د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    كم سجل عيار 21 الآن بعد آخر تراجع فى سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025؟    سعر الدولار والريال السعودي أمام الجنيه قبل بداية تعاملات الأربعاء 22 أكتوبر 2025    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    محمد عامر: الجونة تضم 18 فندقًا و670 محلًا تجاريًا بينها 110 مطاعم    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    اسعار الحديد فى أسيوط الاربعاء 22102025    أسعار اللحوم فى أسيوط الاربعاء 22102025    سفيرة قبرص بالقاهرة: مصر خيارنا الأول.. ولو كان بوسعنا اختيار جيراننا لاخترناها    إلغاء مباراة برشلونة وفياريال فى ميامى.. والبارسا يصدر بيانًا رسميًا    وزير الخارجية الأمريكي يبلغ رئيس وزراء العراق ضرورة نزع سلاح الفصائل الموالية لإيران    إخلاء مقر حاكم ولاية وايومنغ الأمريكية بعد العثور على عبوة ناسفة    هولندا تؤيد البيان الأوروبي الداعي لوقف إطلاق النار في أوكرانيا    القيادة المركزية الأميركية تفتتح مركز تنسيق مدني عسكري لدعم غزة    مجلس الشيوخ الأمريكي ينتظر قرار البيت الأبيض لتمرير قانون العقوبات ضد روسيا    «تجاوز لخط أحمر إسرائيلي».. نتنياهو يرفض الوجود التركي في غزة (تفاصيل)    ترامب عن تأجيل لقائه مع بوتين: لا أريد "اجتماعًا فارغًا"    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    الشباب والرياضة تنهى إجراءات تسليم وتسلم إدارة نادى الإسماعيلى للجنة المؤقتة    هشام حنفي: الأهلي أقوى من بيراميدز.. وخسارة الأحمر كانت «ظروف مباراة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    المدير التنفيذي للزمالك يكشف كواليس فشل الجمعية العمومية وأسرار الأزمة المالية    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    ارتفع عدد مصابي حادث طريق أبوسمبل السياحي ل13 شخصاً.. صور    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    «حافظوا على سلامتكم».. تحذير من حالة الطقس اليوم: ظاهرة جوية «خطيرة»    أخبار × 24 ساعة.. شروط التقديم فى حج الجمعيات الأهلية 2026    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    شاب يطعن زميله بسكين في قرية كفور النيل بالفيوم    الحماية المدنية تسيطر على حريق تدوير مخلفات شرق الإسكندرية    تشييع جثمان شاب بأسيوط ضحية انهيار بئر في محافظة المنيا    ريهام عبدالحكيم ومحمد الحلو يتألقان فى مهرجان الموسيقى العربية    أخبار سعيدة من مكان بعيد.. حظك اليوم برج الدلو 22 أكتوبر    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    فيديو.. مصطفى الفقي: الأدباء والمثقفون شاطوا بعد تعيين فاروق حسني وزيرا للثقافة    فيديو.. أسامة كمال يعلق على سرقة متحف اللوفر: اللي بيجي بالساهل بيروح بالساهل    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    أبرزها الموز والزبادي.. أطعمة تجنب تناولها على الريق    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    أحمد موسى عن استقبال الجاليات المصرية للرئيس السيسي فى بروكسل: مشهد مهيب غير مسبوق    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد المصرى فى سبعين عاما
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 04 - 2018

الاقتصاديون متفقون فيما بينهم على اعتبار المؤشرات الثلاثة الآتية معايير جيدة للحكم على الأداء الاقتصادى لدولة ما، فى فترة معينة:
1 معدل نمو الدخل (أو الناتج) القومى للفرد الواحد
2 مدى التحسن أو التدهور فى البنيان (أو الهيكل) الاقتصادي، أى نوع التغيير فى مكونات الناتج القومي، كزيادة نصيب الصناعة مثلا أو انخفاض فى إجمالى الناتج، أو ارتفاع أو انخفاض نصيب قطاع الخدمات على حساب نصيب الصناعة
3 مدى التحسن أو التدهور فى توزيع الدخل: هل زادت الفجوة بين الطبقات الاجتماعية أم نقصت؟
فإذا طبقنا هذه المعايير الثلاثة على ما حدث للاقتصاد المصرى خلال السبعين عاما الماضية (أى فيما بين 1948 و2018) كان من الممكن القول، فيما اعتقد، إن أفضل الفترات هى فترة (1956 1965) أى السنوات التسع الواقعة بين تأميم قناة السويس وانتهاء سنوات الخطة الخمسية الأولي. ففى هذه الفترة تراوح معدل نمو الدخل للفرد الواحد بين 6% و7%، وهو ما لم يبلغه قط فى الخمسين عاما السابقة على الأقل، ولم يبلغه بعد ذلك إلا فى السنوات العشر التالية للانفتاح الاقتصادى (أى خلال 75 1985)، ولكن هذه السنوات العشر شهدت تدهورا فى البنيان الاقتصادي، إذ تراجع نصيب الصناعة بشدة لمصلحة قطاع الخدمات. أما توزيع الدخل فقد شهد تحسنا ملحوظا فى تلك الفترة (56 1965) التى رفعت فيها شعارات «الاشتراكية العربية»، ثم أصاب توزيع الدخل تدهور ملحوظ منذ ذلك الحين.
لابد أن يلاحظ المرء أن هذه الفترة (56 1965) التى شهدت تحسنا كبيرا فى هذه المؤشرات الثلاثة (معدل النمو ومعدل التصنيع وتوزيع الدخل)، اتسمت أيضا باشتداد ساعد الدولة وقيامها بدور مهم فى توجيه النشاط الاقتصادي، على عكس ما سمى نظام الحرية الاقتصادية الذى ساد قبل ذلك، وعلى عكس ما ساد فى عهد الانفتاح بعد هذه الفترة لابد إذن أن نعترف باقتران تدخل الدولة فى مصر فى هذه الفترة بتحسن الأداء الاقتصادي، على الرغم من الزعم الشائع، منذ ذلك الحين، ليس فقط فى مصر بل وفى العالم ككل، بأن السياسة الاقتصادية المثلى هى تلك التى تترك الأمور للقطاع الخاص ويتقلص فيها دور الدولة إلى أقل قدر ممكن.
هذا الاعتقاد الشائع ليس فى نظرى إلا «موضة» من موضات الفكر الاقتصادي، التى تنتشر فى فترة وتختفى فى أخري، دون أن يكون لذلك مبررات قوية، بل يستند فقط إلى درجة القوة أو الضعف التى يتسم بها النشاط الخاص بالمقارنة بالقطاع العام والتدخل الحكومي. هذا التقلب فى سمعة النشاط الخاص ودور الدولة قد يرجع إلى أسباب سياسية دون سند قوى من الواقع. ففى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى تمتع المعسكر الاشتراكي، وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي، بسمعة اقتصادية طيبة (حتى وإن اشتد الهجوم عليه بسب غياب الديمقراطية)، ثم أدى سقوط الاتحاد السوفيتى وتفكك الدول السائرة فى فلكه، إلى شيوع الهجوم على التدخل الشديد من جانب الدولة إلى حد أن زعم البعض (كما ذهب فوكوياما فى كتابه الذائع الصيت: نهاية التاريخ) بسقوط الاتحاد السوفيتى انتهى إلى الأبد عصر الأيديولوجيات، وبالذات عصر تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادي. شاع منذ ذلك الحين القول بمزايا الانفتاح الاقتصادى على العالم، ورفض ما تفرضه الدولة، أى دولة، من حماية لاقتصادها، ومن ثم شاع الاعتقاد بأن أى شيء تفعله الدولة لابد أن يكون ضرره أكثر من نفعه، وبأن ترك الحرية الكاملة للقطاع الخاص لابد أن يكون هو السياسة المثلي.
حدث هذا فى مصر كما حدث فى غيرها، بل أصاب الصين كما أصاب الدول الأخري، وها نحن نعيش الآن فى ظل هذا الاعتقاد الذى لا يكاد يجرؤ أحد على تحديه.
هل يمكن تفسير انتشار هذا الاعتقاد باشتداد ساعد الشركات المتعددة الجنسيات، ابتداء من أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وسيطرتها المتزايدة على وسائل الإعلام؟ إننى أرجح أن هذا هو التفسير الصحيح.
هذا التزايد فى قوة الشركات المتعددة الجنسيات لا يعنى أن هذه الشركات تستحق ما حصلت عليه من مكاسب، إذ قد يكون ما تحققه هذه الشركات من أرباح على حساب العمال أو المستهلكين أو كليهما معا. إذ إن هذه المكاسب لم تتحقق مقابل خدمات حقيقية تقوم بتقديمها، بقدر ما كان نتيجة لمحض القوة، أى قدرتها على ترويض المستهلكين وقهر العمال: ترويض المستهلكين على شراء الكثير مما لا يحتاجون إليه، قهر العمال بإجبارهم على قبول أجور أقل من مساهمتهم الحقيقية فى الإنتاج.
ها قد تحولت السياسة الاقتصادية فى مصر، خلال السبعين عاما الماضية من الشيء إلى نقيضه، فتراخى بشدة دور الدولة فى الاقتصاد وزاد بشدة دور النشاط الخاص، ولكن ليس هناك ما يؤكد أن هذا التحول باق إلى الأبد.
إن السياسة الاقتصادية فى مختلف الدول تتغير كما تتغير الموضات، فقد نفاجأ بأن يعود دور الدولة إلى ما عهدناه منذ ستين عاما، فى رسم السياسة الاقتصادية وتوجيه النشاط الخاص وتشغيل العمال وإعادة توزيع الدخل. قد يحدث هذا عندما ينتشر السخط على أداء الشركات الخاصة فى إشباع حاجات الناس الأساسية، وعلى تأثيرها المتزايد فى وسائل الإعلام بل وحتى فى نظم التعليم. ومن ثم لا يجب أن نستغرب أن نجد الدولة فى مصر وقد استعادت دورها القديم فى الاقتصاد القومى وأن يستمر ذلك طالما شعر الناس بأنها تحقق وظائف ضرورية فى خدمة الناس.
لمزيد من مقالات ◀ د. جلال أمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.