أكتب إليكم عن «الشحوط».. هذه الكلمة التى تتردد كثيرا، وأشير فى هذا الصدد إلى ما يلى: { شحوط المراكب: ترددت كلمة الشحوط مرتبطة بالسياحة النهرية، وهى شحوط بعض المراكب والعبّارات السياحية بالتوقف فى عرض النهر بمنطقتى كوم امبو وإدفو نتيجة انخفاض منسوب مياه النهر بسبب السدة الشتوية، أو ما يعرف ب«موسم التحاريق» الذى واكب بناء السد العالى وتظهر فيه الجزر الرملية فى عرض النهر كعائق للملاحة مع عدم وجود أى لوحات إرشادية (أو شمندورات) تنبه لضحالة مياه النهر فى هذا الوقت من السنة وفى هذا المسار، وقد عزا بعض مدّعى المعرفة خطأ سبب هذا الانخفاض إلى سد النهضة، وهو تصور عار تماما من الصحة، وتناقلت وكالات الأنباء صور هذه السفن ومعاناة السياح عليها مما يسىء إلى السياحة فى مصر، وتلاومت وزارات السياحة والرى والزراعة حول من يتحمل مسئولية هذا الشحوط ومعالجته، ويبدو أن الأمر يحتاج للفتة رئاسية ودفعة من سلاح المهندسين، الذى يستطيع تكريك هذه الأجزاء فى بضع ساعات، بعد أن حفر قناة السويس الثانية بالكامل فى فترة وجيزة أشاد بها العالم كله، وإذا لم تتم معالجة هذا الشحوط فى هذا الوقت من العام سيبلغ مداه فى السنوات المقبلة. { شحوط التاكسى: مرة ثانية وفى أسوان أيضا فوجئ الدكتور مجدى يعقوب، شفاه الله، بشكوى من أهالى الأطفال المرضى القادمين لمركز القلب للعلاج من المحافظات بقيام سائقى التاكسى برفع تعريفة توصيل الأطفال المرضى وذويهم من المطار إلى المركز إلى الضعف، فى تصرف غريب وكأنهم يتلمسون أى فرصة للكسب على حساب المرضى، فاجتمع الدكتور مجدى مع المحافظ الذى اتفق بدوره مع مدير أمن أسوان على تحديد هذه التعريفة ب 80 جنيها لا غير، وهكذا تم القضاء على «شحوط التاكسى» فى أسوان. { شحوط الكوميديا: الكوميديا من لغات الحوار الراقى بين الشعوب وهى فن يشيع فى النفس البهجة والسرور، فإذا كان هادفا يعالج أوجاع الناس ويحض على التسامح والأخلاق الكريمة، اقترب من الكمال، ولكن بعض البرامج المصرية التى يفترض أنها كوميدية والتى تزدحم بها خريطة التليفزيون، خاصة فى رمضان، ودون كل كوميديا العالم التى تعتمد على «كوميديا الموقف» وأن الضيف المختار للمشاركة (وعادة ما يكون شخصية فنية أو محبوبة له قاعدة عريضة من جمهور المشاهدين)، فإنه يتعرض لنوع من الكوميديا السوداء على غرار «الكاميرا الخفية»، وهى أقرب لأفلام الرعب التى تصوره محبوسا فى مكان منعزل عن العالم، أو فى مواجهة حيوان مفترس، أو متعرض لزلزال والسقوط من عربة على حافة هاوية، وهو ما قد يعرض الضيف لمشكلات صحية لم يعمل لها البرنامج حسابا، أما إذا أخبره معد البرامج سلفا بما سيتعرض له لأصبحت تمثيلية هزلية تفتقد المتعة لأنها لا تنطلى بحال على المتفرج العادى (رغم المبالغ الطائلة التى ترصد لهذا العمل لكى يبدو طبيعيا). { شحوط الدراما: يبدو أنها ولت إلى غير رجعة خاصة فى شهر رمضان مسلسلات الدراما الدينية التى تربت عليها أجيالنا والتف حولها الصغار قبل الكبار، والتى كانت تحكى حياة الرسل صلوات الله عليهم وأخلاق الصحابة ومواقف الخلفاء الراشدين وزهد العارفين وقصص القرآن الكريم، وجميعها كانت تأخذ بشغاف القلوب، فبالإضافة إلى الحبكة الدرامية وعنصر التشويق فيما هو آت من أحداث، فإنها كانت تغرز فى النشء مبادئ الحق والصدق والإيمان والفضيلة والتسامح والأخذ بالأسباب والتوكل على الله، وللأسف حلت محلها دراما وسلوكيات التباهى والتفاخر بالأنساب والألقاب ومقومات الفهلوة والتربح وأكل حقوق الغير والأساسيات فى علم الإجرام والمعلمة والبلطجة!! ثم نسأل بملء الأفواه: أنّى لشبابنا هذا الكم من الإحباط والتطرف والإرهاب؟!. وإننى أدق ناقوس الخطر لرسم خريطة فكرية تليق وتحترم عقلية المصريين. د. محمود غزالى الأستاذ بجامعة أسوان