المركز القومي للسينما له دور أكبر بكثير من إقامة المهرجان مهرجان الإسماعيلية الذي ينظمه المركز القومي للسينما، ذلك المارد النائم داخل جسد الفن السابع والرقابة علي المصنفات الفنية التي تثير الجدال الدائم للمنتجين الباحثين عن الربح لعرض الفيلم علي أكبر قطاع دون النظر لمضمونه أو طريقة تقديمه للجماهير، وعن السينما والمهرجانات كان الحوار مع د. خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما. عن افتتاح مهرجان الإسماعيلية مساء اليوم يقول عبد الجليل: هذا عرس سينمائي كبير تاريخيًا وفنيًا، فمهرجان الإسماعيلية هو مصنع السينمائيين المصريين بجميع مجالات وفنون السينما، لأنه يمنح الفرصة للشباب دائمًا ومشاهدة الأفكار العالمية، من خلال أفلام الآخر، وقد ساعد ذلك علي تفرد المهرجان بين مهرجانات مصر المختلفة بأنه متخصص في الأفلام التسجيلية بنوعيها الطويل والقصير مع الأفلام الروائية القصيرة، وهذا العام يحمل لنا خلاصة عشرين عامًا من إنجاز هذا المهرجان علي المستوي البحثي والنقدي والسينمائي إيضًا، فهي دورة استثنائية بكل المقاييس، وتؤكد أن هذا المهرجان استطاع إن يصنع لنفسه تاريخًا ومكانة. ويضيف رئيس المركز القومي للسينما منظم المهرجان، والجديد هذا العام يتمثل في إنشاء ناد سينما مستمر طوال العام لأهل الإسماعيلية، بعدما أتاح اللواء ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية مقرا دائما للمهرجان في المدينة، وقد استطعنا استغلال ذلك سريعًا واقمنا ورشة تعليم صناعة الفيلم القصير لشباب المدينة منذ 25 مارس الماضي، والورشة مستمرة حتي الآن ونتاج الورشة سيظهر في فيلم سينمائي يجسد فكرهم بحفل ختام المهرجان الذي يقام في 17 أبريل الحالي، في نفس مكان حفل الافتتاح بقصر ثقافة مدينة الإسماعيلية. وفِي ظل انشغالك بالتحضيرات الكبيرة للمهرجان، كيف تدير الرقابة وهي تتعرض حاليًا لاعتراضات شتي من قبل المنتجين وخصوصًا في تحديد الفئة العمرية؟ الأزمة التي تواجهنا دائمًا فيما يتعلق بالتصنيف العمري هو عدم تفهم الكثيرين لطبيعة هذا النظام ومعاييره ومؤشراته، فنحن نخير المنتج وصناع العمل ما بين حذف لقطة أو بعض اللقطات التي ترفع من مستوي التصنيف في مقابل خفض الفئة العمرية، أو بقاء الفيلم كاملًا كما هو مع وضعه في تصنيفه العمري الذي يستحقه، والذي لا يؤثر بالسلب علي النشء والمراهقين، وعادة ما نجد مقاومة شديدة لفكرة الحذف من صناع العمل، وهذا أمر طبيعي ومقبول وأتفهمه كسينمائي، بل إنني أسانده وأدافع عنه، ثم نفاجأ بصناع العمل يبدأون في المساومة بعد التصريح بالفيلم من أجل خفض مستوي التصنيف العمري، ومن ناحيه أخري البعض لا يتفهم أن لقطة واحدة في الفيلم ترتبط بأي مؤشر من مؤشرات التصنيف العمري يمكن إن ترفع تصنيفه إلي مستوي أعلي، كما أن هناك بعض الأفلام قد لا يراها البعض تحتاج إلي أي تصنيف عمري وأنه يمكن أن تعرض عرضا عاما غافلين أن قضية الفيلم بحد ذاتها وموضوعه وهو أحد مؤشرات التصنيف العمري قد يخضعها لتصنيف عمري مرتفع. ويكمل ومن وجهة نظري الشخصية كأستاذ للسينما أن موجة الأفلام الشعبية التجارية التي داعبت شباك التذاكر بكل الوسائل، أثر سلبيًا علي سلوك النشء والمراهقين، بل امتد ذلك للشارع نفسه وكانت كل هذه الأفلام تعرض عرضا عاما قبل تطبيق نظام التصنيف العمري، المعمول بِه عالميًا منذ سنوات طويلة وجعلت بعض العاملين في الوسط السينمائي يعتقدون أن كل شيء مباح عرضه، ضاربين بعرض الحائط مفهوم ومنطق أن الفيلم السينمائي سلعة يجب أن تذهب إلي من يستطيع أن يستوعبها ويقيمها دون أن يكون من الشريحة العمرية التي تتأثر بلا وعي بما يسمي «السلوك المحاكي» عند النشء والمراهقين. وهل قرار المجلس الأعلي للإعلام بإنشاء لجنة الدراما برئاسة المخرج محمد فاضل تتعارض مع عمل الرقابة علي المصنفات الفنية؟ تمت دعوتي بصفتي رئيس الرقابة لحضور أول اجتماعات لجنة الدراما، وتم خلاله الاتفاق علي أن الجهة الوحيدة المسئولة عن المحتوي هي جهاز الرقابة علي المصنفات، وأن لجنة الدراما منوط بها فقط منع أي مسلسل لم يحصل علي تصريح من الرقابة علي المصنفات، وذلك باعتبار أنها تمتلك أدوات تستطيع من خلالها السيطرة علي الفضائيات وما يعرض فيها. السينماتيك فكرة مصرية كانت في دور التنفيذ قبل عامين، وحتي الآن لم تر النور، علي الرغم من تنفيذها في تونس والمغرب؟ السينماتيك حلم جميع السينمائيين منذ أكثر من نصف قرن وأكثر وإنشاء الأرشيف السينمائي حلم جميع السينمائيين إيضًا، لكن هذه المشروعات تعرضت لعقبات متنوعة حتي إنني أتذكر مقولة الراحل الكبير دكتور محمد القليوبي الذي ذكر في آخر ندوة حضرها في مهرجان القاهرة قبل الماضي، وكانت حول الحفاظ علي التراث السينمائي المصري حيا، قال «إننا كدنا نصنع أرشيفًا عن محاولات صنع الأرشيف» وكان صادقًا في ذلك فقد رحل سمير فريد ومحمد القليوبي وقبلهما كثيرون وهم يحلمون بالسينماتيك والإرشيف المصري، ومن عام 2008 وأنا احمل هذه الرسالة منذ أن توليت مسئولية المركز القومي للسينما وكادت المحاولة الأولي تكتمل ولكن حدثت ثورة يناير وانفصلت وزارة الآثار عن وزارة الثقافة وتوقف المشروع نهائيًّا، حتي استعادت وزارة الثقافة أصول السينما المصرية بعد رحلة طويلة دعمني فيها السينمائيون بجميع توجهاتهم واتجاهاتهم وتقدمت بمشروع مدينة السينما لإنشاء السينماتيك والأرشيف والمتحف بأرض مدينة الفنون بالهرم وهو المشروع الذي نعمل عليه حاليا، وهل الأمل في المستقبل السينمائي. السينما في مقدمة أولويات الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، التي تقدم من يومها الأول في الوزارة كل الدعم والمساندة للسينما المصرية ومهرجاناتها المختلفة ما هي أهم الخطوات الحاليّه ؟ بالفعل الدكتورة إيناس الفنانة قبل الوزيرة وضعت ملف السينما في مقدمة أولوياتها وفِي أقل من ثلاثة أشهر علي توليها المنصب سارعت في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإنشاء قطاع السينما بوزارة الثقافة، والذي يعيد إلي المركز القومي للسينما كل صلاحياته التي تجعله رمانة ميزان حقيقية لكل ما له علاقة ما بين الدولة والصناعة، وأعتقد أننا علي بعد خطوات من هذا الحلم الكبير، كما سارعت بمخاطبة الجهات المعنية بالدولة للحصول علي الدعم المالي اللازم لإنشاء وحدة تنمية صناعة السينما وأيضًا أنهت جميع الإجراءات المتعلقة بإنشاء شركة السينما، وكذا إعادة هيكلة جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية. واستطرد دكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما: لقد ذكرت أكثر من مرة أن وزارة الثقافة أنهت كل ما تستطيع أن تقدمه لملف السينما سواء علي مستوي الاستراتيجية أو المشروعات ولكن الكثيرين يغفلون أن السينما كصناعة ترتبط بشكل أصيل بخطوات ومهام هي صلاحيات أصيلة لوزارات أخري كالمالية والاستثمار والتعاون الدولي، بل تمتد إلي أدوار المنوط بها مصلحة الضرائب ووزارة الصناعة بالإضافة إلي المحافظات والمحليات إيضًا، أما تصور أن الكرة بالكامل في ملعب وزارة الثقافة فهذا بعيد تماما عن مفردات الصناعة وآلياتها وتفعيل مؤسساتها.