فؤاد سعد