نجح مهرجان الأقصر السينمائى السابع بجدارة. وحفل بمجموعة مهمة من الأفلام الإفريقية التى حللت واقع القارة السمراء وأهم طموحات شعوبه وأهم آلام مواطنيه. وقد نجح رئيس المهرجان السيناريست سيد فؤاد مع مديرته عزة الحسينى فى أن يجعلا مهرجانهما من ضمن نخبة أهم الفعاليات الثقافية بمصر. حافظ مهرجان الأقصر على التزامه الأساسى الذى بنى عليه منهجه وهو الانتصار لانتماء مصر الإفريقى والمساهمة الفعالة فى إعادة دور مصر الحيوى بجيرانها فى القارة الأقدم. بدأ المهرجان بجرأة كان يحسد عليها باقتحام العالم الصعب والمركب للسينما الإفريقية. المرتبطة بالإنتاج الأوروبى المشترك تارة, والتى تنتج فى بلاد لا تمتلك أسس صناعة سينما قوية تارة أخرى. وبالتالى كان صنع مهرجان للسينما الإفريقية مغامرة كبيرة لوجود تحد سنوى لعدم وجود افلام جيدة كافية. لكن عاما وراء الآخر تدرب فريق العمل واكتسب اصحابه الخبرة والعلاقات وطوروها بذكاء واحترافية, حتى أصبح مهرجان الأقصر علامة جودة مميزة لأغلب السينمائيين الأفارقة. أعتبر نفسى من قلائل المتخصصين فى السينما الإفريقية بمصر. ظروف كثيرة جعلتنى كذلك. كمشاركتى دائما منذ ربع قرن بأغلب المهرجانات فى قلب إفريقيا وأهمها فسباكو أهم وأكبر مهرجان إفريقى. وكذلك عملى كمراسل للمجلة الدولية شاشات إفريقية. وآخرها انتخابى منذ أربع سنوات سكرتيرا إقليميا للاتحاد الإفريقى للسينمائيين المشابه فى أهميته لاتحاد الكرة الإفريقى. ولذلك. أستطيع أن أقول إننا نستطيع بكل قوة فى مصر أن نفخر بهذا المهرجان. فهو ليس مجرد منتدى لعرض الأفلام الجيدة أو استضافة بعض الضيوف. لكنه احتفال حقيقى بالإنسان. للمهرجان ست مسابقات تتسابق فيها الافلام الطويلة والقصيرة والتسجيلية وأفلام الحريات. وكلها مهمة ماعدا، ربما، مسابقة قومية مستحدثة لأفلام الطلبة. ليس هذا دور المهرجان ولا تلك مهمته. قد تكون مهرجان المهرجان القومى أو مهرجان الإسماعيلية. لانريد للمهرجان الذى نقدره أن يحيد عن هدفه. فالأفضل له أن يركز فى مهمته الجليلة. منها مثلا أنه يصنع ورشا تعليمية لشباب الصعيد المحرومين من تعليم الفنون. وأهمها ورشة صناعة الفيلم المستقل الذى قادها لسنوات أسطورة السينما الإفريقية الإثيوبى هايلى جريما وأكملها هذا العام موهوبنا الكبير المخرج خيرى بشارة. وورشة تمثيل للمخرج المصرى المقيم بأمريكا جمال ثابت. وحتى ورشة رسم للأطفال للقديرة د.شويكار خليفة وغيرها. وهناك ملتقى فكرى هدفه الاهتمام بتنمية الانسان وتوجيه الحكومات إلى وضع التنمية الثقافية على رأس أولويات بنائه. وكان على رأس الملتقى مفكر كبير هو حلمى شعراوى وهو أحد القامات التى وهبت حياتها للدراسات الإفريقية. حتى النجوم الذين يختارهم المهرجان للتكريم أو للجان تحكيمه فهم يمثلون فكر اصحابه الراقى. فهم إما سينمائيين كبارا مثل سليمان سيسى من مالى وعميد السينما الإفريقية اليوم وأحد أشهر سينمائييها عالميا, أو نجوما مميزين مثل ليلى علوى ومحمود حميدة وأسر ياسين المعروفين بثقافتهم الكبيرة وأعمالهم المميزة. وجاء اختيار الكاتب د. مدحت العدل كرئيس شرف لهذه الدورة اختيارا موفقا وواعيا لما للرجل من موهبة كبيرة كسيناريست وشاعر وإعلامى وصاحب دور كبير فى مستقبل مصر. كون المهرجان ركز كذلك على الاحتفال بناصر ومانديلا. فهذا له معان كثيرة كذلك. فكلاهما من رموز التاريخ الحديث وكلاهما أسهم فى أن تتخلص القارة ممن يسرقون خيراتها ويعيقون تقدمها. ومن أكثر ما أثمنه كذلك فى المهرجان الجانب الفكرى له مثل الاهتمام بإصدار الكتب المتعمقة فى السينما والثقافة الإفريقيتين. وقد سعدت من قبل إصداره موسوعة السينما الإفريقية فى 100 عام ترجمة الزميلة سهير فهمى مدير تحرير الاهرام ابدو سابقا. وأصدر هذا العام كتابين عن تنوع الإبداع للسينما التسجيلية الإفريقية والرق والسينما والحرية فى سينما دول غرب افريقيا للناقد فاروق عبد الخالق احد مؤسسى المهرجان و أمينه العام. إن اقامة مهرجان كهذا فى مدينة الأقصر المصنفة من أهم مدن العالم و تمتلك كنوزا مبهرة من الآثار تقدر بثلث آثار العالم. لهو شىء مبهر واستراتيجى وراسخ ثقافيا. إن التوجه التنويرى لمهرجان الاقصر يستحق اكثر من التحية ويجعلنا نتسامح مع بعض أخطائه التنظيمية الصغيرة التى من المؤكد سيتلافاها ما دامت روح المهرجان بهذه القوة والعزيمة. وربما كل ذلك هو ما جعل المهرجان تهتم برعايته هذا العام العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة. لأنه مثال ناجح لمهرجان مستقل تقيمه مؤسسة مجتمع مدنى. الأطراف الجادة استشعرت جهده وجديته ولم تبخل عليه بالدعم وعلى رأسها قناة دى أم سى والبنك الاهلى المصرى وآخرون. لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف