رغم مرور 23 عاما على رحيل صالح سليم "المايسترو" رئيس النادي الأهلي الأسبق، كما لقبته الجماهير، إلا أن ذكراه العطرة لا تزال حية وخالدة في قلوب كل محب وعاشق للقلعة الحمراء. قد كان صالح سليم أيقونة للإدارة الناجحة، حيث وضع أسلوبا فريدا ارتكز على إعلاء مصلحة النادي الأهلي فوق كل اعتبار، وتغليب قيمه ومبادئه الراسخة في جميع المواقف والقرارات. "الأهلي فوق الجميع".. تلك المقولة الخالدة التي أطلقها صالح سليم، أصبحت شعارا يتردد على ألسنة الأهلاوية جيلا بعد جيل، تعكس مدى عشقه وتفانيه لناديه. كما ارتبط بعلاقة وثيقة بالجماهير من خلال كلماته الصادقة: "الأهلي ملك لمن صنعوه ومن صنعوه هم مشجعوه"، مؤكدا على الدور المحوري للجماهير في كيان النادي. ولد صالح سليم في 30 سبتمبر 1930، وبدأ مسيرته الكروية في صفوف ناشئي الأهلي عام 1944، ليشق طريقه سريعا نحو الفريق الأول في نفس العام، ويستمر في التألق بقميص الأحمر حتى عام 1963. خاض تجربة احترافية قصيرة في نادي جراتس النمساوي، ثم عاد ليختتم مسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات مع الأهلي عام 1967. حقق صالح سليم العديد من الألقاب والبطولات التاريخية مع الأهلي كلاعب، حيث توج ب20 بطولة متنوعة (11 دوري، 8 كأس مصر، كأس الجمهورية المتحدة)، بالإضافة إلى إنجازاته اللافتة مع المنتخب الوطني. ولا يزال اسمه محفورًا في سجلات التاريخ كصاحب الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في مباراة واحدة بالدوري، وذلك بتسجيله سبعة أهداف في مرمى الإسماعيلي عام 1958. وكانت مباراة الطيران عام 1966 هي آخر محطاته كلاعب بقميص الأهلي. على الصعيد الدولي، انضم صالح سليم للمنتخب الأول عام 1950، وشارك في 24 مباراة دولية سجل خلالها خمسة أهداف، وقاد الفراعنة للتتويج بلقب كأس الأمم الأفريقية عام 1959 بالقاهرة، كما شارك في أولمبياد روما 1960، وكان آخر ظهور له بقميص المنتخب في بطولة الأمم الأفريقية عام 1962 بأديس أبابا. بعد اعتزاله اللعب، اتجه صالح سليم إلى العمل الإداري داخل النادي الأهلي، حيث تولى منصب مدير الكرة في عامي 1971 و1972، ثم قرر خوض انتخابات مجلس الإدارة، ليترشح بعدها لرئاسة النادي وينجح في الفوز بالمنصب عام 1980، واستمر رئيسًا للقلعة الحمراء حتى عام 1988. وبعد فترة من الابتعاد، عاد مرة أخرى لرئاسة النادي عام 1990 استجابة لظروف الفريق وحاجة الجماهير لخبرته وحكمته. لم تقتصر حياة صالح سليم على كرة القدم والإدارة فقط، بل امتدت لتشمل عالم الفن والسينما، حيث شارك في عدة أفلام مميزة تركت بصمة في تاريخ السينما المصرية، مثل "الشموع السوداء"، و"السبع بنات"، و"الباب المفتوح". في صراع مرير مع المرض، انتصر السرطان على الأسطورة صالح سليم عام 1998، حيث تفشى المرض في الكبد والمعدة. ورغم محاولات العلاج، تدهورت حالته الصحية حتى دخل في غيبوبة، لتأتي النهاية بوفاته في مثل هذا اليوم من عام 2002 عن عمر يناهز 72 عاما تاركا خلفه تاريخا مجيدا سيظل محفورا في ذاكرة كل أهلاوي.