لفت نظري هذا الخبر في أهرام الأحد5 أغسطس والذي يحذر فيه مجلس أمناء جامعة النيل من استغلال مدينة زويل لمباني وأرض الجامعة علي اعتبار أنها تبدو وكأنها قد ورثتها بعد ثورة يناير, وهي الوراثة التي تعكس سلوكا مصريا يتكرر بالكربون في مجتمعنا.. سلوك يهدم كل ما سبقه في سبيل اقامة مشروعه هو حدث ذلك ويحدث في العديد من المناسبات في مصرنا الحبيبة, وقد بدأ هذا الصراع منذ عدة سنوات عندما عاد الدكتور أحمد زويل إلي مصر في نهاية التسعينيات بعد تتويجه بجائزة نوبل في الكيمياء, حينما عرض عالمنا الكبير علي الدولة إقامة مشروعه العلمي الكبير لخدمة مصر, ورحبت الدولة حين ذاك وخصصت لمشروعه قطعة أرض ووضعت له حجرا للأساس, ثم خفتت الفكرة مع تولي الدكتور أحمد نظيف رئاسة الوزراء منذ عقد من الزمن, واستبدل مشروع جامعة النيل الأهلية بمشروع مدينة زويل علي ما يبدو, وقدمت الدولة كل الدعم لمشروع هذه الجامعة علي حساب مشروع زويل دون تقديم تفسير منطقي لتفضيل هذا علي ذاك, ولا لماذا يكون المشروع الجديد علي حساب مشروع سبقه, ولأن الأيام دول والتاريخ يعيد نفسه بدرجة مدهشة في بلدنا الحبيب, فقد قامت ثورة52 يناير حيث لا يحتسب أحد. ولأن الثورة قد غيبت من دعموا مشروع جامعة النيل وعادت باسم الدكتور زويل إلي واجهة الأحداث, فقد عاد البعض لممارسة هوياتهم التليدة في شطب ما يتعلق بجامعة النيل وهي نزعة انتقامية قبلية بدائية تتنافي مع أبسط قواعد المنطق الذي يجب أن يصب في مصالح البلاد في كل الأوقات, فرد مشروع زويل الصاع لجامعة النيل, وبدا الأمر وكأن الحق قد عاد لمن هضم حقه من البداية, لكن يفوت علي الجميع أن هناك حقائق علي الأرض قد غيرت من طبيعة الصراع, فجامعة النيل وبغض النظر عن طبيعة الخلاف أصبحت حقيقة واقعة وبها طلابها وأساتذتها وهو الواقع الذي لا يمكن اهماله او غض الطرف عنه. ومدينة زويل تمثل حلما كبيرا لمصر يجب عدم تفويت فرصة تحقيقه. والمشروعان أصبحا بعد الثورة ملكا لكل المصريين, ويجب الحفاظ علي كليهما معا, وأنني في الحقيقة مندهش لهذا الصراع المحتدم بين المؤسستين وأري أن تعاونهما واندماجهما معا اكبر بكثير من هذا الصراع العبثي, فهما في النهاية من مصر ولمصر, ولو ان المؤسسات تعمل فعلا لمصلحة مصر لتلاقت فكرتاهما عند المشترك بينهما وهو كثير, لكنها الثقافة المصرية والسلوك الأناني المعيب الذي عانينا ونعاني منه كثيرا, هذا السلوك الذي يجعلنا نستبدل ثورة يناير بثورة يوليو بدلا من الاعتزاز بالاثنتين, وهو السلوك نفسه, الذي يجعلنا نقيم مدينة زويل علي أنقاض جامعة النيل دون التمسك بالاثنين. وهو السلوك نفسه الذي يجعلنا نمحو اسم الرئيس السابق من واجهة مدينة مبارك للأبحاث العلمية, ومن أدبيات مشروع مبارك كول للتعليم الفني, وكأن التاريخ يكتبه أصحاب الهوي, وهو ذات السلوك الذي يجعلنا لا ننتهي من مشروع لتطوير التعليم أبدا لأننا نبدأ كل مشروع جديد علي أنقاض ما سبقه, يا أيها الناس علي ماذا تتقاتلون إن كنتم تعملون جميعا لمصلحة مصر؟ د. أحمد الجيوشي أستاذ بجامعة حلوان