وسط حرب كلامية واتهامات متبادلة بين سورياوروسيا من جانب والولاياتالمتحدة وحلفائها من جانب آخر، عقد مجلس الأمن مجددا اجتماعا طارئا أمس بناء علي طلب موسكو لمحاولة نزع فتيل الأزمة السورية بعد مزاعم أمريكية حول استخدام نظام الرئيس السورى بشار الأسد السلاح الكيماوى في مدينة دوما بالغوطة الشرقية في 7 أبريل الحالى، بينما ظهرت مؤشرات تراجع فى حدة الموقف الأمريكى بعدما أعلن البيت الأبيض عدم اتخاذ قرار بعد حول كيفية الرد على الهجوم الكيماوى المفترض عقب اجتماع لا يخلو من صعوبة مع مستشارى الأمن القومى الأمريكى، وهو نفس الموقف الذى كررته المندوبة الأمريكية فى الأممالمتحدة. وخلال جلسة مجلس الأمن، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن التوتر المتصاعد بين القوى الكبرى قد يفضي إلى تصعيد عسكري شامل في سوريا، وحث مجلس الأمن الدولي على التحرك بمسئولية في هذه الظروف الخطيرة. ومن جانبها، حذرت سوريا الدول الغربية من أنه «لا خيار امامها» سوى الدفاع عن نفسها في حال تعرضت لهجوم، مشيرة إلى المادة 51 من ميثاق الاممالمتحدة التي تقر بحق اي دولة في الدفاع عن نفسها اذا تعرضت لهجوم. وقال بشار الجعفري السفير السوري لدى الاممالمتحدة: «هذا ليس تهديدا، إنه وعد، اذا نفذت الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا ضربة عسكرية لن يكون لدينا خيار سوى تطبيق المادة 51 التي تمنحنا الحق في الدفاع عن انفسنا». واتهم فاسيلي نيبنزيا المبعوث الروسي لدى الأممالمتحدةالولاياتالمتحدة بتبني سياسة صريحة لبث الرعب في سوريا. وقال نيبنزيا، خلال اجتماع مجلس الأمن، «تبنت واشنطن سياسة صريحة لإطلاق العنان لسيناريو عسكري ضد سوريا. ولا يمكن التهاون مع هذا. إن التهديد باستخدام القوة ينتهك ميثاق الأممالمتحدة. وهذا ما رأيناه في خطاب واشنطن وحلفائها». في الوقت نفسه، أبلغت نيكي هايلي السفيرة الامريكية لدى الأممالمتحدة مجلس الأمن بأنه لم يتم اتخاذ اي قرار حتى الآن بشأن عمل عسكري، لكنها اعتبرت ان اي استخدام للقوة سيكون ردا على الهجمات الكيمياوية المتكررة، التي تتهم الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا قوات النظام السوري بشنها، وهو الأمر الذى تنفيه دمشقوموسكو. وقالت هايلى «سيلحق الضرر بكل الدول وكل الناس اذا سمحنا بان يصبح استخدام الأسد للأسلحة الكيمياوية امرا طبيعيا». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن واشنطنولندن سيواصلان محادثتهما حول الحاجة إلى رد مشترك على استخدام سوريا «أسلحة كيمائية». وفى موسكو، أعرب وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف عن أمله فى ألا تتكرر أحداث ليبيا والعراق فى الصراع السوري، مضيفاً أن بلاده لديها «وقائع دامغة تثبت أن هجوم دوما الكيماوى «مسرحية» شاركت أجهزة مخابرات أجنبية فى إعدادها. وأضاف أن أصغر خطأ فى الحسابات فى سوريا قد يؤدى إلى موجات جديدة من المهاجرين وأن لغة الإنذارات والتهديدات لا تخدم الحوار. من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الروسى أركادى دفوركوفيتش إن العلاقات الدولية يجب ألا تعتمد على مزاج شخص واحد عندما يستيقظ صباحا، فى إشارة واضحة إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. ونقلت وكالة تاس للأنباء عن دفوركوفيتش قوله «لسنا مستعدين لمثل هذه المخاطرات». فى لندن، اعتبر زعيم حزب العمال المعارض فى بريطانيا جيريمى كوربين أنه ينبغى على بريطانيا السعى لإجراء تحقيق مستقل تقوده الأممالمتحدة، بدلا من انتظار تعليمات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مشدداً على ضروة أخذ رأى البرلمان قبل أى عمل عسكري. وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماى قد حصلت على تأييد كبار أعضاء حكومتها لاتخاذ إجراء لم يتحدد لردع الحكومة السورية. فى حين قال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن برلين ستفعل ما بوسعها لمواصلة الضغط السياسى على روسيا فيما يتعلق بهجوم كيماوى مشتبه به فى سوريا. وأضاف أنه توجد «أدلة قوية» تشير إلى استخدام أسلحة كيماوية فى انتهاك للقانون الدولى وقال إن ألمانيا على اتصال وثيق مع الولاياتالمتحدة وحلفاء آخرين بشأن كيفية الرد. من جانبها، قالت ماريا أديبار المتحدثة باسم الخارجية الألمانية إن برلين تتفق مع حلفائها على أن استخدام الأسلحة الكيماوية يجب ألا يمر دون عقاب. ووسط حالة الاستنفار العسكري، نقل موقع إنسايدر عن وسائل إعلام روسية أن موسكو ستواجه الحرب المحتملة بعتاد عسكرى إلكترونى تتقدمه طائرة انذار مبكر، فضلاً عن محاولة إمكانية تعطيل الصواريخ الأمريكية بالتشويش عليها. ونقل الموقع أن «الجيش الروسى قد يستخدم ردا محدودا - باستخدام معدات الحرب الإلكترونية المحمولة جوا لمضايقة السفن الأمريكية، وإفساد الوصول إلى أهدافها. وعلى الجهة الأخري، تعيش العاصمة السورية دمشق حالة من الترقب الحذر منذ ثلاثة ايام حيث تشهد حركة خفيفة وخلت أغلب الشوارع ومداخلها الرئيسية من الازدحام المعتاد فى حين قامت الحكومة السورية بتجهيز مقرات طوارئ لإداراتها واخلاء العديد من المقرات الحكومية الهامة بالتوازى مع تخفيض عدد الموظفين فى كثير من الإدارات. وعمدت مؤسسات أخرى إلى تقليص عدد موظفيها الموجودين على رأس عملهم، وذلك من خلال منح غالبيتهم إجازة حتى بداية الأسبوع القادم. ميدانياً،استمر خروج دفعات جديدة تضم الآلاف من مقاتلى جيش الاسلام والمدنيين من مدينة دوما، ولا تزال عملية الإجلاء مستمرة تمهيداً لاستعادة قوات النظام كل الغوطة الشرقية قرب دمشق، يأتى ذلك فى وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 3500 مسلح خرجوا مع عائلاتهم من دوما فى الغوطة الشرقية عبر معبر مخيم الوافدين خلال ال24 ساعة الأخيرة.