ربما حان الوقت الآن لنبدأ إنشاء متحف للخط العربى يليق بما تملكه مصر من كنوز أبدعها رواد على مر الزمن ، منهم شيخ الخطاطين محمود ابراهيم سلامة الذى رحل عن دنيانا مؤخرا ، وكان له باع طويل فى كتابة مانشيتات الصحف ، كما كتب المصحف الشريف بخط الثلث واختتم قبل رحيله بفترة قصيرة كتابة النسخة الأخيرة لتكون شاهدا على إبداع هذا الفنان الرائد الذى عاش 97 عاما لم يفارق ريشته وقلمه منذ كان يتعلم فى الكتَّاب ثم المدرسة الأولية، حتى اكتشف موهبته مدرس الخط بمدرسة معلمى القاهرة ، والذى أرشده إلى مدرسة تحسين الخطوط الملكية حيث صقل الموهبة بالتعلم على يد الرواد الأوائل.. أمثال محمود حسنى، وعلى بدوى، ورضوان، وغريب، ومصطفى غزلان، ومحمد على المكاوى وغيرهم.. وكان شيخ الخطاطين سيد إبراهيم مثله الأعلى، وقد شجعه على الحضور لمكتبه الخاص وهو فى طريقه إلى المدرسة، حيث أطلعه على أسرار فن الخط. ...................................... هنا يجب أن نتوقف قليلا أمام دور مدرس الخط الذى لا وجود له الآن ، وكأنه رفاهية يمكن الاستغناء عنها ، مع أنه ضرورة فقدناها ، فصارت خطوط الطلاب طلاسم ، ووأدنا موهبة الموهوبين بدلا من رعايتها ، أيضا تخلينا عن مدارس الخط العربى ، وكذلك لم يعد أحد يشجع طالبا على تحسين خطه ، ولا يطلعه على أسرار هذا الفن . نعود إلى شيخ الخطاطين الراحل محمود ابراهيم سلامة ومسيرته ، فقد حصل على شهادة المعلمين عام 1937 ، ونال دبلوم الخطوط 1939 ، وكان الأول على دفعته ، وفى سنة 1941 حصل على دبلوم التخصص والتذهيب، ثم حصل على الشهادة الابتدائية عام 1942 وكان الأول على منطقتى القاهرة والجيزة، وعمل مدرسًا بالمراحل الأولى ثم خطاطًا بمكتب النائب العام بوزارة العدل ثم استقال منها ليلتحق بجامعة فؤاد الأول جامعة القاهرة حتى حصل على حصل على بكالوريوس التجارة فى سنة 1952 ، وفى أثناء الدراسة مارس الخط الصحفى فى العديد من المجلات والصحف، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان يعمل رئيسًا لقسم الخط بجريدة الزمان، فالتحق بمجلة التحرير إلى أن تأسست جريدة الجمهورية 1953 فعمل بها ، وبجريدة الشعب رئيسًا لقسم الخط وسكرتير تحرير فنيًا، ثم نائبًا لمدير التحرير. كما أخرج الأعداد الأولى من «كتاب الجمهورية». ولم يكتف بالخط فقط بل مارس العمل الصحفى بألوانه فكتب فى كثير من الصحف والمجلات مقالات وتحقيقات وشارك فى تغطية ندوات فنية ، وعند مراجعة قانون نقابة الصحفيين تقدم صفوف المطالبين بالنص صراحة على قبول « المحرر الخطاط «عضوًا ، وبالفعل حصل على العضوية رقم 300 عام 1955 ، وكان يرى أن كتابة الخط وعناوين الصحف باليد أفضل ، بل وأسرع من الكمبيوتر الذى لا يملك روح الخطاط . وقد شارك فى ندوات للخط فى مصر والخارج منذ 1968 ، كما اشترك فى معارض جماعية ومنفردة منها معرض فى الأوبرا 1998 وقصر ثقافة الزقازيق، ومعارض الشارقة منذ 2001، وشارك فى لجنة التحكيم بها 2004، ودعى إليها كضيف شرف لملتقى الشارقة ، كما ألف الراحل سلسلة « الخط للجميع « فى سبعة كتب متتالية ، وواصل كتابة المصحف الشريف بخط النسخ عدة مرات، وكتب مصحفًا بخط الثلث مقاس 50 * 35، وكتب المصحف السادس قبل رحيله بشهور بخط الثلث 100*70سم . ونال سلامة إجازتين فى الخط العربى من تركيا على يد الشيخ حسن جلبى ، ليصبح بذلك شيخا للخطاطين على مستوى العالم أجمع ، وحصد العديد من الشهادات والجوائز منها جائزة الملك فاروق ودرع وزارة الثقافة وميدالية معرض قصر الفنون، وشهادة وميدالية ملتقى المدنية لخطاطى المصحف الشريف ، واختاره المخرج الراحل مصطفى العقاد لكتابة تترات فيلمى الرسالة، وعمر المختار.