مظاهر الغضب التى بدت على قسمات وجه الرئيس السيسى خلال القمة العربية الأخيرة، والحزم الذى انطلقت به كلمات خطابه لم تكن تعبر فقط عن الاستياء من التردى غير المسبوق لأوضاع الأمن القومى العربى أمام أخطر تحديات تواجهها الأمة منذ الاستقلال فى مواجهة طابور من القوى الكبرى والإقليمية التى تطمع فى موطئ قدم ونفوذ على أنقاض منطقة تواجه تهديدا وجوديا مسعورا. بالتأكيد، الرئيس يعلم كما يعلم المراقبون للتطورات الدراماتيكية للتدخلات الأجنبية بالمنطقة والتى أخذت وتيرة متسارعة منذ غزو العراق للكويت، أن المخطط الغربى لابتلاع المنطقة لا يستثنى أحدا، وأن سقوط العراق وليبيا واليمن والإجهاز حاليا على سوريا ليس نهاية المطاف أمام الذئاب الجائعة التى لاتكاد تنفرد بفريستها قبل أن تجهز عليها حتى تولى وجهها نحو البرية بحثا عن ضحية أخري. مصر إذن ليست بعيدة عن المؤامرة، بل هى جوهرة التاج التى تحتل قلب مخططات أجهزة الحرب والاستخبارات الغربية ليقين لا يتزعزع بأن ضرب القلب سيسقط الجسم المترنح للأبد، لذلك ندعو الله أن يلهم المشككين فى جدوى تعزيز قدراتنا العسكرية,البصيرة وأن يتوقفوا عن الانتقاص من قدر السياسات والإجراءات التى تتخذها الدولة لحماية الأمن القومى، لأن لديها بالتأكيد رؤية متكاملة، حاضرة ومستقبلية لحجم التهديد الوجودى للقوى الاستعمارية التى بالطبع ليست لديها قائمة للدول المستثناة من أطماعها. الغرب صوب بالفعل ومن زمن قوته الناعمة نحو مصر,ولعل الشراسة التى تنتهجها آلته الإعلامية ضدنا منذ الإطاحة بالإخوان من حكم البلاد والتى تفوق فى شرها واستفزازاتها ضراوة العداء منذ العدوان الثلاثى 1956, تمثل دليلا دامغا على أن استهداف المحروسة يسير وفق المخطط بل ربما لا نتجاوز فى التقدير إن اعتبرنا أن المخططات الأجنبية فى هذا الشأن قطعت شوطا طويلا، وربما يداهمنا المستعمر بحقيقة أطماعه بلا مواربة أو اقنعة خلال وقت قريب. ونحن كمصريين بحاجة لإعادة صياغة العلاقات فيما بيننا واستعادة ملاحم حب الوطن من جديد وترك صراعاتنا على لقمة العيش جانبا. لأن فى وقت الخطر ربما لن توجد حتى هذه اللقمة !